بالصدى: حليب للعيش

وحيد مبارك

تواصل بلادنا رغم كل الظروف الصعبة التي تسبب فيها الجفاف بشكل مباشر أو التي ساهمت فيها عوامل أخرى عابرة، في تعبئة كل الجهود والإمكانيات، من أجل التخفيف من وقعها وتداعياتها، والحفاظ على الأمن الغذائي للمغاربة، حتى تظل احتياجاتهم في متناولهم، ومنها التدابير التي تم اتخاذها من أجل توفير مادة الحليب، الذي ظل حاضرا خلال كل السنوات الأخيرة، شأنه شأن باقي المنتجات الحليبية، عند أصحاب البقالة، وفي أروقة المراكز التجارية، الصغرى والمتوسطة والكبرى، خلافا لما عرفته العديد من الدول الأخرى، ومنها المجاورة لنا.
حليب استمر في الحضور، رغم كل التحديات، بفضل التدابير والإجراءات، التي جاءت تنفيذا للتعليمات الملكية، للتخفيف من آثار النقص الكبير في التساقطات المطرية، والتي من بينها ما تم تسطيره في إطار الموسم الفلاحي 2023 – 2024، الذي أعطيت انطلاقته الرسمية في 20 أكتوبر 2023 من طرف وزير الفلاحة والصيد البحري  والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، على مستوى جماعة سيدي محمد بن رحال – إقليم سطات، بجهة الدارالبيضاء سطات. هذه الخطوات التي تندرج في إطار الجهود المبذولة لتنزيل استراتيجية الجيل الأخضر 2020 – 2030، تعددت صورها وتفاصيلها، وكان من بينها التأكيد على ضرورة الاستمرار في دعم السلاسل الحيوانية بتوزيع الشعير المدعم والأعلاف المركبة لمربي الأبقار بسعر درهمين للكيلوغرام الواحد و 2.5 درهم على التوالي، في حدود 18 مليون قنطار من الشعير، و 6 ملايين قنطار من مواد الأعلاف المركبة.
تدابير وإجراءات رسمية شملت كذلك استثمار 12.13 مليار درهم لرفع إنتاج الحليب إلى 3.5 مليار لتر في أفق 2030، أي بزيادة مليار لتر مقارنة مع ما تأتى بلوغه وتسجيله في متم 2020، وإن كان الهدف الذي جرى تسطيره لهذه السنة كان قد حُدّد في 4 ملايير، حيث وبناء على عقد البرنامج 2021 – 2030 المبرم بين الحكومة، في شخص وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزارة الصناعة والتجارة، والفيدرالية البيمهنية لسلسلة الحليب، ومجموعة القرض الفلاحي، ستساهم الدولة بـ 3.31 مليار درهم، إلى جانب مساهمة المهنيين بـ 8.82 مليار درهم.
إجراءات تكشف الأهمية الكبرى التي يحظى بها قطاع الفلاحة بشكل عام، والشق المتعلق بتربية الأبقار الحلوب وتطوير سلسلة إنتاج الحليب بشكل خاص، التي تقوم على البرامج المسطّرة التي تهدف إلى تحسين الشروط الإطار، وتحديث الأجهزة المؤسساتية والتشريعية والقانونية التي تنظم هذا النشاط، وتعمل على تعزيز جاذبية المملكة بالنسبة للمستثمرين المغاربة والأجانب، دون إغفال إحدى الركائز الأساسية في هذه المنظومة التي تتمثل في عزيمة الفلاحين وتضامنهم، خاصة الصغار منهم، للاستمرار في هذا النشاط، في ظل الإكراهات التي تحيط بهم وتتهددهم، خلافا للفلاحين الكبار الذين تختلف وضعياتهم عنهم بكثير.
وبحسب الأرقام التي تتوفر على الموقع الرسمي للوزارة الوصية على القطاع، فإن سلسلة الحليب تلبي حوالي 96 في المائة من الاحتياجات الوطنية، وتشير خارطة توزيع رؤوس الأبقار وإنتاج الحليب على امتداد جهات المملكة، والتي تخص سنة 2019، أن السلالات الأصلية للأبقار تنتج 4200 لتر من الحليب في السنة، وبلغت القيمة المضافة خلال تلك السنة 4022 مليار درهم، وساهم هذا الأمر في توفير 48.7 مليون يوم عمل، مع تسجيل 260 ألف منتج. وإذا كانت هذه الجهود المسجلة تضمن استمرار الثروة الحيوانية على مستوى اللحوم الحمراء ومن خلالها مادة الحليب، مع الأخذ بعين الاعتبار التراجع الذي تم تسجيله في هذا الباب، وتشكل قيمة نوعية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، فإن عقلنة البرامج المسطرة والعمل على التقييم المستمر لها يبقى ضرورة أساسية من أجل القيام بكل التغييرات الضرورية خلال المراحل الزمنية لتنزيلها من أجل بلوغ الأهداف المنشودة.

 

الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 18/03/2024

التعليقات مغلقة.