في الذكرى الستين لتأسيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية 

 محمد بنسعيد: قريبا سيتم الإعلان عن ميثاق اجتماعي إيجابي

عبدالله البقالي: ندافع دون كلل عن المصالح المادية والمعنوية لكل الصحافيين

 

عرف حفل تخليد الذكرى الستين للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، المنعقد بمسرح محمد الخامس بالرباط، أول أمس الأربعاء، حضورا وازنا للصحافيين والإعلاميين المغاربة، والمؤسسين ومدراء النشر بالإضافة إلى المجلس الوطني للصحافة ومجموعة من الشخصيات من عالم السياسة والفن أيضا .
الحفل تميز بكلمة النقابة الوطنية للصحافة المغربية، التي ألقاها رئيسها عبد لله البقالي، الذي أكد أن ميلاد هذه المنظمة الوطنية والديموقراطية والمهنية لم يكن انعكاسا فقط لحاجة الصحافيات والصحافيين الرواد لأداة تنظيمية تدافع عن حقوقهم، وتترجم مطالبهم، بل كان الميلاد كذلك صرخة من جيل وطني كان يطمح لاستكمال مفردات وعناصر الاستقلال الوطني التام، الذي يعني التحرر من كل التبعات الكولونيالية، والتأسيس لعناوين السيادة الوطنية في القرار السياسي والاقتصادي والثقافي والقضائي والإعلامي.
وشدد عبد لله البقالي على أن يوم 25 يناير 1963، سيظل لحظة مفصلية في تاريخ الصحافة المغربية، وفي تاريخ البلد ككل، وهو يتلمس طريقه نحو تشييد أسس صحافة وطنية تربط الإعلام بسؤالي التحرر والديموقراطية، صحافة تنزع عنها كل ما علق بها من مخلفات الاستعمار، صحافة تساهم في تنوير الرأي العام في زمن قلت فيه مصادر المعلومة، وكانت السلطة بدورها تعمل بدأب على تسييج ومحاصرة حرية الرأي والتعبير.
وبفضل نضالات النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وصمود جيل الرواد من الصحافيات والصحافيين الذين كانوا يشتغلون في ظروف مهنية وأمنية وسياسية صعبة، ودعم القوى الوطنية والديموقراطية رغم صعوبة المرحلة وقتها، يقول البقالي، تم إلغاء صحافة «ماس» سنة 1970، والتي كانت واحدة من عناوين إصرار المستعمر السابق على إبقاء ذيوله لحراسة مشروعه في استدامة التبعية، ورفع الرقابة القبلية نهائيا عن الصحف سنة 1977، وربما لا يعرف الكثيرون من جيل الشباب اليوم من الصحافيات والصحافيين أن الإذن قبل هذا التاريخ بتوزيع كل عدد من أي صحيفة كان يتطلب ترخيصا من الرقيب بعد الاطلاع على كل مواد العدد كاملة، وتظل النسخ في المطبعة تنتظر ذلك الترخيص وسط ترقب وقلق يوميين.
النقابة الوطنية للصحافة المغربية، يضيف البقالي، راكمت تاريخا من النضالات، قدمت فيه شهداء ومعتقلي رأي ومنفيين قسريا، وكانت واحدة من أدوات النضال الديموقراطي الوطني في زمن مضى، كان يعرف انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وإحكام القبضة الأمنية على كل منافذ المعلومة والخبر والنشر والتوزيع، واستفادت كذلك من الانفتاح الذي عرفته بلادنا، ومن توسيع هوامش الحريات والحقوق، فتطورت أفقيا وعموديا، وانخرطت في هياكلها أجيال جديدة بدأت مسارها المهني في ظروف أكثر انفتاحا وديموقراطية، وأقل تضييقا على حرية الرأي والتعبير والنشر والتوزيع، ممتلكة لمهارات مهنية متطورة مستفيدة من التحولات الرقمية والتكنولوجية، وهذا الالتقاء بين الأجيال والتجارب والآفاق هو ما حصن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وجعلها تحافظ على صرحها باعتباره بيتا لكل الصحافيات والصحافيين.
ولم يقتصر إشعاع النقابة الوطنية للصحافة المغربية على الجغرافية الوطنية، بل هي حاضرة بقوة في كل التمثيليات المهنية الإقليمية والدولية المعتبرة، ولذلك لم يكن مستغربا أن يتم انتخاب رئيسها السابق الزميل يونس مجاهد رئيسا للفيديرالية الدولية للصحافيين.
بعد كل هذه السنين والتجارب، وقد اشتد عود النقابة الوطنية للصحافة المغربية، يقول، لم تقطع النقابة الحبل السري مع لحظة المخاض الوطني، ولذلك انتدبت نفسها للدفاع عن مصالح الوطن العليا، عبر التصدي لأي هجمات مخدومة تروم تشويه سمعة الوطن بتحريف وقائع عن سياقاتها، وبالمبالغة في تضخيم ملفات مخصوصة، وهي في ذلك تتقفى خطى الرواد المؤسسين الذين كانوا يفرقون بين التناقضات الرئيسية والتناقضات الثانوية، ولم تكن التناقضات الرئيسية أمس واليوم إلا مع القوى الخارجية التي لم تتخلص بعد من نظرتها الاستعمارية وسياساتها الإلحاقية.
وشدد البقالي على أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، ستستمر في الدفاع دون كلل عن المصالح المادية والمعنوية لكل العاملات والعاملين في مهن الصحافة والإعلام، وستستمر في ترافعها ونضالاتها من أجل تجويد النصوص القانونية التي لها علاقة بالمهنة وحرية الرأي، وستتصدى بدون هوادة أو تنازلات لأي انتهاك قد يطال حقوق الصحافيات والصحافيين أو يضيق على حرية ممارستهم لعملهم في انضباط لأخلاقيات المهنة.
وبالعزم نفسه ستظل نقابة وطنية مدافعة عن مصالح الوطن وإشعاعه وسيادته، وفي هذا السياق ذكر أن قضايا كثيرة لا تزال مطروحة ضمن جدول أعمال النضال النقابي لنقابتنا وللقوى السياسية والحقوقية الوطنية.
فإذا كان من الصعب أن ننكر أهمية المكاسب التي راكمها المشهد الإعلامي الوطني طيلة السنين الماضية من عمر مسار طويل وشاق ومكلف، فإن حتمية التطور تفرض مزيدا من تكثيف الجهود بما يكفي من شجاعة وجرأة لمواجهة التحديات التي أفرزتها التطورات، إن على المستوى السياسي والحقوقي لتوفير مزيد من الحصانة لحرية الصحافة والتعبير والنشر، وتحقيق انفراج كامل، أو على مستوى ما تترتب عن التطورات التكنولوجية الهائلة التي عرفها قطاع الإعلام والتي أفرزت إشكاليات جديدة في ما يخص أخلاقيات المهنة وضمان كرامة الصحافي والصحافية المغربية في ممارسة المهنة في ظل ظروف الثقة والاطمئنان والكرامة.
وأكد عبد لله البقالي باسم النقابة، الالتزام الكامل والمطلق بمواصلة العمل، أولا حفاظا على الموروث النضالي للنقابة الذي خلفه الرواد، والذي تعتبره النقابة، مسؤولية جسيمة ملقاة على عاتقها، والدفاع عن حماية حرية الصحافة والتعبير والنشر وعن المصالح والحقوق المادية والمهنية لجميع الصحافيين والصحافيات المغاربة.
إعلام قوي بوضعيته الاعتبارية، من خلال شروطه الاجتماعية للسماح بممارسة المهنة، كما قال سعيد كوبريت، الذي قام بتقديم فقرات هذا الحفل، مذكرا بالنواة الأولى لميلاد النقابة، حيث كانت تتويجا لفكرة سياسية، قبل أن تتحول إلى فكرة مجتمعية، كان ذلك مضمون التقديم، الذي جعل وزير الشباب والثقافة والتواصل، يؤكد على التطور الملموس لحرية التعبير والصحافة.
وذكر الوزير بنسعيد بكون الصحافة هي أخلاق، مستحضرا في هذا الباب، الصراع مع بعض الجيران.
وشدد بنسعيد في كلمته على أن الصحافة واجبات وحقوق، لذلك يقول إن الوزارة من خلال النقاش مع النقابة، مع تحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية للعاملين بالقطاع الإعلامي، مشيرا إلى أنه في الأسابيع القليلة المقبلة، إن لم تكن الأيام القليلة المقبلة، سيتم الإعلان الرسمي عن ميثاق اجتماعي إيجابي حسب وصفه، وذلك لأن البلد يعول على صحافته وإعلامه لمواجهة التحديات الخارجية.
وكشف أن الوزارة والحكومة تبذلان مجهودا لدعم المقاولات، وهي الاتفاقية التي تهم الصحافيات والصحافيين ومن خلالهم المواطنات والمواطنين.


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 27/01/2023