سالم شواطة:لا استقرار في الإبداع..

 

استعدادا للمعرض الفردي الذي يعتزم تنظيمه، بعد تجاوز وباء كورونا ، كوفيد 19، الذي فرض على قاعات العرض التوقف لمدة، يواصل الفنان التشكيلي سالم شواطة الاشتغال بمرسمه، مواصلا بذلك بحثه المسترسل على صيغ تعبيرية جديدة في مجال فن الصباغة الذي أصبح اهتمامه به يزداد بشكل مؤكد وملموس، الأمر الذي يدركه بيسر كبير كل متلق أُتيحت له فرصة الاضطلاع على جديد أعماله.
منذ بداياته الأولى في التعاطي مع السناد، بمختلف أنواعه وأشكاله و أحجامه، عودنا هذا الفنان، المفتخر بعصاميته، على قدرة كبيرة على تجاوز ذاته المبدعة؛ إذ أنه لا يستقر على أسلوب تعبيري أو صيغة صباغية، لأنه سرعان ما يقلع عنهما بحثا عن أساليب وصيغ أخرى. ونكتشف، في ما أبدعه في الآونة الأخيرة، نقدا واضحا ومعلنا للمجتمعات الاستهلاكية، منتقيا لذلك وجه المرأة كما لو كانت مرآة اختارها لتقريبنا من ذواتنا التي لا يزيدها استهلاك ما ينتجه / يبدعه الآخر إلا تشوها وقُبحا. الأشكال هنا لا تكتمل والألوان تتضارب، وكل ذلك عن قصد، لأن الفنان يثير لدينا نوعا من النفور والاشمئزاز، الذي يتحول إلى صراخ؛ هذا الصراخ نفسه لا يتم هنا بالوسائط المألوفة، أي عن طريق الفم وبواسطته، فالفم عنده يكاد يبدو مغلقا، ما يجعل العيون تقوم مقامه لتصرخ بدله، ويجعل بالتالي الصرخة تخترق الذات المتلقية وتستقر بها لجعل سؤال الـ « كيف « و سؤال الـ « لماذا « يظل قائما يطرح نفسه بقوة وعلى الدوام.
نحن إذن أمام منجز إبداعي أوله قلق وآخره قلق، وبهذا يكون الفنان أفلح في وصف الحالة التي يعيشها، عن وعي أو دونه، إنسان المجتمعات الاستهلاكية، التابعة والخاضعة شاءت أم أبت. وما يزيد عمل / صرخة سالم شواطة قوة وإلحاحا، ألوانها الصارخة من خلال توظيفه تركيبة نادرا ما يلجأ الفنانون التشكيليون إلى المزاوجة بينها في العمل الواحد؛ وهذه أيضا واحدة من نقط التميز التي تحتسب لصالح هذا الفنان، وهي ميزة لا يمكن أن تتحقق إلا نتيجة بحث شاق ومسترسل وشجاعة وجرأة كبيرتين في اختيار الألوان.
إن سالم شواطة واحد من الفنانين القلائل الذين تنطبق فيهم وعليهم قاعدة: المضمون الجيد يفرض الشكل الجيد.


الكاتب : سعيد رباعي

  

بتاريخ : 19/10/2020

أخبار مرتبطة

  ” أيها الطفل الذي كنتُ، تقدم ما الذي يجمعنا، الآن وماذا سنقول؟” أدونيس هل يمكن لأي كتابة إبداعية أن

تعززت المكتبة الوطنية بإصدار جديد تحت عنوان ” محمد الحيحي… ذاكرة حياة ” من تأليف مشترك للفاعل المدني والحقوقي ذ.

تنظم مؤسسة الملك عبد العزيز للدراسات الإسلامية والعلوم الانسانية “آل سعود” بالدار البيضاء ،في إطار برنامجها الثقافي “كتاب ومؤلف” لهذه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *