أنبياء بين التوراة والقرآن -13- يوسف الصديق 3

خاض الباحث فراس السواح في مواضيع تتعلق بالأديان والفلسفات والأساطير فى الشرق، وفي عقد المقارنات بين الأديان، ومن ذلك ما فعله فى كتابه «القصص القرآنى ومتوازياته التوراتية»، إذ طرح مسألة التشابه بين القصص القرآنى والقصص التوراتى من زاوية الباحث الذي يعتمد منهج علم الأديان المقارن. فسرد أمامنا قصص العديد من الأنبياء كلوط وابراهيم وإسماعيل ويوسف وموسى وداوود وسليمان ويونس وغيرهم..

 

7 – يوسف وزيراً :

سفر التكوين: فحسُن الكلام في عيني فرعون فقال له: ليس حكيم وبصير مثلك. انظر، قد جعلتك على كل أرض مصر، ولا يوجد أعظم منك إلا الكرسي الذي فيه أكون. وخلع فرعون خاتمه وجعله في يد يوسف، وألبسه ثياب بوص (12) ووضع طوق ذهب في عنقه، وأركبه مركبته الثانية، ونادوا أمامه وركعوا. وقال فرعون ليوسف : أنا فرعون، فبدونك لا يرفع إنسان يده ولا رجله في أرض مصر.
وأثمرت الأرض في سني الشبع، فجمع يوسف كل طعام السبع السنين التي كانت في أرض مصر، وخزن قمحاً كرمل الأرض. وابتدأت سنيُّ الجوع تأتي، ففتح مخازنه وباع للمصريين. وكان جوع في جميع البلدان المجاورة فجاء منها الناس ليشتروا قمحاً من مصر (سفر التكوين 41: 37 – 57).
سورة يوسف: «وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي. فلما كلّمه قال: إنك اليوم لدينا مكين أمين. قال: اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم. وكذلك مكنّا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء. نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين». (12 يوسف: 54 – 56 ).

8 – قدوم إخوة يوسف:

سفر التكوين: فلما رأى يعقوب أنه يوجد قمح في مصر، قال لبنيه: انزلوا إلى هناك واشتروا لنا لنحيا ولا نموت. فنزل عشرة من إخوة يوسف إلى مصر وتركوا مع أبيهم أصغر إخوتهم المدعو بنيامين. فأتوا ودخلوا على يوسف وسجدوا له. فعرفهم يوسف أما هم فلم يعرفوه. فتنكر لهم وتكلم معهم بجفاء قائلاً: من أين جئتم ؟ قالوا له من أرض كنعان لنشتري طعاماً. قال: بل أنتم جواسيس. فقالوا: بل عبيدك جاؤوا ليشتروا طعاماً. نحن جميعاً بنو رجل واحد في أرض كنعان، وهو ذا الصغير عند أبينا اليوم، ولنا آخر مفقود. فقال لهم يوسف: إن كنتم أُمناء فليحبس أخ واحد منكم، وانطلقوا أنتم وخذوا قمحاً لمجاعة بيوتكم، وأحضروا أخاكم الصغير إلي فيتحقق كلامكم. وكان يتحدث إليهم عن طريق مترجم فتحاوروا وهم لا يدرون أنه يفهم كلامهم. فقال بعضهم لبعض: حقاً إننا مذنبون إلى أخينا يوسف الذي استرحمنا ولم نسمع له، لذا جاءت علينا هذه الضيقة. فقال لهم راؤبين: ألم أكلمكم قائلاً لا تأثموا بالولد وأنتم لم تسمعوا؟ هو ذا دمه يُطلب. فتحول عنهم يوسف وبكى ثم رجع إليهم، وأخذ منهم شمعون وقيده أمام عيونهم، وأمر أن تُملأ أوعيتهم قمحاً بعد أن تُردّ فضة كل واحد منهم إلى كيسه قبل إغلاقه. فحملوا قمحهم عل حميرهم ومضوا من هناك. (التكوين 42: 1-26 ) .
سورة يوسف: «فجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون. ولما جهزهم بجهازهم قال: ائتوني بأخ لكم من أبيكم، ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المُنزِلين (13). فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون. قالوا: سنراود عنه أباه وإنّا لفاعلون، وقال لفتيانه: اجعلوا بضاعتهم (14) في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون». (12 يوسف: 57-61).

9 – العودة إلى كنعان واكتشاف الفضة المُعادة :

سفر التكوين: فلما فتح أحدهم كيسه ليعطي عليقاً لحماره وهم في الخان على الطريق، رأى فضته في فم كيسه، فقال لإخوته: رُدَّت فضتي وها هي في كيسي. فطارت قلوبهم وارتعدوا قائلين: ما هذا الذي صنعه الله بنا؟ فجاؤوا إلى يعقوب أبيهم في أرض كنعان وأخبروه بكل ما أصابهم. فقال لهم يعقوب: أعدتموني الأولاد. يوسف مفقود وشمعون مفقود، وبنيامين تأخذونه؟ لا ينزل ابني معكم. ( 24: 27-38) .
وحدث لما نفد القمح الذي جاؤوا به، أن أباهم قال لهم أن يرجعوا ويشتروا قمحاً أيضاً. فقال له يهوذا: إن كنت ترسل أخانا معنا ننزل ونشتري قمحاً، وإذا كنت لا ترسله لا ننزل، لأن الرجل قال لنا لا ترون وجهي بدون أن يكون أخوكم معكم. أرسل الغلام معي وأنا أضمنه، وإن لم أجئ به إليك أصبح مذنباً إليك كل الأيام. فقال لهم يعقوب : إن كان هكذا فافعلوا، ولكن خذوا الفضة المردودة وفضة أخرى في أياديكم وانطلقوا (التكوين 43: 1-13).
سورة يوسف: «فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا: يا أبانا مُنع منا الكيل (15)، فأرسل معنا أخانا نكتل ، وإنا له لحافظون. قال: هل آمَنُكم عليه إلا كما أمِنتكم على أخيه من قبل؟ فالله خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين. ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم رُدَّت إليهم، قالوا يا أبانا ما نبغي (16)؟ هذه بضاعتنا ردت إلينا، ونَميرُ أهلنا (17)، ونحفظ أخانا، ونزداد كيل بعير (18)، ذلك كيل يسير (19). قال: لن أرسله معكم حتى تؤتون مَؤْثقاً من لله (20) لتأتُنني به إلا أن يحاط بكم (21). فلما آتوه موثقهم قال : لله على ما نقول وكيل. وقال: يا بَنيَّ لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة (22)، وما أغنى عنكم من لله من شيء، إن الحكم إلا لله». (12 يوسف: 63-67).


الكاتب : فراس السواح

  

بتاريخ : 12/05/2021