حرب وإرهاب وانتخابات

عبد الحميد جماهري

يحمل الهجوم على موسكو بالطريقة التي وقع بها وخلف أزيد من 130 قتيلا، رسائل عديدة، وتوقيعات مبهمة. فالهجوم الإرهابي على أناس في حالة احتفال وفي فضاء منذور للموسيقى، يذكر في أدق تفاصيله بالهجوم على باطاكلان في فرنسا، فبنفس الأسلحة والتكتيك والشراسة والعتاد ، تمت تصفية أناس في زمان مفروض أنه خارج الدم.
ولعل الروس رأوا فيه أن الإرهابيين أرادوا أن ينغصوا على رئيسهم انتخابه على رأس الدولة للمرة الخامسة، وقد سارعوا إلى ذلك بطريقة تضرب صورة الرئيس القوي، الذي عاد على ظهر الصناديق ليقود دولة في حرب.
وعلى ذكر الحرب، فهي الحدث الأكبر منذ سنتين، وقد طالت أكثر من اللازم ولا يبدو أن أحدا سيستطيع الحسم فيها. لكن الرئيس بوتين سيشعر بأن الهجوم يضعف حربه على أوكرانيا، وأن العدو هنا بثلاثة وجوه:
العدو الذي يوجد أمامه، وقد نفى أية علاقة له بالحادثة…
العدو الذي يسعى إلى إضعافه والتنكيل بصورته كما يريد أن يقدمها للروس، وهي صورة رئيس حديث لا يستطيع الحفاظ عليهم في حربية واحدة ضد الإرهاب والتخريب ضد الغرب وفي مقدمته أوكرانيا، وعدو ثالث هو: التساهل، الذي يترجمه السؤال الاستنكاري التالي: كيف يقع ما يقع في بلاد تخوض حربا واسعة النطاق، ويمكن أن يتسلل الأجانب إلى العاصمة ويقتلون أبناءها وغير أبنائها؟
لن يغفر بوتين للمسؤولين، ولكنه سيظل يتعقب الظلال والأشباح في محاولة لرسم بورتريه روبو لمن يقف وراء الآمر بالإرهاب..
في الحالة هاته سيكون من المنطقي الشروع في تحديد مساهمة دولة »داعش«، وفي فرعها الأفغاني الذي يسمى خرسان، الاسم القديم لأفغانستان، وهو فرع عرف بقوة تنظيمه وارتباطه بالمركز الداعشي في العراق وسوريا، ولعله استطاع إعادة بناء نفسه بعد أن جف منبعه في دول الرافدين، وتحرر في المكان وإن ظل مرتبطا بزمن الخلافة فيهما. ولعله أيضا قابل للتوظيف والتسخير من أي قوة قادرة على اللعب في منطقة حرجة للغاية غير منطقة شرق آسيا وفي قلب الشرق الأدنى.. وهذه المجموعة الأكثر عدوانية حسب الدارسين «تعمل على توسعها في آسيا الوسطى وروسيا»، مع إطلاق «وسائل إعلام ناطقة بالروسية لتعزيز دعمها والتحريض على العنف في البلاد».
ويبقى في السياق ذاته أن التحالف الدولي ضد داعش، الذي احتضنه المغرب في مراكش، الأول فوق تراب إفريقي، على رأس الأجندة الدولية، بعد أن توارى الحديث عنه عن قصد أو غير قصد ..
ولعل روسيا معنية بهذه المنصة بشكل أكبر بعد أن تأسست لدى داعش خراسان وحدة مؤسسية مسؤولة عن العمليات الخارجية تستهدف روسيا منذ 2019 على الأقل…

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 25/03/2024

التعليقات مغلقة.