هذه أبرز العوامل المؤثرة : المغرب إضافة كبيرة للترشيح المشترك لاحتضان المونديال

قلب التحاق المغرب بالملف الإسباني البرتغالي لاحتضان مونديال 2030، بدلا عن أوكرانيا، التي تعاني ويلات الحرب مع روسيا، الموازين فأصبحت الكفة راجحة لاحتضان هذه التظاهرة الكونية، التي ستحتفل بالذكرى المئوية لانطلاقتها أول مرة على أرض الأوروغواي سنة 1930.
وبات المغرب ثاني دولة عربية تحتضن المونديال بعد قطر، التي استضافت نسخة 2022، وثاني دولة أيضا على المستوى الإفريقي، التي نالت هذا الشرف بعد جنوب إفريقيا 2010، والتي نافسها بشراسة حتى آخر لحظة.
ويتوفر المغرب على مجموعة العوامل التي أثرت ومنحت الإضافة لهذا الترشيح، بالنظر إلى التجارب والخبرات التي اكتسبتها المملكة، من خلال احتضان تظاهرات كونية، وعلى مستوى كافة المجالات، وفي مقدمتها المناسبات الرياضية.

البعد الجغرافي والتاريخ المشترك

كان عامل القرب بين المغرب وإسبانيا والبرتغال مؤثر للغاية في الاختيار، فضلا عن الروابط التاريخية المشتركة بين هذه البلدان، والتي يحتفظ التاريخ بالكثير منها.
ورغم أن هذا العامل يظهر للوهلة الأولى على أنه ثانوي، إلا أنه بأهمية بالغة، لأن التموقع الجغرافي الاستثنائي للمغرب، يضعه في قلب العالم وليس في قلب أوروبا فحسب، الأمر الذي سيخلق سلاسة كبيرة في تنقل الجماهير بين المدن والملاعب المحتضنة للمباريات، بالإضافة إلى التوقيت الزمني، الذي يجعل بث المباريات في توقيت شبه موحد.
ويتوفر المغرب أيضا على طقس معتدل، يخلق فرصة أمام المشجعين لاكتشاف الطبيعة المغربية والإمكانيات السياحية التي يتوفر عليه، خاصة في ظل المجهودات الكبيرة التي تمت في هذا الشأن، وكذا الاستمتاع ببطولة استثنائية بكل المقاييس.

تجارب متعددة في احتضان البطولات

لقد سبق للمغرب أن استضاف العديد من الأحداث الكروية، عالميا وقاريا، وخرج منها برأس مرفوعة بشهادة أسرة كرة القدم العالمية، رغم أن احتضان المونديال ظل حلما طارده المغاربة لأزيد من ثلاثة عقود.
واحتضن المغرب بطولة العالم للأندية ثلاث مرات، وقدم صورة مشرفة على حسن التنظيم والضيافة، حيث أقيمت المرة الأولى سنة 2013، وظفر بها بايرن ميونيخ الألماني، لكن فريق الرجاء البيضاوي قدم خلالها صورة رائعة، بعدما ساهم بلوغه المباراة النهائية في تقديم دورة استثنائية، عاشت معها مدينتا مراكش وأكادير أجواء حماسية، فيما كانت المرة الثانية سنة 2014، والنسخة الأخيرة سنة 2022 وعاد لقبها لريال مدريد.
وحظي المغرب بشرف تنظيم بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين في مناسبتين، وأيضا بطولة أمم إفريقيا للإناث، وكانت أحسن دورة على الإطلاق بشهادة رئيس الكاف، الذي أبهره الحضور الجماهيري والشغف المغربي بكرة القدم، كما نال خلال الأسبوع الماضي شرف احتضان نهائيات أمم إفريقيا، لسنة 2025، بعدما تقدم مرشحا وحيدا، وحاز على إجماع اتحادات إفريقيا، التي وضعت ثقتها في قدراته لتقديم بطولة جيدة، وتحضير نفسه لمونديال 2030.

تجربة في الترشيح لاحتضان المونديال

بعد خمس محاولات لم تكلل بالنجاح، حرمت في كثير منها التحالفات والكواليس المغرب من فرصة الحصول على شرف احتضان المونديال، رغم أنه كان فيها معادلة صعبة، وخرج برأس مرفوعة، حصل أخيرا على هذه الفرصة، وبإجماع أعضاء مجلس الفيفا.
لقد كان المغرب قريبا من الحصول على هذه الفرصة سنة 2010، ونافس جنوب إفريقيا حتى آخر لحظة، حيث خسر السباق في النهاية بفارق أربعة أصوات فقط.
وبالرغم من أنه لم يحصل على ثقة المنتظم الكروي الدولي، إلا أن المغرب قرر إنجاز الكثير من المنشئات التي كانت مدرجة في ملفات الترشيح، وفي مقدمتها ملاعب مراكش وطنجة وأكادير، والقطار فائق السرعة بين الرباط وطنجة، في انتظار إنجاز خطين يربطان العاصمة الاقتصادية بكل من أكادير ووجدة، كما طور بنيات الاستقبال السياحية، والشبكة الطرقية، حيث بات الطريق السيار يربط الكثير من المدن، فضلا عن تحسين قطاع الاتصالات.

بنيات رياضية محترمة

يخطط المغرب لتجويد منشآته الرياضية، من خلال بناء ملاعب جديدة وإصلاح أخرى، كي يكون جاهزا لاستقبال أمم إفريقيا 2025.
وبالفعل يتواجد حاليا مجمع الأمير مولاي عبد لله بالرباط وملعب طنجة الكبير قيد الإصلاح، في انتظار بدء الأشغال مطلع الشهر المقبل بمركب محمد الخامس بالدار البيضاء، وبعدها ملعب أكادير وفاس مراكش من أجل تأهيلها لنهائيات أمم إفريقيا 2025، لكن مع ذلك يتضمن المشروع المغربي ملاعب أخرى سيتم إنجازها لموعد 2030.
لقد كان ملف الترشيح لاحتضان مونديال 2026 يتضمن إنشاء ملعب كبير بمدينة الدار البيضاء، بسعة تصل 93 ألف متفرج، ومن المحتمل أن يكون جاهزا في سنة 2025، كما يتوقع أن تتم إعادة تأهيل ملعب وجدة لتصبح طاقته الاستيعابية 45 ألف متفرج، وملعب مكناس ليكون قبلة لـ 35 ألف متفرج، وإنشاء ملعب جديد بالناظور بسعة 46 ألف مناصر وتوسيع ملعب الجديدة لترتفع سعته إلى 46 ألف متفرج وآخر في ورزازات بطاقة استيعابية لـ 46 ألف متفرج.

إنجاز 2022 رسالة مغربية
إلى كل العالم

قدم المغرب على مدار التاريخ نفسه بقوة، ولاسيما في التظاهرات الكبرى، حيث سجل اسمه بمداد الفخر في الألعاب الأولمبية من خلال إنجازات أبطاله، وكذا في نهائيات كأس العالم، حيث كان أول بلد إفريقي يبلغ النهائيات في مكسيكو 1970، وكان حمان رحمه الله أول عربي وإفريقي يوقع هدفا في نهائيات كأس العالم، كما أضحى أول منتخب عربي وإفريقي يبلغ الدور الثاني، بعد أدائه الرفيع في دورة المكسيك سنة 1986، عقب تصدر مجموعته متقدما على أقوى المنتخبات العالمية (إنجلترا والبرتغال وبولندا)، وفي دورة 2022 بقطر، نفث المنتخب الوطني المغربي سحره على الجميع، وخلق الاستثناء، وحاز تعاطف الكون، بعدما صار أول منتخب عربي وإفريقي يبلغ نصف النهائي. وعلى المدرجات كانت الجماهير المغربية في وجه الحدث، وتركب بصمتها، وحظيت بإعجاب العالم، بعدما صنفت ضمن خانة أحسن الجماهير العالمية، بعدما حولت ملاعب وساحات قطر إلى فضاءات للفرجة والاحتفال.


الكاتب : إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 06/10/2023