الفريق الاشتراكي وقطاع التعليم الاتحادي يشخصان أزمة التعليم العالي

نظم الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب وقطاع التعليم العالي الاتحادي يوما دراسيا حول «منظومة التعليم العالي: أي إصلاح؟» ، الجمعة 19 يناير 2024 بمقر مجلس النواب.
وافتتح أشغال اليوم الدراسي رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب عبد الرحيم شهيد، إلى جانب جمال الصباني منسق قطاع التعليم العالي الاتحادي، وبحضور النواب البرلمانيين أعضاء الفريق والأساتذة الباحثين والمسؤولين الجامعيين، وممثلين عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وفعاليات مدنية وسياسية.
وأكد رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية عبد الرحيم شهيد، أن نقاش الواقع حول رهانات الجامعة المغربية اليوم، يجب أن ينطلق من قناعة ثابتة، وهي أن مشكل التعليم العالي مرتبط بشكل جدلي بمشكلة التعليم بالمغرب، وبأن مشكلة التعليم هي مشكلة بنيوية وتاريخية، مضيفا أنه وانطلاقا من هذه القناعة «فإننا نجزم بأن السبيل الوحيد للنهوض بأوضاع التعليم العالي يفرض البحث في الجذور التاريخية لمشكلة التعليم عموما، حتى نتمكن من وضعها في إطارها الصحيح، وبالتالي إيجاد حلول ناجعة لها.»
وأوضح شهيد، أن أي قراءة أو تشخيص لواقع التعليم العالي بالمغرب، يجب أن تكون منطلقة من عملية تقييم موضوعية لمسار تطور هذا القطاع، خصوصا أن هذا المسار عرف العديد من برامج الإصلاح ومجموعة من المراجعات والاستراتيجيات، حيث لا يجب فقط التوقف عند مستويات تفعيلها وتنزيلها، بل المطلوب الوقوف على مدى احترام الانسجام والاستمرارية فيها، ذلك أن تاريخ إصلاح التعليم العالي بالمغرب، يثبت أننا كنا دائما أمام عملية متتالية من الإصلاح وإصلاح الإصلاح، بصورة تفتقر للرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى، والتي من المطلوب أن تكون محكومة بغايات محددة لكل إصلاح.
وسجل شهيد، أن الأمر يتعلق بركيزة أساسية من ركائز التنمية، إذ يضطلع التعليم العالي بأدوار مهمة فيما يتعلق بتأهيل الأفراد وبناء مجتمعات أكثر رقيا وتقدما وعدالة. وتابع شهيد في كلمته  «وهو ما جعلنا في الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية وفي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نؤكد، دائما على أن أهمية إصلاح التعليم العالي لا تتجسد فقط في كونه إصلاحا يخص مرحلة أساسية من مراحل التطور المعرفي للمغاربة، بل لكونه يشكل شرطا ضروريا في عملية تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.»
وشدد رئيس الفريق الاشتراكي، أن منظومة التعليم العالي بالمغرب منذ سنة 1975 التي تم فيها إصدار أول إطار قانوني للتعليم العالي مسارا إصلاحيا مهما، أملته بالأساس أهمية مجال التعليم عموما، كما فرضته التحولات الكبيرة التي عرفها المجتمع المغربي، وقد هدفت جميع المخططات والبرامج الإصلاحية التي شكلت مضمونا لهذا المسار، إلى البحث عن إجابات شافية لمجموع الاختلالات الكثيرة التي تعرفها منظومة التعليم العالي بالمغرب.
وأشار شهيد، أن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، يعتبر أن هذه المخططات الإصلاحية هي المحددات الأساسية للسياسة العمومية المتعلقة بالتعليم العالي التي سنها المغرب، حيث تحقق وبكل موضوعية وبالرغم من جميع الملاحظات، تراكم إصلاحي مهم، لكن ومن باب المسؤولية التاريخية، فإنه من الواجب أن « نؤكد أنه على الرغم من النقلة النوعية التي عرفها التعليم العالي في عهد حكومة التناوب التوافقي، إلا أن واقع القطاع ما زال يعرف مجموعة من الاختلالات الجوهرية، التي تشكل مانعا أمام الارتقاء به.»
وسجل عبد الرحيم شهيد، أن منظومة التعليم العالي مطبوعة بمؤشرات وبمعطيات سلبية عديدة، لا تخفى على أحد، وبالتالي فلا مجال اليوم لاستحضارها، لكن ومن باب المسؤولية فإننا نجدد التأكيد على أن من بين أهم أسباب استمرار واستفحال هذه الاختلالات، هو كبح وفرملة مسار إصلاح التعليم العالي بعد أن عرف سنة 2000 في ظل حكومة التناوب التوافقي طفرة بإصدار القانون 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، والذي شكل تتويجا للميثاق الوطني للتربية والتكوين، كما جسد  مدخلا فعليا لإصلاح حقيقي، وذلك بعدم الانخراط في ملاءمة بعض مقتضيات هذا القانون مع مستجدات دستور 2011، وهو الورش الذي لازال عالقا إلى اليوم حتى بعد المصادقة على الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، وحتى بعد اعتماد القانون الإطار لسنة 2019، وبالرغم من الدعوات الملكية العديدة، التي أكد فيها صاحب الجلالة على ضرورة وضع حد للدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح إلى ما لا نهاية.
وسجل شهيد، قصور وفشل الحكومة الحالية أيضا، في إعطاء انطلاقة فعلية جديدة لمسار إصلاح التعليم العالي بالمغرب، بل نسجل فشلها في تفعيل حتى التدابير التي التزمت في التصريح الحكومي بمباشرتها من أجل تعزيز جاذبية وفعالية التعليم العالي.
وخلص شهيد، إلى أن الحكومة التزمت مثلا بتطبيق نظام البكالوريوس، لكنها سرعان ما تراجعت عنه، لصالح اعتماد نظام جديد، التزمت بتفعيل برنامج الأقطاب الجامعية، لكن الواقع والممارسة يثبتان انخراطها في مشاريع تناقض هذا الاختيار، التزمت كذلك بوضع وتفعيل خطة استثمارية من خلال تنويع مصادر التمويل المتاحة من أجل تجديد البنيات التحتية، ودعم التفوق البيداغوجي، وهو ما لا يوجد أي أثر له على أرض الواقع إلى اليوم، وهو ما يبين بجلاء مستوى الارتجالية والمزاجية التي تطبع اختيارات الحكومة فيما يتعلق بإصلاح منظومة التعليم العالي.
وذكر شهيد، «أن الرهان على هذا اليوم الدراسي، ليكون محطة فعلية لإنضاج النقاش حول واقع ورهانات التعليم العالي بالمغرب، من خلال تحديد طبيعة الإصلاح الذي يجب أن تنخرط فيه بلادنا، ومن خلال كذلك الوقوف على أهم الاختلالات التي يعرفها هذا القطاع، حتى نتمكن من موقعنا كتعبير سياسي جعل تاريخيا المسألة التعليمية في صلب معركته من أجل الديمقراطية وتحقيق التنمية، كما ارتبط وجوده بجعل التعليم العالي حقا متاحا لكل المغاربة دون تمييز مجالي أو اجتماعي، من المساهمة انطلاقا من موقعنا ومن الوسائل والآليات المتاحة أمامها، في الدفع في اتجاه إقامة منظومة ديمقراطية، متطورة للتعليم العالي بالمغرب». يقول شهيد.
وبدوره أكد جمال الصباني منسق قطاع التعليم العالي الاتحادي، أن هناك الحاجة إلى إصلاح شمولي للتعليم العالي بالمغرب، مسجلا أن 50 في المئة من الطلبة يغادرون الجامعة دون الحصول على دبلوم.
وأشار الصباني، إلى أن هناك هدر مقلق للتعليم الجامعي، بالنظر إلى بطالة الخريجين والمغادرين دون الحصول على أية شهادة جامعية، خاصة المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح.
وتطرق الصباني، إلى السياق التاريخي لمنظومة التعليم والاكراهات والاختلالات التي طبعت كل مرحلة من مراحل الإصلاح، سواء النظام الأساسي والنصوص القانونية والبنيات الجامعية و المسالك وغيرها من الضوابط داخل منظومة التعليم العالي.
ودعا الصباني، إلى العمل على النهوض بالقطاع وتطويره ومراجعة النصوص المتعلقة به، مشيرا إلى أنه في ظل دستور 2011 والقانون الإطار لسنة 2019 لم يتم بعد الشروع في مسطرة مراجعة القانون 01.00 المتعلق بالتعليم العالي.


الكاتب : محمد الطالبي ..انوار التازي

  

بتاريخ : 20/01/2024