القصة القصيرة بالمغرب في حداد

في وداع الكاتب والإعلامي إدريس الخوري بمقبرة سيدي بلعباس بسلا

جماهري : لم تكره أحدا بعواطف الآخرين

 

 

شيعت عصر أول أمس الثلاثاء، جنازة الكاتب والإعلامي والقاص الزميل إدريس الخوري بمقبرة سيدي بلعباس بسلا، بحضور العديد من الكتاب والمبدعين وأصدقاء ومعارف المرحوم، مستحضرين أعمال الراحل وما عاشه وما قدمه للوطن، مخلصا في حياته ومماته ، حيث أجمع الحضور على صفاء وطيبوبة ولغة الراحل المميزة وكيف كان يبدعها من لغة الواقع الاجتماعي المغربي. وأبن الشاعر والإعلامي عبد الحميد جماهري المرحوم إدريس الخوري بكلمة مؤثرة وسط المشيعين قال فيها :
«الله أكبر الله أكبر الله أكبر
كل نفس ذائقة الموت
موتك نتذوقه معا، ونتذوق الآلم معك ، ونحاول أن نستعيراللغة معك، وأن نجد الصبر معك ، كما وجدنا الحياة معك .
أخانا إدريس، أبانا إدريس، معلمنا إدريس، وزميلنا إدريس .
إدريس الخوري، الذي كنت لوحدك، جيلا لغويا مترامي الأطراف، وكنت أيضا الاسم الحركي الآخر للحياة، وللكتابة. سيذكر الآخرون بلغة الرثاء العادية أنك كنت من الجيل الرائد وجيل المخضرم والجيل الثابت في الشباب والحياة .
سيذكرون قصصك، وسيذكرون رسائلك، وسيذكرون مقالاتك، بما يليق بتاريخ الأدب المغربي، وسيذكرون مساهماتك في جعل اللغة تخرج من الكتب الباردة إلى شوارع الدار البيضاء وإلى محافل الحياة وإلى المعامل وإلى المقابر وإلى المعارض.
أنت الذي استطعت أن تروض اللغة لكي تكون مغربية تشبهك وترافقك.
أخانا إدريس، سيذكر مؤرخو الآدب ومؤرخو الصحافة، أنك كنت القلم المغوار، وسيذكرونك باللغة المسكوكة ذاتها أنك كنت جزءا من هذا التاريخ، لكن الواقفين الآن على قبرك يذكرون كم كنت الاسم الآخر للحياة، وسيذكرون بدون شك كيف علمتهم وأنت تغضب أو أنت تقهقه أو أنت تنسحب وأنت تعود أو أنت تعاتب أو أنت تسامح، لتعلمهم كيف يكونوا مغاربة بلغتهم وعواطفهم. لم تحب أحد إلا بقلبك ولم تكره أحدا بعواطف الآخرين. طوبى لنا بك حيا وميتا .
أخانا إدريس، سيعود كل إلى حياته ليجد جزءا من حياتك فيه، كنا نخرج من لغتك لنذهب إلى الحياة، وسريعا ما نخرج من الحياة لنذهب إلى ما تكتب. أنت الذي جعلت للغة بصمتها المغربية وجعلت للصحافة جرأتها وجعلت لكل الطبقات الشعبية من يتحدث عنهم.
لا نطيل في الرثاء، لكن سنطيل في الحياة أكثر ونحن نواريك الثرى، نواري قامة في الأدب وقامة في الإنسانية وفي العفوية. أنت الذي لم تكن بين ما تكتب وبين ما تعيش أية مواضعات .
أخانا لقد أودعناك حياة، قد أتيتها قبلنا منذ سنوات، أنت الذي لم تخفك الحياة، ولم تخفك الموت أبدا .
سنحبك كما أحببناك دائما، ولن تغيب، وسنحمل الحزن كما يليق بنا، حزن لا تريده أن يكون مدعاة للعزلة والكآبة. تريد فقط أن تقول لنا طيلة 83 سنة أن الحياة بقربكم، لا تأبهوا لأي آخر يلهيكم عنها .
باسم الله الذي خلقك ..باسم الله الذي لبيت دعوته … نودعك الله أكبر الله أكبر الله أكبر
رحم الله إدريس الخوري».


الكاتب : مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 17/02/2022