الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية في مجلس النواب يثير إشكالياته وأضراره البيئية : هل يعصف المطرح العمومي لمديونة ببرنامج عمل جماعة البيضاء؟؟

 

حوالي 4500 مليون درهم خصصها برنامج عمل الدارالبيضاء الذي تمت المصادقة عليه في الدورة الخيرة لمجلس مدينة الدارالبيضاء، للمشاريع البيئية واعتبر المدبرون للشأن المحلي البيضاوي بأن هذا القطاع هو الخيط الناظم لعمل الجماعة في هذه الولاية بالإضافة إلى سياسة القرب، لذلك خصصت له كل تلك المبالغ بهدف بلوغ مدينة نظيفة تتطابق ومعايير البيئة في العواصم الكبرى للعالم، مع الرفع من نسبة الاستفادة من المناطق الخضراء لتبلغ 5 أمتار مربعة لكل فرد في المدينة، بدل المترين المربعين المحققة سابقا والتي لا تصل إلى ربع المعدل المعمول به عالميا، إذ أن معظم المدن الدولية المهتمة بالبيئة بلغت 10 أمتار مربعة للفرد، هذا المخطط وضع في البرنامج والمدبرون مطمئنون بأن وزارة الداخلية سترفع عنهم عناء كلفة اقتناء عقار جديد من 260 متر مربع، بمنطقة مديونة أي بتراب المجاطية أولاد الطالب ستحوله لمركز لاستقبال وتثمين النفايات المنزلية، فقط هي ستبحث عن شركات مختصة لتدبر المطرح الجديد بالمواصفات البيئية المحدد عالميا، لذلك كان السخاء حاتميا فيما يخص البرنامج الأخضر داخل الدارالبيضاء، خاصة إذا علمنا بأن السومة المقدرة للعقار الجديد أي المطرح المستقبلي، تتراوح مابين 115 مليار سنتيم و130 مليارا، لكن مع مطلع الأسبوع الفائت سيتوصل مجلس مدينة الدارالبيضاء برسالة من وزارة الداخلية كانت بمثابة صاعقة بالنسبة للمجلس برمته ، الخبر الصاعقة يقول بأن وزارة الداخلية لن تقتني العقار المتحدث عنه، وجاء في الرسالة التي بعثت بها الوزارة إلى رئيسة المجلس عن طريق ولاية الدارالبيضاء سطات «…يشرفني أنه بتاريخ 27 أبريل 2023، عقدت اللجنة المكلفة بالإشراف عن عمليات تفويت العقارات المملوكة للجماعات السلالية من اجل إنجاز مشاريع الاستثمار اجتماعها بمقر إقليم مديونة، خصص لدراسة طلب الاقتناء المقدم من طرفكم للعقار المملوك للجماعة السلالية أولاد مجاطية، المتكون من خمسة قطه أرضية، بمساحة إجمالية تقدر بحوالي 260 هكتارا و25 آرا و«سنتيرات، موضوع الرسم العقاري عدد 3395/48 وذلك من أجل إنجاز مشروع مركز الطمر وتثمين النفايات المنزلية، حيث أبدت اللجنة بإجماع حاضريها عدم موافقتها على طلب اقتناء هذا العقار، لكون المشروع المراد برمجته لا يتوافق مع التوجهات والتخصيصات التعميرية للمنطقة، التي حددها تصميم التهيئة لجماعة المجاطية أولاد طالب المصادق علية سنة 2019.
وعليه، فإن هذه الوصاية يتعذر عليها الاستجابة لطلبكم، وذلك لعدم ملاءمة العقار معماريا وموقعا لإحداث المشروع المتحدث عنه، وأدعوكم للتفضل ودراسة إمكانية تعبئة عقار بديل لهذه الغاية».
المعضلة، وكما أشارت رسالة وزارة الداخلية بأن تصميم التهيئة لجماعة المجاطية أولاد طالب لا يشير إلى هذا النوع من المشاريع بتلك المنطقة، فكيف فكر المدبرون البيضاويون بإحداثه هناك، علامة استفهام كبيرة تطرح في هذا الموضوع وتضع علامة «الكفاءة» تحت مجهر الدراسة، هل يعتبر هؤلاء أن باقي المناطق وعقارات الناس هي مجرد أي شيء لا يمكن اعتباره، المهم ان ننجز مانريد دون اعتبار للآخرين؟ أم أن المدبرين لايفقهون شيئا في القوانين وبالتالي لم ينتبهوا لأن يقوموا بإطلالة على تصميم التهيئة، وهي أول وثيقة كما يعلم أي مدبر محنك يجب الاطلاع عليها وهو يفكر في إنجاز مشروع ما، خاصة إذا كان بالأهمية التي نحن أمامها اليوم؟ أم أن المدبرين هم مجرد متحمسين يضعون المشاريع هكذا ولتتحمل الوزارة الوصية التبعات و«التخريجات»؟ وهذا يظهر من بعض التصريحات التي بدأت تخرج هذه الأيام عندما بدأ الحديث عن تمويل برنامج عمل الدارالبيضاء الذي يصل إلى سقف 4000 مليار، إذ كان جواب بعض المدبرين بأن لهم ضمانات من الحكومة؟؟؟ وهو أمر مثير للعجب ولا يمت للتدبير الواقعي بأي صلة، قبل هذا وذاك كل المتتبعين للشأن البيضاوي، يعلمون بأنه في سنة 2017 تم وضع مخطط توجيهي، يفيد بأنه لابد من موقعين لإحداث مطرحين لفائدة المدينة، وأن يكونا بعيدين عن المدينة وعن أي ساكنة ، وتم تحديد عقار بمنطقة برشيد وآخر بمنطقة مديونة وسبب هذا التباعد بين الموقعين هو تفادي الاكتظاظ بواسطة شاحنات النفايات حتى لا يكون مسببا للحوادث، المهم أن هذا المخطط التوجيهي يعد ملزما كما يعرف الجميع، لكن التساؤل هنا هو لماذا لم يعره المدبرون أي اهتمام؟؟
معروف أيضا، لكل المهتمين بالشأن المحلي البيضاوي بأن الاحتجاجات حول المطرح القديم أو المطرح الجديد كانت هي العنوان الأبرز لدى ساكنة إقليم مديونة بفعل التلوث المحدث بسببه منذ سنوات، ومايخلفه من روائح وانبعاثات وأودية اللكسيفيا المتسربة من المطرح القديم وغيرها، وكانت هناك شايات وشكايات تعلمها السلطات المركزية ومجلس المدينة المفروض أنه اطلع عليها دون الحديث عن الخسائر التي تسبب فيها في مجال العقار والاستثمار ، شكايات الناس والمخلفات البيئية الوخيمة على المنطقة ، كانت موضوع سؤال كتابي لفريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في ماي الأخير عن طريق عضوته الاستاذة عتيقة جبرو، وجاء الرد من وزير الداخلية سريعا في 15 ماي وكان الرد على الشكل التالي: «..فجوابا على على سؤالكم المشار إليه في موضوع الوضع البيئي بمديونة، يشرفني بأن أخبركم أن السلطات المختصة واعية بمعاناة ساكنة مديونة من الروائح الكريهة المنبعثة من المطرح العمومي بسبب عصارة النفايات وما تسببه من أضرار و مخاطر بيئية وصحية بالمنطقة، بحيث أصبحث تشكل نقطة سوداء.
وبالرغم من قيام السلطات المعنية بإحداث مطرح مراقب، خاصة وأن المطرح العمومي القديم قد امتلأ عن آخره، إلا أن المشكل لازال مطروحا، ولذلك فالجهود متظافرة لإنجاز مشروع مركز طمر وتثمين النفايات المنزلية يستجيب للمعايير المعمول بها».
بطبيعة الحال كان سؤال النائبة عتيقة جبرو، يتحدث عن الوضع البيئي والأضرار التي تعاني منها ساكنة تراب إقليم مديونة، تفاعلا مع معاناة هذه الساكنة، وأيضا تفاعلا مع ساكنة الدارالبيضاء التي تعيش تحت غمام التلوث المنبعث من المطرح والروائح التي اضحت مؤثثا لهوائهم ، نعلم جميعا أن مجلس المدينة يضم العديد من البرلمانيين أو لم ينتبهوا لإشارات وزارة الداخلية من خلال هذا الجواب والذي ركز على أن المجهودات جارية لإنجاز مشروع يستجيب للمعايير المعمول بها، والمعيار الأهم هنا هو بعد المطرح عن الساكنة والمرافق الحيوية كالمطار والمنشآت الاستثمارية وغيرها.
كان مجلس المدينة يسارع الزمن بحثا عن هكتارات لطمي نفايات العاصمة الاقتصادية، إذ انه بعد إقفال المطرح القديم، تم اقتناء 54 هكتارا تم تحويلها إلى مطرح مراقب، حتى لا تتكرر الأخطاء التي نتجت عن المطرح القديم كانتشار عصارة النفايات في محيط المطرح وفي الدواوير القريبة منه، إلا أن هذه المساحة لم تكن كافية خاصة غذا علمنا ان عملية طمر النفايات تستهلك هكتارا من المساحة في كل شهر، فربما هذا الضغط جعل المدبرين يسابقون الزمن متناسين القوانين والأضرار وكل شيء المهم كان عندهم هو إيجاد عقار شاسع بأي ثمن..
المعضلة اليوم اصبحت معضلتين، الأولى هو البحث من جديد على أراض تحتضن النفايات المنزلية للبيضاويين، وإن كان المدير العام للوكالة الحضرية قد اقترح عليهم عقارا بسعة 1400 هكتار ومازال المدبرون لم يقرروا شيئا بخصوصه، والمعضلة الثانية وكما أشرنا منذ البداية هو برنامج العمل المرتكز على موضوع البيئة والمرتبط أساسا بالمطرح ، فالمرجح أن يتم إعادة النظر في هذا البرنامج حتى يتم التأشير عليه من طرف الوالي، او على الأقل مراجعة أرقامه التمويلية وأولوياته.
مجلس مدينة الدارالبيضاء عليه مراجعة أوراقه فالثقة الزائدة في «الضمانات»، ليست ورقة عملية وليست بالفعل التدبيري الجيد، لأن من شأنها ان تتسبب في هدر هذا الزمن التدبيري فكل تأخر تؤدي الساكنة ثمنه ومعها الحركة الاقتصادية، وهو امر غير محمود خاصة واننا أمام عناوين كبرى مثل «حكومة الكفاءات» ومجالس «الكفاءات»..


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 07/06/2023