السبب يعود إلى أسعارها الأرخص أم نجاعتها الحربية … لماذا تبحث الجيوش الإفريقية عن فرص لشراء معدات عسكرية من تركيا؟

المغرب تسلم في منتصف ستنبر أول دفعة من الطائرات التركية المقاتلة بدون طيار من طراز «بيرقدار تي بي 2»

 

التحدي الأكبر الذي تواجهه التجارة العسكرية التركية في أفريقيا هو القوة العسكرية للصين، والتي تعتبر المنافس الرئيسي لتركيا من حيث تكنولوجيا الطائرات المُسيرة، حيث تتمتع الصين بميزة التكلفة من خلال خفض السعر مقابل تنازلات أخرى من الدول الأفريقية.
ومن أجل الحفاظ على دبلوماسية الطائرات بدون طيار الناجحة فإنه لا يمكن لتركيا أن تتفوق على الصين إلا من خلال تقديم خدمات ومعايير عالية التقنية مضمونة من قبل الناتو، والأهم من ذلك يجب أن توسع نطاق تعاونها مع البلدان الأفريقية لتشمل المشاريع الإنمائية.

 

 

قال موقع «ميدل إيست مونيتور»، إن تصدير الأسلحة التركية يرتبط بشكل مباشر بالنهوض الاقتصادي في البلاد، فضلا عن المناورات السياسية المرتبطة بها؛ حيث أدت هذه المبيعات إلى صياغة مصطلح جديد: «دبلوماسية الطائرات بدون طيار».
ورأى الموقع أنه عند تقييم التدخل العسكري التركي على مدى السنوات القليلة الماضية – بما في ذلك في سوريا وليبيا ونزاع ناغورنو كاراباخ – يجب تسليط الضوء على شيء واحد؛ وهو القدرات الكبيرة لطائراتها العسكرية بدون طيار.
ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فإن القارة الأفريقية تبدي اهتماما بالأسلحة التركية، على الرغم من أن روسيا لديها قدرة مبيعات أسلحة ضخمة في المنطقة، حيث كانت روسيا لاعبا مهيمنا في سوق الأسلحة الأفريقية بنسبة 49 في المئة من مستوى واردات القارة بين عامي 2015 و2019.
وأشار «ميدل إيست مونيتور» إلى أن الموضوع الرئيسي لقمة الشراكة التركية الأفريقية خلال الشهر الماضي، والتي استمرت ثلاثة أيام هو التعاون الدفاعي بين تركيا ونظرائها الأفارقة، حيث التقى قادة وكبار الوزراء من 39 دولة، بما في ذلك 13 رئيسا، في إسطنبول مع الرئيس رجب طيب أردوغان لوضع أجندة للتعاون العسكري.
واعتبر أن «السبب الرئيسي وراء بحث القادة الأفارقة عن فرص لشراء معدات عسكرية من تركيا هو أسعارها الأرخص بشروط مسبقة أقل»، مشيرا إلى وجود طلب على معدات الجيش التركي المسلحة منخفضة التكلفة مثل الطائرات بدون طيار «Bayraktar TB2» للحرب المستقبلية في أفريقيا.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن «الطائرات بدون طيار التركية تشير إلى أن الحرب المستقبلية يتم تشكيلها من خلال مركبات قتالية رخيصة ولكنها فعالة مثل تلك باهظة الثمن مع التكنولوجيا الأكثر تقدما».
وأشار التقرير إلى أن مجموعة من ست طائرات تركية من طراز «Bayraktar TB2» ووحدات أرضية ومعدات عمليات أساسية أخرى تكلف عشرات الملايين من الدولارات، بدلاً من مئات الملايين للطائرة الأمريكية «MQ-9».
وبين «ميدل إيست مونيتور» أن أنغولا هي أحدث دولة أعربت عن اهتمامها بالطائرات بدون طيار خلال زيارة أردوغان الأولى للدولة الواقعة في جنوب أفريقيا في أكتوبر الماضي.
وأشار الرئيس أردوغان إلى أنه «على المدى القصير، اتفقنا على رفع حجم التجارة الثنائية السنوية إلى 500 مليون دولار»، ارتفاعا من 250 مليون دولار حاليا، ومن المتوقع أن تتحول نصف هذه التجارة إلى معدات عسكرية.
في السياق نفسه، نقل منتدى «فار-ماروك» أن المغرب تسلم في منتصف سبتمبر أول دفعة من الطائرات التركية المقاتلة بدون طيار من طراز «بيرقدار تي بي 2». وكانت الرباط قد طلبت في أبريل 13 طائرة من هذا الطراز «في إطار مسلسل تطوير وتجديد ترسانة القوات المسلحة الملكية، حتى تكون على أعلى درجات الحداثة والكفاءة والجاهزية لمواجهة كافة الأخطار»، حسب منتدى «فار-ماروك» المتخصص.
وفي أعقاب العقد الذي وقع مع شركة «بايكار» التركية بقيمة 70 مليون دولار، وهو رقم تداولته الصحافة المحلية، خضع عسكريون من المغرب لبرنامج تدريبي في تركيا خلال الأسابيع الفائتة، وفق المنتدى.
وكانت شركة «بايكر» الخاصة التي يديرها أحد أصهار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد صدّرت خلال السنوات الفائتة طائرات «بيرقدار تي بي 2» إلى أوكرانيا وقطر وأذربيجان.
وتجمع طائرات «بيرقدار تي بي 2» ما بين التقنيات الأمريكية والإسرائيلية، خاصة أنها هجومية ودفاعية، وتصلح لكل التضاريس، ويمكنها التدخل في الصحراء كما في الجبال، فضلا عن أنها أصبحت من الطائرات الهجومية المعترف بها، إذ قامت بأعمال حربية في ليبيا وسوريا والعراق، وبالتالي مشهود لها في مسارح العمليات بكفاءتها وعمليتها.
ووفق مواقع تركية، جرى إثبات قدرة الطائرات المذكورة في الميدان مرات عديدة، من قبل القوات المسلحة التركية وجيوش الدول التي حصلت على الطائرة بدون طيار.
وحسب موقع “Menadefense” المتخصص في الصفقات العسكرية، تعتبر “Bayraktar TB2” واحدة من أكثر الطائرات الآلية تطورا، وتعد مثل منصة طيران للذخيرة تجمع بين المدى والدقة والوزن المنخفض.
وتمتاز الطائرات التركية بمجموعة من الخصائص الفنية والقتالية؛ أهمها قدرتها على تمديد الذخيرة. كما أنها توجد في منطقة رمادية بين قدرات أنظمة الدفاع المضادة للطائرات؛ وهو ما يدفع إلى استخدام أنظمة متوسطة المدى أثقل وأقل مرونة وأكثر تكلفة في الاستخدام.
من جهته، قال المدير العام لشركة «روكيتسان» (Roketsan) التركية لصناعة الصواريخ، مراد إكينجي، إن «الطائرات التركية المسيرة تتميز بالدقة في إصابة الهدف وقوة الضربة الصاروخية وإن الشركة تمكنت من تحسينها بناء على المعلومات التي استقتها الشركة من المعارك في الميدان».
وتسمح هذه التكنولوجيا العسكرية، التي تركتكز عليها الطائرات المسيرة التركية، بتمشيط كل النقاط وتقديم حيثيات دقيقة، وهو تجعل الجيش المغربي يتابع كل كبيرة وصغيرة في ما يخص أمن بلاده الإقليمي والجهوي، كما تسمح للمغرب بالاستفادة من “أداة متطورة يمكن أن تحدث فرقًا في نزاع مسلح محتمل”، وفق خبراء عسكريين.
وعن سبب تفضيل المغرب للطائرات التركية «بدون طيار»، نقل عن تقارير إعلامية فرنسية، تأكيدهم على أن الطائرات التركية من هذا النوع هي «الأفضل»، وبأن طلب المملكة هذه الطائرات التركية بدون طيار «لن يكون بأي حال من الأحوال لسبب أيديولوجي أو جيوستراتيجي».
وجرى بيع «Bayraktar TB2»، أيضا، إلى دول عديدة؛ من بينها أوكرانيا وقطر وأذربيجان وبولندا. وفي ماي، أصبحت بولندا أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي تحصل على طائرات بدون طيار من تركيا.
وفي غشت الماضي، ذكر موقع “لارازون” الإسبانية أن المغرب يتفاوض من أجل شراء 22 مروحية هجومية من تركيا، ويتضمن العقد اقتناء صواريخ ومعدات إلكترونية للأجهزة الجديدة. ويتعلق الأمر بشراء 22 طائرة هليكوبتر هجومية من طراز «T129 ATAK»، من إنتاج شركة صناعات الفضاء التركية “تاي” بقيمة 1.3 مليارات دولار.

دبلوماسية نشر القوات والقواعد الجوية

لا يقتصر تدخل تركيا العسكري مع أفريقيا على مبيعات الأسلحة، حيث يوجد حاليا أكثر من 40 سفارة تركية في أفريقيا، وتطير الخطوط الجوية التركية التي تمتلكها الدولة إلى أكثر من 50 وجهة أفريقية، وهناك 37 مكتبا عسكريا لتركيا في القارة الأفريقية، وتمتلك تركيا قواعد عسكرية بالفعل في كل من المغرب والصومال وتونس.
وتعتبر القاعدة العسكرية «كامب تركسوم» هي القاعدة العسكرية التركية الأبرز والأكبر خارج تركيا، وذلك وفقًا لمقال الخبير العسكري والدفاعي «كان كاساب أوغلو» الذي نشرته مؤسسة جيمستاون في صيف سنة 2020، حيث تخرج منها حوالي 2500 جندي صومالي.
ويضيف التقرير أن النسر الأفريقي القادم لتركيا سيكون في ليبيا، حيث وقعت الحكومتان التركية والليبية اتفاقية تعاون عسكري في سنة 2019، وعلى الرغم من أن ذلك خلق توترا بين تركيا وفرنسا إلا أن تركيا تمكنت من نشر قوات في ليبيا بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، حيث تشير تقارير إلى أنها أرسلت آلاف المقاتلين السوريين إلى ليبيا.
بالإضافة إلى ذلك، ففي الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر 2021 كانت تركيا مستعدة للقاء والتحدث مع الجنرال خليفة حفتر، الذي يتخذ من الشرق مقرا له بحسب ما قال مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركية.
ومن الواضح أن تركيا تحاول تطوير نهج دبلوماسي متوازن في ليبيا بين قائد الجيش خليفة حفتر وحكومة طرابلس، حيث لا تزال مذكرة التفاهم العسكرية الموقعة بين البلدين سارية، ولا تزال تركيا تدرب القوات في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا على مكافحة الإرهاب.
وباختصار، هناك طلب كبير على الطائرات بدون طيار التركية في جميع أنحاء أفريقيا، ما يسلط الضوء على دبلوماسية الطائرات بدون طيار التركية في المنطقة؛ التي مورست مباشرة بعد العمليات العسكرية الناجحة في ليبيا وسوريا، والأهم من ذلك، التي مورست في أذربيجان.
وتجذب الطائرات بدون طيار والطائرات بدون طيار المسلحة من طراز «Bayraktar TB2» انتباه الدول المشترية المحتملة كتقنية مثبتة في القتال.
ومع ذلك؛ فإن التحدي الأكبر الذي تواجهه التجارة العسكرية التركية في أفريقيا هو القوة العسكرية للصين، والتي تعتبر المنافس الرئيسي لتركيا من حيث تكنولوجيا الطائرات المُسيرة، حيث تتمتع الصين بميزة التكلفة من خلال خفض السعر مقابل تنازلات أخرى من الدول الأفريقية.
ومن أجل الحفاظ على دبلوماسية الطائرات بدون طيار الناجحة فإنه لا يمكن لتركيا أن تتفوق على الصين إلا من خلال تقديم خدمات ومعايير عالية التقنية مضمونة من قبل الناتو، والأهم من ذلك يجب أن توسع نطاق تعاونها مع البلدان الأفريقية لتشمل المشاريع الإنمائية.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 18/01/2022