أرقام الإصابة بالسلّ تواصل ارتفاعها والمرض يسجل أكثر من 29 ألف حالة مرضية جديدة

 

تقييم البرامج والمخططات المتعلقة به وتغييب الالتقائية يسائل نجاعتها

 

أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عن تسجيل 29 ألفا و 327 حالة إصابة جديدة بمرض السل برسم سنة 2021، 60 في المئة منهم من الذكور و 40 في المئة إناث، مبرزة أن أكبر عدد من الإصابات سُجّل؛ وكما هي العادة دائما؛ في صفوف الفئة التي تتراوح أعمارها ما بين 15 و 45 سنة. وأرجعت الوزارة الارتفاع في عدد الإصابات، الذي وصفته بالنسبي، مقارنة بما تم تسجيله في 2020 إلى الجائحة الوبائية لكوفيد 19 وتبعاتها، التي عطّلت في مراحل مختلفة الكثير من الخدمات الصحية والعلاجية الأخرى؛ وهو ما ظل يثير الانتباه إليه مهنيو الصحة غير ما مرّة؛ موضحة أن هذا الأمر أدى أيضا إلى ارتفاع نسبي لمعدل الوفيات على غرار الوضع الوبائي العالمي.
الأرقام التي كشفت عنها الوزارة أمس الخميس تزامنا وتخليد فعاليات اليوم العالمي لمحاربة مرض السل، استعرضت كذلك المجهودات المبذولة لوقف زحف المرض، إذ تم التأكيد على أن البرنامج الوطني لمحاربة السل قد مكّن من تخفيض نسبة الإصابة بالداء بـ 34 في المئة ومعدل الوفيات بنسبة 68 في المئة مع الحفاظ على معدل النجاح العلاجي لأكثر من 85 في المئة، أي ما يمثل تعافي حوالي 26 ألف مريض سنويا.
معطيات تظل نسبية ولا تقدم صورة واضحة عن المرض واستمرار تفشيه خاصة منه المقاوم، رغم كل البرامج والمخططات التي تم تسطيرها والميزانيات التي خصصت لها، فضلا عن الاتفاقيات والشراكات المتعددة، إذ تكتفي وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بتقديم أرقام مختصرة عن حضور الداء، بعيدا عن الكشف عن خارطة مجالية على امتداد جغرافية المملكة، وكذا مكانية، كما هو الحال في الفضاءات المغلقة، تبيّن طبيعة انتشاره والآليات التي جرى تسخيرها مع باقي القطاعات الحكومية بما يضمن التقائية السياسات الموجهة لمحاربة داء السل، بما أن هناك العديد من العوامل التي تعتبر تربة خصبة ومشتلا لاستمرار وبقاء المرض بين المغاربة، وعلى رأسها السكن غير اللائق، غياب التهوية والحرمان من استقبال أشعة الشمس، ظروف العمل، وجود فرص الشغل من عدمها، نمط العيش وغيرها من العوامل الأخرى التي تتطلب معالجة شمولية وخطة حكومية لا تقف عند حدود قطاع الصحة.
برامح ومخططات سابقة، وأخرى آنية يقارب زمنها على الانتهاء، تم وضعها بهدف تحقيق أهداف الألفية الإنمائية سابقا ثم أهداف التنمية المستدامة 2030، مع ما يعني ذلك من مواجهة لمظاهر التمييز وعدم المساواة ومحاربة الأمية والهدر المدرسي والقضاء على عدد من الأمراض وضمنها مرض السل، لكن دون أن يتم الكشف للفاعلين والمهتمين وعموم الرأي العام عن خلاصات عمليات التقييم المرتبطة بدورة حياة السياسات العمومية، إن كانت تتم فعلا، كما هو الشأن بالنسبة للمخطط الاستراتيجي الوطني لفترة 2021 – 2023، الذي انطلقت خطواته ويتضح أنها متعثرة بالنظر إلى الارتفاع الذي سجّله المرض ونحن نتوجه صوب السنة المقبلة، مما يفرض القيام بتقييم مواكب بهدف استخلاص ما يجب استخلاصه وتصحيح ما يجب تصحيحه، حتى لا يكون هذا المخطط بدون نجاعة ومفتقدا للحكامة، لا سيما وأن إكراهات كثيرة وأعطاب عديدة تعترض طريقه، منها ما هو مرتبط بالقطاع والمنظومة بمواردها المختلفة وبنياتها، ومنها ما له صلة بمتدخلين آخرين.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 25/03/2022