أحمد تينوبو الذي وعد بأن تصبح نيجيريا «أمة قوية كالمغرب» يفوز بالانتخابات الرئاسية

“يمكننا أن نبني دولة قوية مثل المغرب”.. بعد عام عن جملته هذه، التي ألقاها عند فوزه في الانتخابات التمهيدية الرئاسية النيجيرية لسنة 2022، في خطاب أمام “مؤتمر جميع التقدميين” (APC)، ومباشرة بعد تصدر الحزب الحاكم لها، تمكن حاكم ولاية “لاغوس” السابق، “بولا أحمد تينوبو”، من الفوز في الانتخابات الرئاسية النيجيرية يوم السبت الماضي، بعد تصدره نتائج الاقتراع أمام كل من “أتيكو أبو بكر” من “حزب الشعوب الديمقراطي”، و”بيتر أوبي” من حزب العمل، و”رابيو كوانكواسو” من “حزب الشعب النيجيري الجديد”، في سباق انتخابي كان متقاربا جدا مع مرشح الحزب الثالث “بيتر أوبي” الذي يتحدى الهيمنة التقليدية ل”حزب المؤتمر الشعبي” العام الحاكم و”حزب الشعب الديمقراطي” المعارض الرئيسي.
للتذكير، توجه النيجيريون إلى “صناديق الاقتراع” في 25 فبراير 2023 لانتخاب “رئيس جديد” و”نائب رئيس” و قرابة 109 أعضاء في “مجلس الشيوخ” و 360 عضوا في “مجلس النواب الفيدرالي”، مع التذكير أن هذه الانتخابات شهدت تقدم 18 حزبا سياسيا بمرشحين لمختلف المناصب.
تعتبر انتخابات سنة 2023 في نيجيريا السابعة منذ أن بدأت الموجة الحالية من “الديمقراطية الليبرالية” في عام 1999. في السنوات ال 24 الماضية، شهدت “الديمقراطية” في “نيجيريا” بعض التقدم الذي رافقه غير قليل من التحديات، والتي غالبا ما تؤثر على الطريقة التي يتفاعل بها الناخبون مع “صناديق الاقتراع”، والتي قد تستند، في بعض الأحيان، لعوامل “العرق” و”الدين” و”المال” و”التاريخ” و”انعدام الأمن” لكونها من محركات الاقتراع الذي تلعب دورا مهما عندما ينتخب الناخبون “المجموعة التالية” من القادة، كما كتب “أديجوون سوينكا” ل “The Conversation”.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، طغت الاحتجاجات العنيفة في أجزاء من البلاد بسبب ندرة السيولة أو التمويل اللازم للحملات الانتخابية، تزامنا مع ارتفاع معدل البطالة، تفاقم مستوى الفقر، انعدام الأمن وعبء الديون، الذي يغذي مخاوف الشعب النيجيري، حيث يريد المواطنون “زعيما موثوقا” و”مؤهلا” لقيادة البلاد، يمكنه معالجة هذه المشاكل، وخاصة قضية الأمن .
بالعودة لسنة 2022، كان “بولا احمد تينوبو”، قد ألقى بعد فوزه في “الانتخابات التمهيدية الرئاسية” النيجيرية، وخلال مؤتمر حزبه خطابا ذكر فيه “أن نيجيريا يمكنها أن تبني دولة قوية مثل المغرب”، مضيفا “..نعم، نحن نواجه مشاكل خطيرة، لكنني أعتقد أن لدينا في داخلنا من القوة ما يوصلنا إلى مبتغانا، وبعون الله سنجعل هذه الأمة “أفضل” للأجيال القادمة.. لقد وضع الرئيس، محمد بخاري بالفعل أساسات متينة في قضايا الأمن، الاقتصاد ومكافحة الفساد، سنبني بها جسرا لخلاص شعبنا ونسعى بها لنكون أمة قوية مثل المغرب”، واعدا الحاضرين والشعب النيجيري بالقيام بذلك في حالة ما أصبح رئيسا للبلاد.
كان “بولا تينوبو” قد حصل، خلال السنة الماضية، على 1,271 صوتا مكنته من “انتزاع” “بطاقة الحزب الرئاسية” قبل انتخابات السنة الحالية، كما كشف رئيس لجنة إدارة الانتخابات في مؤتمر الحزب، وحاكم ولاية “كيبي” “أبو بكر باغودو”، بعد فرز الأصوات.
بالعودة إلى انتخابات السنة الحالية، فقد أعلنت اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة في نيجيريا، فوز “بولا تينوبو”  مرشح “مؤتمر جميع التقدميين” الحاكم، في الانتخابات الرئاسية، وفقا لتقارير اللجنة، حيث تمكن “تينوبو” الذي هزم 17 مرشحا آخر (أبرزهم “أتيكو أبو بكر” من “حزب الشعوب الديمقراطي” المعارض الرئيسي و “بيتر أوبي” من “حزب العمال”)، من الحصول على ما مجموعه 8 ملايين و 794 ألفا و 726 صوتا، وهو أعلى عدد من الأصوات مقارنة بجميع المرشحين، وبالتالي “استوفى الشرط الدستوري الأول لإعلان الفائز”، كما حصل على أزيد من 25٪ من الأصوات المدلى بها في 30 ولاية، أي أزيد من 24 ولاية مطلوبة دستوريا”.
في الوقت نفسه، حث الرئيس الأسبق “أولوسيغون أوباسانجو” الهيئة الانتخابية على “إنقاذ البلاد من خطر يلوح في الأفق” بسبب ما وصفه ب”فساد العملية الانتخابية”، قائلا “إن قرار اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة بالعودة إلى الفرز اليدوي للنتائج كان متعمدا، على الرغم من الاستثمار في نظام إلكتروني يسمح بالفرز الفوري للنتائج من وحدات الاقتراع”.
من جهته، ادعى “حزب الشعوب الديمقراطي”، المعارض الرئيسي رفقة “حزب العمال”، أن هناك “نقصا في الشفافية مع نظام التصويت الإلكتروني الجديد” ودعا “لتنظيم إضراب في المركز الوطني للتجميع” في أبوجا.
وكان رئيس اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة، البروفيسور “محمود ياكوبو” أكد للشعب النيجيري “أن عملية التجميع
والإعلان ستكون شفافة، حتى في الوقت الذي أوضحت اللجنة أن التحديات التي تواجهها في فرز النتائج لم تكن بسبب تخريب نظامها”.
من جهته، سارع الرئيس المنتهية ولايته “محمد بوخاري” إلى تهنئة الفائز في الانتخابات الرئاسية لعام 2023، كما نقل عنه المتحدث باسمه “غاربا شيهو”، قائلا “أهنئ السيد بولا أحمد تينوبو على فوزه بثقة الشعب الذي انتخبه، ونراه أفضل شخص لهذا المنصب. سأعمل الآن معه، ومع فريقه لضمان تسليم طبيعي ومنظم للسلطة، لقد كانت الانتخابات النيجيرية من أكبر الممارسات الديمقراطية في إفريقيا، وفي منطقة شهدت تراجعا وانقلابات عسكرية في السنوات الأخيرة، تظهر هذه الانتخابات استمرار أهمية الديمقراطية وقدرتها على خدمة الشعب “. وأضاف أيضا : “داخل نيجيريا، تكشف النتائج عن نضج الديمقراطية في بلدنا، إذ لم يسبق أن تغيرت الخريطة الانتخابية بشكل جذري، وفي دورة واحدة. عادة، في الانتخابات الرئاسية، ما يتغير اللون السياسي بالولايات في جميع المناطق وفي جميع أنحاء البلاد.. يحدث ذلك فقط خلال الانتخابات التنافسية، فلا يمكن اعتبار النتائج أمرا محسوما، بل ينبغي على المرشح أن يكسب دعم أصحابها باستمرار، أرى أن المنافسة هذه السنة جيدة لديمقراطيتنا،
وليس هناك شك في أن النتائج التي ننظر إليها اليوم تعبر عن قرار الشعب النيجيري”.
في نفس السياق، رد بخاري على ردود أفعال مرشحي المعارضة الذين اتهموا اللجنة الانتخابية ودعوا إلى إلغاء الانتخابات، بالقول: “هذا لا يعني أن التمرين الانتخابي كان بدون خطأ. فعلى سبيل المثال، كانت هناك مشاكل تقنية في الإرسال الإلكتروني للنتائج، وبطبيعة الحال، ستكون هناك مجالات تحتاج إلى العمل والمراقبة لإضفاء المزيد من الشفافية والمصداقية على إجراءات التصويت، ومع ذلك، لا تمثل أي من القضايا المسجلة تحديا لحرية الانتخابات أو لنزاهتها على أراضينا”.
وتابع قائلا :”أعلم أن بعض السياسيين والمرشحين قد لا يتفقون مع هذا الرأي، وهذه من سمات نضج الديمقراطية النيجيرية وهو جيد كذلك.. إذا اعتقد أي مرشح أنه يستطيع إثبات الاحتيال الذي يدعي أنه ارتكب ضده، فعليه بتقديم الأدلة، وفي حالة لم يتمكن من ذلك، فعلينا أن نستنتج أن الانتخابات كانت بالفعل تعبر عن إرادة الشعب بغض النظر عن مدى صعوبة قبول الخاسرين لذلك. إذا ما شعر المحتجون من المنتخبين بالحاجة إلى الطعن في مصداقيتها، يرجى منهم أن يتوجهوا صوب المحاكم وليس إلى الشوارع، ذلك أن الاحتجاج يعني أنهم لا يرغبون في العمل من أجل مصلحة الشعب، وإنما لتأجيج الناس وكل ذلك لتحقيق مكاسب شخصية أنانية. لقد حان الوقت، بعد درجة من الاستقطاب التي تصاحب بالضرورة أي انتخابات، لأن نلتقي ونتحاور ونتصرف بمسؤولية، ونعمل بجدية، وأدعو جميع المرشحين إلى تذكر تعهد السلام الذي وقعوا عليه قبل أيام فقط من الانتخابات، وأبتغي منهم أن لا يقوضوا مصداقية اللجنة الانتخابية الوطنية، فعلينا الآن أن نمضي قدما ككيان واحد صوب الأمام”.


الكاتب : المهدي المقدمي عن : مصادر متعددة

  

بتاريخ : 03/03/2023