7 مخاوف أمنية تقرب فرنسا من المغرب؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

اعتادت الصحافة أن تعتبره »الوزير الأكثر انتماء إلى الجزائر وسط حكومة ماكرون ونخبته، وهو توصيف يتجاوز، ولا شك، الاعتداد الروحي لأحد أبناء المهاجرين، الذي كان جده موسى وكيد جنديا من الرماة داخل الجيش الفرنسي.
ولطالما كان هذا الماضي الموروث جينيا موضوع مساءلات مؤسساتية داخل البناء السياسي الفرنسي، كما حدث له أمام الغرفة الثانية التي استدعته بخصوص ما عرف وقتها »بالتغلغل الطائفي«، الذي يشكل موضوع قلق لدى الداخلية والنظام الجمهوري.
ولطالما دافعت عنه الذراع الإعلامية وبروباغندا النظام، كلما تعرض للمساءلة، باعتبار أن كل ذلك مؤامرة ضده لأنه ابن جندي جزائري…
وذهبت “الجزائر باطرويوتيك” إلى حد اعتبار. أنه تعرض لمؤامرة وهجوم منسق لأنه» كان أول وزير داخلية فرنسي جده جزائري، وهو أول وزير داخلي قام بتكريم ذكرى الشهداء في حرب التحرير«. في مستغانم التي زار مقبرتها.
في حين كان ذلك بالنسبة لنفس اليومية مرجعية جزائرية لحفيد المهاجر الجزائري دارمانان، الذي أصبح وزيرا من طينة خاصة، ونحن لا ننكر أننا تابعناه بغير قليل من القلق على الضفة المغربية.
بيد أن أربع سنوات على رأس وزارة معرضة لاهتزازات قوية، كلما تغير الطقس في الشرق الأوسط أو في شمال إفريقيا أو تغيرت أمزجة الشعوب في دول الساحل، جعلت من الوزير مسؤولا يقرأ الأوضاع بغير النظرة الأولى التي تحكمت في الولاية الأولى للرئيس إيمانويل ماكرون.
في زيارته الحالية إلى المغرب، الذي غادره أول أمس الاثنين، كانت اللغة الغالبة على تصريحاته، من طرف واحد، : الإشادة والاعتراف بما قدمه ويقدمه وما سيقدمه المغرب من أسباب الطمأنينة والاستقرار .
1ـ فهو يؤكد بلا لبس، بأن المغرب يجعل بلاده أكثر أمنا.
هكذا قال: “لولا مصالح الاستخبارات المغربية، لكانت فرنسا أكثر تضررا”.
. “لولا أصدقاؤنا المغاربة والعمل المتميز الذي تقوم به الشرطة القضائية المغربية، لكانت فرنسا في خطر أكثر مما هي عليه” والسبب في ذلك هو »التوقيفات التي نفذها المغرب استجابة للطلبات المقدمة من قبل فرنسا، والتي تعكس الفعالية الكبرى للشرطة المغربية.
2ـ هو كذلك شكر الأجهزة المغربية نفسها على العمل الهام الذي تقوم به مع المديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسي والأجهزة الفرنسية».
وهو ما يعيد إلى الأذهان الزيارتين الرفيعتين اللتين قام بهما كل من نيكولا لاينر، المدير العام للأمن الداخلي، وفريديريك فو، المدير العام للشرطة الوطنية الفرنسية واستقبالهما من طرف عبد اللطيف حموشي.
وكلتاهما كانتا دليلا على إقرار قادة فرنسا بكون المغرب » شريك جدي وموثوق فيه في عمليات حفظ الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي».
ويبدو واضحا أن مخاوف فرنسا قريبة ومتوسطة المدى، بما فيها على لائحة الترتيب، الألعاب الأولمبية التي ستحتضنها باريس في الصيف القادم.. ومن هنا نصل إلى التخوف الموالي .
3ـ فرنسا ستحتاج إلى المورد الأمني البشري، حيث طلبت تعاون المغرب لتأمين الأولمبياد، حيث يرتقب أن يدعم رجال الأمن المغاربة زملاءهم الفرنسيين.
-4 فرنسا في حاجة إلى خبراء متفجرات مغاربة، لدعم قوات الأمن الفرنسية، في هاته المناسبة.
5ـ مخاوف فرنسا الداعمة، التي جعلت الوزير يعترف بفضل بلادنا على بلاده، تتجاوز المخاوف المناسباتية ذات الصلة بتظاهرة رياضية، قد تغري بالأعمال الإرهابية إلى ما هو أبعد من ذلك، أي مكافحة الإرهاب على طول الوقت.
وهنا أيضا يبدو أن فرنسا في حاجة» إلى الحصول على معلومات الأصدقاء المغاربة حول المخاطر التي تخترق شريط الساحل والصحراء”.
وهو ما يكشف معطى عميقا، هو أن فرنسا التي »توترت علاقاتها مع بلدان منطقة الساحل الإفريقي في الفترة الأخيرة، عقب سلسلة من الانقلابات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر» باتت بلا بنك معلومات وبلا خبر من منطقة ذات حساسية مفرطة من جهة الإرهاب ومنظماته. وعليه فالمغرب هو الذي يضمن المعلومة الأمنية لحماية فرنسا من أي مخططات ذات طبيعة إرهابية قد تستهدفها..
6- بالنسبة لوزير جعل من إشكالية الهجرة حصان معركة، يعتبر تصريحه حول الموضوع( “المغرب شريك أساسي في التدبير المتوازن لحركية الأشخاص”.) دليل على الخيار المغربي في المواجهة، لا سيما وأن بلده المفضل أعطى صورة لاإنسانية في ترحيل النيجيريين..وهو الذي سبق له أن اقترف خطيئة تحديد وتقليص عدد الفيزات لفائدة المغرب وأراد إهانة نخبته وشعبه..
كما يأتي إقراره بأن ( المغرب يضطلع، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بدور رائد في معالجة قضية الهجرة ) وحرصه على (استئناف التعاون الثنائي بشكل فعال في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، والمساعدة على الهجرة الشرعية.) اصطفافا واضحا إلى جانب المقاربة المغربية بعد أن ظل الهاجس الأمني والسياسي هو المتحكم في رؤية فرنسا..
7ـ الفزاعة السابعة التي تدفع فرنسا دفعا إلى السياج المغربي، بعد الذي تابعناه من محاولة النيل من الأجهزة المغربية المكلفة (أكاد أقول دوليا ) بمتابعة الموضوع، هو الجريمة المنظمة من تهريب واتجار في البشر وجرائم سبرنيتيقية، وكان الوزير واضحا في الموضوع لما شدد على مكافحة المخدرات، والشبكات الإرهابية والجريمة…
طبعا لهذه الترتيبات ما يجعلها ذات مستقبل مغاير، تم استحضاره في التصريحات والتحركات الفرنسية. كما أن التغيرات التي تحصل اليوم، يتابعها المغرب بالكثير من التروي والدقة، مع ميل واضح إلى تفعيل المتفق عليه وتنشيط المشتركات الثنائية، بدلا من الاحتفالية البلاغية. لاسيما مع ما سيرافق ذلك من تطورات بفعل ما يحصل في الشرق الأوسط، مجال الخبرة المغربية أمنيا وجيوسياسيا وروحيا.

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 24/04/2024

التعليقات مغلقة.