الداكي في لقاء دراسي بمراكش: ملتمسات النيابة العامة بالرفض انعكست إيجابا على أذونات تزويج القاصر

 

أكد رئيس النيابة العامة مولاي الحسن الداكي أن الملتمسات المقدمة من قبل النيابة العامة في مختلف محاكم المملكة الرامية إلى رفض تزويج القاصر برسم سنة 2019، بلغت ما نسبته 58,4 في المائة من مجموع الملتمسات المقدمة في الموضوع، في حين شكلت هذه النسبة 36 في المائة سنة 2018، كما ارتفعت هذه النسبة سنة 2020 إلى 65 % من مجموع الملتمسات.
وأوضح رئيس النيابة العامة، الذي كان يتحدث في اللقاء الدراسي الذي انعقد بمراكش يوم الاثنين 29 نونبر 2021 لتقديم نتائج الدراسة التشخيصية حول موضوع زواج القاصر، أن هذه النتيجة تمثل انعكاسا إيجابيا للأهمية التي أولتها رئاسة النيابة العامة لموضوع زواج القاصر لتعزيز حماية الطفل، حيث عبرت عن ذلك ـ حسب المتحدث ـ من خلال سعيها لتطوير دور قضاة النيابة العامة والرفع من قدراتهم المعرفية في هذا المجال، وطرح الموضوع واسعا للنقاش مع باقي المتدخلين الذين يُعنون به في عدد من اللقاءات الدراسية التي نظمتها. كما أصدرت ثلاث دوريات في الموضوع ضمنتها توجيهاتها للنيابة العامة، والتي تهدف بالأساس إلى تفاعلها بإيجابية مع جميع قضايا الأسرة، وإلى استحضار المصالح الفضلى للأطفال وحقوقهم في المقام الأول، ودعتهم إلى تفعيل ذلك من خلال الحضور في جلسات الإذن بتزويج القاصر، وتقديم الملتمسات الضرورية في الموضوع، مع جعل زواج القاصر ضمن أولويات خطة عمل خلايا التكفل بالنساء والأطفال، وإشراك جميع الفاعلين في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على المصلحة الفضلى للقاصر.
وأضاف رئيس النيابة العامة أن هذا المنحى الإيجابي انعكس كذلك على مستوى الإحصاء العام لأذونات زواج القاصر، والذي عرف انخفاضا مضطردا برسم السنوات 2018 و2019 و2020 مقارنة بسنة 2017، مبرزا أن انخراط رئاسة النيابة العامة في الجهود الوطنية الرامية إلى التصدي لزواج القاصر تواصل بالانفتاح على الجهات الفاعلة والمعنية بالموضوع، حيث بادرت، في هذا الصدد، إلى توقيع اتفاقية إطار للشراكة والتعاون مع قطاع التربية الوطنية، تنفيذاً للالتزامات المشتركة المضمنة في إعلان مراكش 2020، الذي تم إطلاقه تحت الرئاسة الفعلية للأميرة للا مريم.
وكشف مولاي الحسن الداكي أن الأهداف الأساسية لهذه الاتفاقية تمثلت في ضمان متابعة الفتيات لتمدرسهن إلى نهاية التعليم الإلزامي من أجل الوقاية من زواج القاصرات، وذلك انطلاقا من قناعة واقعية مفادها أن الهدر المدرسي يشكل رافدا أساسيا لتزويج القاصرات. مشيرا إلى أن تفعيل هذه الاتفاقية انطلق في مرحلة أولى بمراكش كتجربة نموذجية في مارس 2021 ليتم تعميم التجربة على مجموع التراب الوطني بموجب الدورية رقم 20 بتاريخ 9 يونيو 2021، التي تضمنت عددا من التوجيهات للنيابات العامة للتفاعل والتنسيق مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين للحد من الهدر المدرسي للفتيات على وجه الخصوص. وهي الجهود التي تأكدت ـ يقول رئيس النيابة العامة ـ نجاعتها وفعاليتها عند التقييم، حيث أسفرت عن استرجاع ما يقارب 2000 فتاة انقطعن فعلا عن الدراسة بجهة مراكش آسفي لوحدها، وتمت إعادتهن إلى مقاعد الدراسة.
وبخصوص الدراسة التشخيصية حول زواج القاصر، التي أنجزتها رئاسة النيابة العامة، أكد مولاي الحسن الداكي أنها تجسد أرضية بالغة الأهمية مبنية على معطيات علمية دقيقة مستقاة من واقع الممارسة العملية بالمحاكم في قضايا زواج القاصر التي تناولتها بالتحليل في محور أول، لتعمل في محور ثان على البحث في المعطيات الميدانية ذات الصلة بالقاصرات موضوع هذا الزواج، حيث استقرأت خصوصية محيطهن الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.
وأشار إلى أهمية هذه الدراسة كوثيقة مرجعية من شأنها الإسهام في رسم ملامح التدخل التشريعي المرتقب، بما يكرس احترام بلادنا لحقوق الطفل، وانخراطها كشريك دولي في ذلك.
وأوضح أن من نقط القصور التي وقفت عليها دراسة المعطيات القضائية ضعف اللجوء للمساعدات الاجتماعيات بالمحاكم لإجراء الأبحاث الاجتماعية في ملفات زواج القاصر بنسبة لا تتجاوز 12%، كما أن نسبة كبيرة من الأذونات بزواج القاصر لا يتم اللجوء فيها إلى الخبرة الطبية بنسبة تتجاوز 43 % ، علما أن كلا من الخبرة الطبية والبحث الاجتماعي عندما يُنجزان على الوجه المطلوب يُعينان القاضي على تقدير مصلحة القاصر من الزواج من عدمها. كما اتضح من الدراسة الميدانية ـ حسب رئيس النيابة العامة ـ أن الأوساط الاجتماعية التي تُعاني من الهشاشة هي الأكثر إنتاجا لزواج القاصر، فضلا عن وطأة الأعراف والتقاليد والتأويل الخاطئ للدين، التي تعد من الأسباب الأساسية الدافعة لخيار الزواج المبكر.
وعرفت الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء الدراسي حضور ثلاثة وزراء هم وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ووزير الصحة والحماية الاجتماعية ووزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة إضافة إلى ممثلة منظمة اليونسيف بالمغرب وقضاة النيابة العامة المكلفين بالزواج وعدد من الخبراء وممثلي القطاعات المرتبطة بموضوع اللقاء.
وينعقد هذا اللقاء في إطار التزامات إعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء، الذي تم إطلاقه تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 8 مارس 2020 .
وتندرج الدراسة التشخيصية المقدمة خلال هذا اللقاء في إطار مساعي رئاسة النيابة العامة للإسهام في الحد من زواج القاصر بتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف، وتفعيلا لاستراتيجية رئاسة النيابة العامة لتعزيز حماية حقوق المرأة والطفل، وتزامنا مع الأيام الدولية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات والتي تلي اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء الموافق ليوم 25 نونبر.
واستهدفت الدراسة المذكورة المساطر القضائية ذات الصلة ورصد العوامل الواقعية المحيطة بهذا الزواج، سواء منها الاقتصادية أوالسوسيوثقافية وغيرها.


الكاتب : مكتب مراكش: عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 02/12/2021