العلاج من «كوفيد 19» يتحول إلى اعتقال وامتهان بسبب الإهمال

يتواصل ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كوفيد 19، وترتفع معه معدلات الوفيات كذلك، مؤشرة على منحى تصاعدي خطير وتدهور للوضع الوبائي، فما تسببت به الجائحة من خسائر خلال الأيام الأخيرة أكبر بكثير مما ترتّب عنها عند البداية، مما جعل الأسئلة تتناسل والخوف يتعاظم، في صفوف المصابين الجدد وفي أوساط عدد من المهتمين بالشأن الصحي والمتتبعين له ومجموعة من المواطنين.
مرضى، يتم نقلهم إلى مستشفيات مختصة تم تجهيزها أو إحداثها، كما هو الحال بالنسبة للمستشفيات الميدانية، للتكفل بهم ومنحهم الرعاية اللازمة وتوفير العلاج لهم مع تتبع وضعهم الصحي وتطوراته أولا بأول، إنه المشهد الذي يبدو منطقيا وهو ما قد يتبادر إلى ذهن الجميع، خاصة حين استحضار حفلات الخروج الجماعي التي كانت تنظم حين مغادرة بعض المتعافين للمستشفيات، وما تتناقله الصور والفيديوهات في الأخبار الرئيسية والربورطاجات، لكن يحدث أن تأتي بعض الشهادات الصادمة لتقدم صورة مناقضة لكل ما سبق، وتكشف عن معاناة كبيرة، مع الكوفيد، مع أمراض مزمنة أخرى يعاني منها المرضى، مع السلوكات المختلفة لمهنيين في الصحة، تقاعسوا عن القيام بواجبهم، مع مرضى حوّل بعضهم أماكن الاستشفاء إلى ملاه ومراقص وإلى غيرها من الفضاءات العمومية التي يمكن أن تكون مسرحا لكل الممارسات.
عملية الاستشفاء في زمن الدعوة للعلاج بالمنازل، ترافقها علامات استفهام عدّة، بالنظر لغياب أو تغييب عنصر الاهتمام الفعلي بالمريض، فكيف يمكن جلب مصاب بالفيروس وتركه على حاله ليومين أو ثلاثة دون فحوصات أولية ضرورية، ودون أخذ الحرارة ومعرفة تطور وضعه الصحي، ودون تسليمه الدواء، وفي نهاية الأمر يأتي من يحدثنا عن تدهور الوضعية الصحية وتأخر التكفل مما يدفع بنقل هذا المريض أو ذاك نحو مصالح الإنعاش والعناية المركزة، ونحو التنفس الاصطناعي في عدد من الحالات، والذي يكون محكوما في نهاية المطاف، في أغلب الوقت، بمفارقة الحياة!
التكفل بالمريض يعني، توفير كل الرعاية الكاملة له، وبذل كل الجهود والسبل وتوفير كل الإمكانيات المتاحة لعلاجه، وعدم السماح بتدهور وضعه الصحي، وإذا جاء في حالة متدهورة وجب القيام بكل ما يلزم لإنقاذه. التكفل بالمريض، لا يعني فقط منحه سرير النوم والدواء وأخذ الحرارة وغيرها، بل يعني كذلك توفير التغذية المناسبة له، هذه التغذية التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار إمكانية معاناة المريض من أمراض مزمنة أخرى، كالسكري نموذجا، وبالتالي لا يمكن تعميم نفس الأكل على الجميع، لأن هذا يعني حرمان مريض أو مرضى منه، ويعني الرفع من معاناتهم والتسبب لهم في مضاعفات صحية أخرى.
لقد جاءت بعض الشهادات صادمة، بعضها تم توثيقه بالصوت والصورة، وبعضها تم سرده وكتابته، كما هو الشأن بالنسبة لشهادة الأستاذة التيجانية فرتات، لتؤكد على أن الوضع داخل مراكز العلاج، ليس كله على ما يرام، وبأن ما تم بذله ويبذل من جهود ونكران ذات من طرف مهنيي الصحة، قد تأتي بعض الممارسات لتقوّض منها بل وتناقضها وتعاكس التيار، فتتحول بذلك هذه المراكز إلى فضاءات بدون أنسنة، وتصبح شبيهة بالمعتقلات السرية، لا يمكن للمريض فيها أن يخلد للراحة أو ينام في سكينة وطمأنينة، ويمكن جرّه من هذا المكان إلى مكان آخر ما بعد منتصف الليل، وغيرها من السلوكات الشبيهة بما كان يقع في زنازن زمن مضى !؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 10/08/2020