القطب الاقتصادي : دعم قدرة اقتصادنا على مواجهة المنافسة الدولية وحماية الفئات السكانية الأكثر هشاشة

دراسة السياسة الاقتصادية للمغرب خلال النصف القرن الأخير تعطي الانطباع أن بلادنا تشكل لغزا محيرا، ذلك أن نسب نمو الناتج الداخلي الخام (PIB) ظلت متقلبة وغير مستقرة بالمقارنة مع بلدان أخرى في طريق النمو، وأحيانا بمستويات أضعف من البلدان الأقل نجاعة بقارتنا.
وعليه فيمكن تصنيف نسب نمو الناتج الداخلي الخام المغربي عبر خمس مراحل مختلفة:
المرحلة الأولى الممتدة من 1960 إلى 1980 اتسمت بأرقام عالية نسبيا (بمعدل ٪6,2) مع تغيرات طفيفة للناتج الداخلي الخام .
المرحلة الثانية (بين 1980 و1990) عرفت نموا أقل أهمية بمعدل يقارب 4,2 ٪ سنويا وتذبدذب أكبر للناتج الداخلي الخام.
خلال المرحلة الثالثة المتعلقة بعشرية 1990 عرفت نسب النمو على عكس ما سبق تقلبات كبيرة مع تراجع ملحوظ، نتيجة لزيادة سنوية ضئيلة ٪3,5، وتسجل المرحلة الرابعة مرحلة عشرية 2000 اقلاع نسبة النمو لتصل إلى معدل 5 ٪ وذلك بفضل السياسات الاقتصادية الموجهة إلى العوامل المرتبطة بالطلب الداخلي أساسا، لكن وتيرة النمو تدنت بشدة مع بداية عشرية 2010 لتصل إلى معدل لا يتجاوز 3,5 ٪ وذلك بسبب عناصر ذاتية وأيضا خارجية .

 

1. الإنجازات الهامة 2020-2021

أ. الملف الضريبي

يشكل الجانب الضريبي عبئًا ثقيلًا ومقلقًا للمهنيين، لكن بفضل العمل الدقيق والمثابرة من قبل نشطاء الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، تم اعتماد مجموعة من الإجراءات و المساطر المالية لتحسين رعاية هذا القطاع وتقليص القطاع غير مهيكل :
تأسيس المساهمة المهنية الموحدة ؛
إلغاء نظام السعر الثابت ،والتضريب على أساس الإيجار أو على أساس رقم المعاملات واستبدالها بفرض ضرائب على أساس هامش الربح.

تقييد السلطة التقديرية
لإدارة الضرائب.

وتعتبر هذه الإنجازات تطوراً حقيقياً للضرائب المفروضة على التجار، وهي الضامن للعدالة الضريبية التي كافح من أجلها قطاع التجار الاتحادي من خلال تواجده في مختلف المنظمات الوطنية الجادة والمسؤولة ، وفي مقدمتها الاتحاد الوطني للتجار والمهنيين.

ب . تغطية صحية

لن يجادل أحد في أن قضية التغطية الصحية كجزء من الحماية الاجتماعية الشاملة والمتكاملة كانت وستظل مطلبًا أساسيًا لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتي بدأ في إعدادها مند حكومة التناوب بقيادة السي عبد الرحمان اليوسفي، مؤكدة بالتالي أهلية الجميع للتأمين الصحي الإجباري.
إنجاز جعل من الممكن الآن تحقيق تغطية صحية إلزامية للتجار والمهنيين وفي المستقبل القريب التعميم الفعال للتغطية الاجتماعي.
لقد تمكن قطاع التجار الاتحادي ، مع جميع الشركاء وأصحاب المصلحة المهتمين بالقطاع ، من لعب دور مهم في تطوير النظام القانوني الذي جعل المساهمة المهنية الموحدة نقطة انطلاق للاستفادة من التغطية الصحية. وبالتالي ، من خلال دفع رسوم موحدة ، يدفع التاجر أو المحترف في نفس الوقت مساهمته في التغطية الصحية وضرائبه الوطنية والمحلية. هذا المشروع ساري المفعول منذ يناير 2021. و يدفع التجار والمهنيون ما بين 100 و 370 درهما شهريًا لرسوم الضمان الاجتماعي المتعلقة بالتغطية الصحية ، اعتمادًا على مستوى الربح الذي يحققونه.

2. التشخيص

يعاني القطاع من مجموعة من أوجه القصور المتداخلة ، سواء من حيث :
الاستراتيجية
عدم وجود رغبة حقيقية في تحديث قطاع التوزيع مما ينعكس سلباً على القوة الشرائية للأسر وعلى أمن المستهلك ؛
عدم وجود تخطيط تجاري متوسط ​​ أو طويل الأمد ، واكتفاء السلطات العامة بالتعامل مع المشاكل العاجلة ؛
ضعف البعد الجهوي في صياغة وتطبيق الخطط الهادفة إلى تنمية قطاع التجارة والتوزيع ، وانعدام العدالة الترابية والانسجام في التوزيع الجغرافي للأنشطة التجارية.

الحكامة

عدم القدرة على المواجهة الكاملة لمشاكل الحكامة المرتبطة بتكاثر المتدخلين (الوزارت) والفاعلين وتداخل الصلاحيات ؛
عدم وجود نهج تشاركي في صياغة السياسة التجارية على المستويين الوطني والجهوي، وعدم مشاركة الهيئات المهنية في مراحل التنفيذ والمتابعة والتقييم.

التنفيد العملي

تعطلت الاستراتيجية التجارية الحالية بسبب الفشل في تعبئة الموارد المالية اللازمة ومهارات الموارد البشرية ؛
تدني ربحية التجارة الوطنية ، لا سيما بسبب الاختلالات في التوزيع الجغرافي والمنافسة من القطاع غير المهيكل ، وصعوبات الحصول على التمويل المصرفي ؛
عدم الامتثال للوائح التي تحكم العلاقات التجارية والمعايير المهنية (مثل ممارسات بعض ممثلي السلطات المحلية، والانتهاكات المرتبطة بتحرير أو استغلال الملك العمومي، وممارسات بعض المنتجين مثل البيع المباشر للشركات والتلاعب بأرقام المعاملات، وعدم القدرة على حماية القطاع من المنافسة غير العادلة من فضاءات التجارية الكبرى والعلامات التجارية الأجنبية )؛
عدم وجود برنامج تأهيل موارد بشرية.

3. استراتيجية الاتحاد الاشتراكي

يحتاج قطاع التجارة الداخلية والحرف اليدوية والمهنيين اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى مراجعة نمط تطويره، ليكون قادرا على سلك طريق الاستمرارية والإنتاجية ، وقادرًا على تقديم حلول ملموسة للمهنيين. يتعلق الامر بتحول على جميع المستويات من خلال :
تحسين مكانة المحترف (تاجر أو حرفي) من خلال:
تعميم الحماية الاجتماعية الكاملة والكافية،
بناء قدرات التجار والمهنيين من خلال البرامج التقنية والتدبيرية،
الحفاظ على قطاع التجارة المحلي كتراث اجتماعي.
تحسين جودة المنتجات والخدمات من خلال :
تأهيل القطاع وتحديثه،
المنافسة العادلة بين الفاعلين الاقتصاديين،
الحفاظ على التجارة المحلية،
حماية القطاع من الممارسات غير الأخلاقية وتعميم الممارسات التجارية الجيدة،
تحسين حكامة القطاع

إشراك مهنيين القطاع في جميع المبادرات والقرارات التي تهم القطاع من خلال الأحزاب السياسية والنقابات العمالية ،
تنفيذ توصيات منتدى التجارة المغربي بمراكش،
استكمال مشروع الإصلاح الضريبي.

4. مقترحات الاتحاد الاشتراكي
نفصل أدناه أربعة مشاريع ذات أولوية:

أ. حماية اجتماعية

عدم الاقتصار على التغطية الصحية وتقوية النظام الحالي ليشمل التعويضات العائلية والتقاعد والعجز أو تعويضات فقدان الوظيفة،
العمل على تعميم التغطية لصالح العاملين في القطاع وليس أرباب العمل المهنيين فقط.

ب. توحيد الرؤية الاستراتيجية وتنسيق العمل بين القطاعات الوصية

صياغة استراتيجية وطنية جديدة ذات بعد جهوي و محلي حقيقي من خلال المشاركة الفعالة للقطاعات الحكومية وممثلي الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين ، من أجل توحيد الرؤية الاستراتيجية وتنسيق آليات التدخل في التجارة والتوزيع،
إحياء باليوم الوطني للتجارة والتوزيع.

ج . تحديث وتأهيل القطاع

وضع برنامج تدريبي للتجار بالتنسيق والشراكة مع المنظمات المهنية،
اعتماد التعمير التجاري لتحديد وتوزيع الأنشطة التجارية للحد من المنافسة غير الشريفة وتجويد خدمات القرب،
إصدار قانون يمنع استنبات المساحات التجارية الكبرى وسط المدن مع إخضاعها لدفتر تحملات يراعي خصوصيات قطاع تجارة القرب،
العمل على إدماج القطاع غير المنظم ضمن نسيج القطاع التجاري القانوني ومنع التجارة على الرصيف، الا في اطار الأسواق الأسبوعية أو الموسمية المنظمة،
تحديد صفة التاجر ومعايير اكتساب الصفة المهنية لكل حرفة،
التعجيل بوضع دفتر الشروط والتحملات لكل الأنشطة التجارية غير المصنفة.

د.الملف الضريبي

ستظل توصيات المناظرة الثالثة للجبايات لسنة 2019 بالصخيرات ومحضر الاجتماع بتاريخ 15 يناير 2019 واتفاقية 9 يوليوز بتاريخ 2019 الإطار الحقيقي لكل عدالة ضريبية للقطاع وطريقا معقولا من خلال هذه المخرجات التي تهم:
الرفع من المبلغ المعفى من الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لتجارة القرب بالتقسيط،
الرفع من المبلغ الخاضع للمساهمة المهنية الموحدة الى حدود 5 مليون درهم كمرحلة أولى.

VIII . النقل والخدمات اللوجستية

يلعب قطاع النقل للأفراد والبضائع دورًا أساسيًا في التنمية الاقتصادية والحركية الاجتماعية ويساهم بشكل كبير في دعم الأنشطة الحيوية المتعلقة بالفلاحة والصناعة والتجارة والخدمات والسياحة وغيرها.
من الناحية الاقتصادية، يعد قطاع النقل تاسع أكبر مصدر للناتج المحلي الإجمالي ، بقيمة مضافة بلغت 47.8 مليار درهم في عام 2019 ، أو 4.7 ٪ من إجمالي القيمة المضافة. وفي مجال التشغيل ساهم القطاع بحوالي 551.400 وظيفة في عام 2018 ، تمثل 5.1 ٪ من القوى العاملة. ويمثل القطاع 8 ٪ من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر حيث بلغت مساهمته في الاستثمار الأجنبي المباشر 3,8 مليار درهم، خصصت 92 بالمئة منها لقطاعي التخزين والخدمات التابعة للنقل.ومع ذلك ، إلى جانب السياحة ، كان النقل أحد الأنشطة الأكثر تضررًا من أزمة وباء كوفيد19- على الصعيدين الوطني والدولي.
من جانبه ، يشكل قطاع الخدمات اللوجستية 5.1 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، بقيمة مضافة إجمالية بلغت 46 مليار درهم في عام 2017 ، مقابل 34 مليار درهم في عام 2010. أداء اعتبر غير كاف لاحتلال المغرب المرتبة 87. في الأداء اللوجستي العالمي، بعيدا عن شركائه التجاريين الرئيسيين أو منافسيه.
في الواقع تعتري الأداء اللوجستيكي مجموعة من النقائص، خاصة على مستوى نجاعة الإجراءات الجمركية وإدارة الحدود حيث يحتل المغرب المرتبة 114 عالميا، أو على مستوى القدرة على تتبع خطوط سير ومسار الشحنات إذ يحتل المغرب المرتبة 104 عالميا.
1. أوجه القصور الرئيسية:

عدم وجود رؤية إستراتيجية متكاملة تأخذ في الاعتبار التقارب والتكامل بين مختلف وسائل النقل الغياب التام لأية رؤية استراتيجية مندمجة تأخذ بعين الاعتبار الالتقائية بين مختلف أنماط النقل وبين المجالات الترابية، والاعتماد على برامج وطنية مجزأة تقيم القطائع بين مكونات المنظومة الشاملة للنقل على المستوى البري والبحري والجوي.
انعدام التناسقية في السياسات العمومية نتيجة ضعف الحكامة المؤسساتية والتدبيرية لأنماط النقل: تنوع المتدخلين، تضارب الاختصاصات، تشتت البرامج، تعدد الاعتمادات المالية، عدم تفعيل الالتزامات والاتفاقيات، وغيرها.
غياب سياسة عمومية تجعل النقل واللوجستيك وجهان لعملة واحدة انسجاما مع الاتجاهات الجديدة لسلسلة التوريد، وذلك عبر ضمان الالتقائية والتناسقية بين برامج النقل والسياسة اللوجستيكية.
ضعف التنسيق بين الإدارة المركزية والإدارات الجهوية وبين المتدخلين والفاعلين على الصعيد الجهوي مما ينعكس سلبا على بلورة وتفعيل مخططات لوجستيكية جهوية ناجعة.
التباطؤ في تفعيل عمليات رقمنة المساطر والخدمات اللوجستيكية المحلية والدولية، خاصة في ظل الظرفية الصحية العالمية التي أبانت عن الأهمية القصوى للأدوات والوسائل الرقمية في القطاع اللوجستيكي (المواعيد عن بعد، الأداء الإلكتروني، تتبع مسار الشحنات، …).
تفاقم التفاوتات المجالية بين مختلف الجهات والمناطق في ما يتعلق بحجم الاستثمارات القطاعية وتوفير خدمات النقل مما يعرقل بشكل قوي تحقيق العدالة المجالية في العديد من الخدمات الاجتماعية، خاصة على الصعيدين الصحي والتربوي.
غياب المنافسة الحقيقية وضعف المهنية في قطاع النقل، خاصة أمام فشل محاربة أشكال الريع، والاستثمار المحتشم في مجال النقل العمومي الجماعي، وتعثر العديد من المشاريع والبرامج في مجالات نقل الأشخاص والبضائع استمرار.
تفاقم التكلفة الاقتصادية والاجتماعية لانعدام شروط السلامة، خاصة على مستوى السلامة الطرقية (الطرق المغربية من أكثر الطرق قتلا حسب الإحصائيات: 10 قتلى تقريبا كمعدل يومي)، رغم التطور الملحوظ في الموارد المالية، مما يؤثر بشكل ملحوظ على أداء منظومة النقل ككل.

2. لتوجهات الاستراتيجية / الإجراءات المقترحة

بالنسبة للاتحاد ، فإن الأمر يتعلق بتبني منطق جديد من حيث اعتبار النقل ليس فقط قطاعًا داعمًا لل قطاعات الحيوية فحسب ، بل يعتبره قطاعًا أساسيًا للاستثمار العام والقطاع الخاص الذي يساهم في النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتحسين الظروف المعيشية. لذلك نقترح العمل على المستويات الاستراتيجية والتشغيلية والحكماتية من خلال:

أ. تطوير استراتيجية

وطنية شاملة ومتكاملة تهدف إلى التكامل بين وسائط النقل (الطرق والسكك الحديدية والوسائل الجوية والبحرية) ؛
مبتكرة من حيث السلامة التي تدمج عنصر السلامة على الطرق في المنظور العالمي للتنمية المستدامة؛
التنقل المستدام على مستوى كل منطقة لتأطير خطط النقل والسفر على المستويين الجهوي والمحلي من خلال وضع المبادئ الرئيسية للتنسيق الجهوي مع ضمان تعزيز الشراكة والتعاون بين مختلف المناطق في هذا المجال.
الخدمات اللوجستية لتعزيز قدرات المناطق والمحافظات لضمان الاكتفاء الذاتي في المجالات الحيوية مثل الطاقة والمنتجات الغذائية الأساسية والصحة ( في ظل الأزمة الناجمة عن كوفيد-19 الذي قد يتكرر في شكل آخر في المستقبل).

ب. تطوير ومتابعة الخطة التنفيدية

تشجيع وتعميم وسائل النقل الحديثة والبديلة (باستخدام التقنيات الجديدة وتلبية المتطلبات البيئية) للنقل العام في المدن الكبرى ؛
مراجعة سياسة تخطيط اعداد التراب وتوفير التمويل الكافي (الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والمنح ، إلخ) من أجل :
تعزيز النقل العام ، لا سيما في المناطق الحضرية الكبيرة،
الاستجابة لاحتياجات المستخدمين للطرق الأكثر عرضة لمخاطر الطريق ، ولا سيما إنشاء مسارات للدراجات ومساحات مخصصة للمشاة (معابر المشاة، ومناطق المشاة ، واللافتات المناسبة لإبطاء السرعة ، وإطلاق الأرصفة وغيرها) ؛
وضع خطة رقمية للتموقع في مجال الخدمات اللوجيستية الذكية (اللوجيستيات 4.0) من خلال رقمنة العمليات، والاستخدام الأكثر كفاءة للموارد وتجويد الإجراءات والتنسيق الفعال بين مختلف الجهات الفاعلة في لوجستيات الموانئ (وكلاء الشحن شركات النقل ، مشغلو المحطات ، إدارة الجمارك، الخ..).

ج. إقامة حكامة فعالة وشفافة من خلال:

إنشاء هيكل وطني لتوجيه وإدارة مختلف وسائط النقل بطريقة منسجمة ومتماسكة وموحدة تضع حداً للصلاحيات المتنافسة وانتشار المشاريع.
إشراك الفاعلين الاقتصاديين والمنظمات المهنية في تطوير سياسة النقل العام والتنقل (سيارات الأجرة والحافلات والحافلات والشاحنات).
مراجعة أسلوب إدارة المؤسسات الوطنية في مختلف مجالات النقل الجوي والبحري والبري (الجمعية الوطنية للنقل واللوجستيات ، الشركة الوطنية للسيارات ، المكتب الوطني للسكك الحديدية، المكتب الوطني للمطارات ، المكتب الوطني للموانئ ،. ..) من أجل ترشيد التنظيم الإداري ، وتعزيز الاستثمارات المالية وتعظيم الاستفادة منها ، ورفع مستوى الموارد البشرية.
تطوير إطار تشريعي ومؤسسي لتنفيذ الخطط اللوجستية على المستوى الجهوي من أجل تعبئة الأراضي المناسبة ، وتسريع إنشاء المناطق اللوجستية وضمان تنسيق أكثر كفاءة بين أصحاب المصلحة والجهات الفاعلة الجهوية.

المقاولات الصغيرة
والمتوسطة والصغرى

لتحليل بيئة الأعمال بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة المغربية،اخترنا مقاربة واقعية تستند إلى جمع المعطيات الميدانية، إضافة إلى المشاورات مع عدد من رؤساء مقاولات صغيرة جدا ومقاولات صغيرة ومتوسطة ومع خبراء. للأسف الشديد، فإن الملاحظة النهائية تتوافق مع انتظاراتنا، وهي أن مناخ الأعمال في المغرب ليس مناسبا لخلق المقاولة وتطويرها. وهكذا، بالرغم من أهمية المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة التي تمثل 93 % من النسيج الإنتاجي والمبادرة الخاصة في المغرب من ناحية، وكثرة البرامج المتفرقة والمجزأة الموجهة للمقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة من ناحية أخرى، تبين أن استراتيجية المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة فشلت فشلا متعدد الأبعاد..
باختصار، يمكننا أن نعلن، في ضوء التقدم الملتبس، عدم فاعلية السياسات والاستراتيجيات المعتمدة في العقود الأخيرة. ويرجع ذلك، من بين أمور أخرى، إلى غياب التقائية هذه السياسات وبطء التطبيق ومشاكل في الحكامة.
وللإجابة عن هذه الإشكالية، نقترح مقاربة مبتكرة، شاملة وأكثر تكاملا على المدى المتوسط. وهذا يمر بالضرورة عبر إحداث قطيعة تدريجية مع النموذج الحالي.

I. تشخيص الوضعية

إشكالية المقاولات الصغيرة والمقاولات الصغرى والمتوسطة معقدة وتتطلب مقاربة شاملة. وهكذا، فإن العيب الأول هو التصنيف الغريب للمقاولات في ميثاق المقاولات الصغرى والمتوسطة. هذا التصنيف الكمي عادي وبسيط لكونه: تصنيف عام ولا يأخذ في الاعتبار خصوصيات أنشطة المقاولات الصغيرة والمقاولات الصغرى والمتوسطة. تصنيف ينطلق من معطيات إحصائية غير دقيقة بسبب القطاع غير المهيكل.. كما أنه تصنيف لا يأخذ بعين الاعتبار إلا ما هو منجز وليس الإمكانات، وهو ما يستبعد فعليا المقاولات الناشئة.
وتعمل المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة في بيئة معقدة مقسمة إلى ثلاثة محاور:

1. المحور المؤسساتي

أ. إعداد التراب الوطني

إن عزلة بعض المراكز الحضرية المتوسطة أو الصغيرة، وضعف البنية التحتية والخدمات العمومية الذي ينضاف إليه نقص التكوين تفسر انتشار قطاع أولي بدائي و/ أو تجارة ذات قيمة مضافة هزيلة. في هذه المراكز، كل هاته العوامل لا تساهم في تطوير المقاولات الصغيرة والمقاولات الصغرى والمتوسطة، وهو ما يتسبب بالتبعية في البطالة والهجرة..

ب. اتفاقات التبادل الحر والتموقع على الصعيد الدولي

من أجل الانخراط في الاتجاه العالمي الذي تمليه اتفاقيات منظمة التجارة العالمية والعولمة، وقع المغرب العديد من اتفاقيات التبادل الحرمع العديد من البلدان والفضاءات الاقتصادية الإقليمية. كان من المنتظر أن تكون هذه الاتفاقيات بمثابة رافعات للنمو الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطن من خلال توفير فرصة حقيقية تحفز النسيج الاقتصادي وبالتالي المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطةعبر مضاعفة الفرص الصناعية الجديدة، ونقل الكفاءات والولوج إلى الأسواق الدولية.
غير أن الواقع مختلف تماما للأسف الشديد. أدت اتفاقيات التبادل الحر إلى منافسة غير عادلة، كما أن المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة، التي كانت غير مهيئة، تحولت إلى مقاولات مستوردة لتلبية الطلب المحلي..
الشركات الأجنبية التي استقرت في المغرب عبر حصولها على امتيازات مختلفة أصبحت علاجا مسكنا للبطالة الهيكلية مستفيدة في ذلك من الأجور المنخفضة. أفضل المؤشرات هي مستوى احتياطياتنا من العملات الأجنبية وميزان الميزان التجاري. بالإضافة إلى ذلك، فقد تبين أن الإشعاع الموعود لـ «صنع في المغرب» على المستوى العالمي كان مجرد وهم..

ج. الثقافة والنظام التعليمي

بحكم أن الثقافة كانت مهمشة في استراتيجيات التنمية في المغرب، فإننا نعتقد أن سياسات تنمية ريادة الأعمال فشلت في تقدير تأثير الثقافة على دينامية الأعمال في بلادنا.
وانطلاقا من البرامج المستوحاة غالبا من تجارب البلدان الأخرى، لم يول السياسيون سوى القليل من الاهتمام للخصوصية المغربية التي تتوجس من المقاولة والتي تعتبرها نخبوية، في حين تدافع عن نظام العمل المأجور الذي يعتبر أقل خطورة.
وفضلا على ذلك، حتى إذا كان البعض يتغلب على ثقافة الخوف من المخاطرة التي تغرسها البيئة الأسرية، فإن الغالبية إما تنجذب إلى الانتهازية بغرض تحقيق الربح السريع والقصير الأجل، أو إلى نموذج مقاولاتي عفا عليه الزمن وقيمته المضافة ضعيفة، مع حكامة تعزز على المدى الطويل لائحة المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة التي تعمل في القطاع غير المهيكل، وتخلق مناصب شغل هشة، بدخل الكفاف، ومقاولات سريعة الزوال.
ويعزز النظام التعليمي استمرارية هذه الثقافة. والتذبذب الذي يميز سياساتنا لم يؤد إلى تفاقم عجزنا عن إنتاج خريجين مؤهلين حاملين لأفكار مبتكرة في ريادة الأعمال، على الرغم من وفرة العرض في برامج التكوين المفككة حول ريادة الأعمال لأنها منفصلة عن عالم الأعمال..

2. المحور الأفقي

أ. الدولة والإدارات العمومية

يعتبر دور الدولة وأجهزتها التنفيذية حاسما في المجال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي يؤثر على مبادرة ريادة الأعمال وخلق واستغلال وتطور المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة في المستقبل.
من خلال سلطتها في مجال اقتراح القوانين وتنفيذها، فإن الدولة هي المحفز لأي دينامية ذات توجه قوي في النسيج الاقتصادي. وباعتبارها أكبر آمر بالصرف بالنسبة للصفقات العمومية، فهي تحفز الطلب، ولكن يجعلها في نفس الوقت المدين الرئيسي لبعض الشركات وبشكل غير مباشر لبعض الشركات بسبب التأثير النسقي.
ومع ذلك، وعلى الرغم من العديد من المبادرات، فإن النتائج كانت متباينة وأقل من التوقعات. فوفقا للمندوبية السامية للتخطيط، فإن 57 % من المقاولات ينتقدون الممارسات الإدارية غير الأخلاقية التي كانت السبب في علاقات غير صحية. كما ينتقدون الفساد والمساطر المعقدة والطويلة وطول فترات السداد، من بين أمور أخرى.

ب. الولوج للتمويل

خلصت جميع الدراسات إلى أن وسائل التمويل الموجهة للمقاولات الصغيرة والمقاولات الصغرى والمتوسطة ضعيفة. بدءا من نقص رأس المال الهيكلي إلى صعوبة الحصول على تمويل هذا الامر الذي يأثر سلبا على الاستثمار و تنمية هذه المقاولات.
على الرغم من صيغ التمويل المتاحة، تظل البنوك حذرة فيما يتعلق بالائتمان وتفضل تمويل الجزء السفلي من الميزانية بدلاً من تمويل الاستثمارات. مع دعم نهج الممتلكات العينية على حساب إمكانات الأعمال.
بالإضافة إلى ذلك، يعمل سوق الرساميل بشكل رئيسي في اتجاه المقاولات الكبرى. هناك حاجة إلى إصلاح السوق المالي وكذا سوق الرساميل من الجيل الجديد. وهذا الإصلاح يجب أن يركز على وضع أدوات جديدة لتعبئة الادخار الخاص وتقليص الفجوة بين الاستثمار والادخار والتي تبلغ حوالي 8 نقاطوإذا تعدر هذا، فإن احتمال الحلقة المفرغة للمديونية الداخلية والخارجية يمكن أن يكون النتيجة الحتمية لتمويل النموذج التنموي الجديد.
إن تحليل بنية الادخار في المغرب تظهر أن الادخار المالي شديد السيولة وقصير الأجل وأن هذا الوضع يفيد بشكل أساسي البنوك التي تجني أرباحا متزايدة باستمرار. إن الأدوات المخصصة للاستثمارات المتوسطة والطويلة الأجل ضعيفة للغاية وتدر ربحا قليلا وتوظف بعيدا عن اهتمامات وانشغالات النظام البنكي. يتم معاقبة صغار المدخرين في صناديق التوفير ودفاتر التوفير بأسعار فائدة بالكاد إيجابية.

3. محور العمليات

من خلال هذا المحور، نريد تسليط الضوء على العناصر الثلاثة التي نعتقد أنها تؤثر بشكل كبير على نشاط المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة وإنتاجيتها.

أ. السوق الداخلي

من وجهة النظر الهيكلية، يتميز السوق الداخلي بالتأثير القوي للوسطاء وأصحاب الريع والعاملين في القطاع الغير المهيكل..
العرض يغلب عليه القطاع الثالثي ويركز على التجارة في البضائع المستوردة، والمقلدة في بعض الأحيان، أو المهربة. هذه البضائع، سواء كانت موادا أولية أو منتجات نهائية، فهي منخفضة الجودة وتباع بأسعار بخسة. وهذا يؤدي إلى انخفاض هوامش المنتجين المغاربة الذين يتنافسون مع هذه المنتجات. وهو ما ينعكس على الاستثمار، ويؤدي إلى عرقلة تنمية المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة.
لا يزال الطلب الخاص القادر على الدفع والمستدام يتركز في المدن المتوسطة والكبيرة وهو موجه بشكل أساسي نحو المواد المستوردة. الطلب العمومي موجه في قسط كبير منه نحو الشركات الكبيرة، التي تعاني من آجال السداد طويلة الأمد.

ب. عوامل الإنتاج

بدءا من الاستثمار ووصولا إلى التسويق، فإن تدبير عوامل الإنتاج مقيدة كثيرا للمقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة. فالاعتماد القوي على الواردات يجعل نموذج الأعمال غير مستقر بسبب تقلب الأسعار على المستوى الدولي وتقلب أسعار الصرف، علما أن التقنيات المستوردة بشكل عام قديمة ومستخدمة وهذا ما يضعف الإنتاجية.
يضاف إلى ذلك، من بين أمور أخرى، فاتورة الطاقة المرتفعة بشكل كبير، وهو ما يفسر القيمة المضافة المنخفضة التي تنتجها المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة. مع العلم أن سعر الطاقة في المغرب هو من أعلى الأسعار في العالم.
الرأس المال البشري هو عامل أساسي في إنتاجية المقاولة. وفي المغرب، تواجه المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة بشكل بنيوي مشكلة اليد العاملة المؤهلة الموزعة بشكل غير متكافئ جغرافيا ومكلفة جدا في حالة نقلها.
وأخيرا، مع تكلفة النقل المرتفعة جدا وآجال التسليم العشوائية، يزداد مستوى المخزون الآمن وهذا يؤثر بشكل كبير على خزينة المقاولات الصغيرة والمقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تعاني أصلا بسبب التأخير في آجال الأداء وثقل سعر الفائدة.

ج. الحصول على الوعاء العقاري

على الرغم من بعض التقدم التي مكن بلادنا من الحصول على رتب في التصنيف الدولي ولاسيما قياس «أنشطة نظام الأعمال» للبنك الدولي، لا تزال بيئة الأعمال في المغرب تعاني من العديد من أوجه القصور التي لا تزال تشكل قيودا على المقاولات الصغيرة والمقاولات الصغرى والمتوسطة. ومع ذلك، لا ينبغي لهذا الأداء أن يحجب التقدم الذي يتعين تحقيقه في مجال تسهيل الحصول على الوعاء العقاري، أو في إنشاء مناطق صناعية متخصصة، أو تحسين جودة التجهيزات والبنيات التحتية.

II. مقترحات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية

بالنسبة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من المستعجل إحداث تغيير في بيئة الأعمال الوطنية لتشجيع ريادة الأعمال والاستثمار الخاص المغربي.
كنقطة انطلاق، نقترح بداية تدقيق التعريف القانوني المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة لدمج الخصائص النوعية والاجتماعية والبيئية التي تأخذ في الاعتبار الخصوصيات الحالية المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة وتصنيفها:
المقاولات الناشئة؛
المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة المنظمة والشفافة؛
المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة التي تعمل في القطاع غير المهيكل.
ويتعلق الأمر بمعالجة بيئة الأعمال ككل وفقا لشبكة القراءة نفسها للتشخيص أعلاه.

1. المحور المؤسساتي

أ. تهيئة التراب الوطني

في رأينا، مخطط تهيئة مندمج وفعال يجب أن يندرج في إطار تفكير طويل المدى الذي يأخذ بعين الاعتبار التراب الوطني بأكمله. وهذا يتطلب توزيعا عادلا للفرص والموارد الضرورية للتنمية الاقتصادية والتي لا يمكن فصلها عن مشاركة المقاولات الصغيرة والمقاولات الصغرى والمتوسطة.
في هذا الإطار، نقترح توسيع صلاحيات الجهات إلى جانب نظام محاسبة محايد. كما يتعين إنشاء لجان على المستوى الجهوي تتوفر على الموارد البشرية والمالية اللازمة لدعم المقاولات الصغيرة والمقاولات الصغرى والمتوسطة، وليس فقط على المستوى الإداري. كما يجب منح حوافز ملموسة للشركات التي تمركزت بالفعل في المراكز المستهدفة.
تخصص كل جهة يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في مخطط مديري وطني شامل، الذي يأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الحالية وإمكانيات كل جهة، من أجل تحفيز التعاون والتآزر بين الجهات وتحسين النفقات الإجمالية. وأخيرا، نظام توزيع يسمح بتوفير تمويل كاف للمشاريع لتنمية المناطق الأقل جاذبية.

ب. اتفاقات التبادل الحر والتموقع على الصعيد الدولي

على غرار ما يحدث في العالم في أعقاب أزمة كوفيد-19، فإن مراجعة اتفاقيات التبادل الحر في رأينا، أصبحت أمرا لا مفر منه. يجب أن نتوجه نحو استهداف انتقائي للأسواق ذات الطلب المرتفع على المنتجات المغربية، وأن نراقب بمؤشرات التوازن التجاري، حتى، بدون العودة إلى الحمائية، يتمكن الميزان التجاري من تحقيق توازن نوعي مستدام.
وسيكون من الضروري أيضا مراجعة وجهة الإعانات التي تمنحها الدولة وتوجيهها نحو القطاعات التحويلية التي تزيد من مزايانا إلى أقصى حد وتقلل من صادراتنا من المواد الخام لصالح المنتجات المصنعة.
من المهم أيضا تعزيز وسائل مكافحة التهريب والتقليد عبر تشديد العقوبات في القانون الجنائي.
أخيرا، يقترح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تشجيع الوطنية الاقتصادية من خلال تشجيع استهلاك المنتوجات المغربية. وهذا يمر عبر تحسين ثنائي جودة/سعر لمنتجاتنا ليتم تصنيعها وفقا لمعايير صارمة من أجل خلق علامة تجارية محلية بهدف تعزيز الصادرات.

ج. الثقافة والتعليم

نحن نقترح فعلا سياسيا منظما ومستداما لإحداث ثورة في التفكير في ريادة الأعمال في المغرب لتحقيق هدف منسق ومتقارب تنخرط فيه عالم الأعمال والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية من أجل إقناع المجتمع أن ريادة الأعمال هي التي تخلق العمل المأجور. إن بيداغوجيا مبتكرة وبناء تشاركي الذي يساهم فيه المقاولة ورجل الأعمال، مهمان من أجل خلق نموذج رجل الأعمال المدبر المستقبلي.

2. المحور الأفقي

أ. الدولة والإدارات العمومية

نحن بحاجة إلى إطار مؤسساتي جديد يطهر العلاقة بين الدولة والمقاولة من خلال نهج تشاركي يقوم على القرب والتفاعل والتعاطف، حيث يلعب الموظف الوطني، المتخلص من عيوب البيروقراطية، دورا ميسرا في تنفيذ القوانين والمساطر. يجب إعادة صياغة الإطار القانوني بهدف غرس الثقة والبساطة للمقاولين الديناميكيين.
على هذا النحو، تم اقتراح سلسلة من الإصلاحات التنظيمية والمؤسساتية في اتجاه تبسيط المساطر الإدارية. كما يقترح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية «قانون تحديث الاقتصاد» وتضمينه جميع المقتضيات المتعلقة بمناخ الأعمال. يقترح هذا القانون بشكل خاص تبسيط المساطر للشركات والذي تشمل أيضا:
مراجعة كافة الإجراءات الإدارية المتعلقة بالنشاط الاقتصادي بهدف إزالة 90 بالمئة من التراخيص والتصاريح واستبدالها بدفاتر تحملات مع التزام بسيط بالإشعار. ويتعين تأطير التراخيص المتبقية؛
رقمنة جميع المعاملات بين المواطنين والشركات مع الإدارة خلال 3 سنوات. جميع الوثائق يمكن تقديمها أو استخراجها في نسخة إلكترونية دون حاجة المواطن للتنقل؛
وضع ميثاق استثمار جديد ليحل محل ميثاق 1995 الذي أصبح متجاوزا، ووضع ميثاق وطني للمقاولات الصغرى والمتوسطة-المقاولات الصغيرة جدا ،

المكافحة الفعالة والفعلية
للفساد والجرائم المالية.

الضرائب هي أيضا معيار أساسي للقدرة التنافسية. نقترح إصلاحا ضريبيا يعزز الاستثمار والقبول بالضريبة كمسؤولية اجتماعية. تم تفصيل هذا الإصلاح في القسم المخصص للسياسات الاقتصادية المقترحة من قبل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أعلاه.

ب. الولوج إلى التمويل

بالنسبة لهذا المحور، نوصي بما يلي:
تعزيز وتنويع آليات إعادة توجيه الادخار نحو القطاعات الإنتاجية.
إعادة هندسة العلاقة بين البنك والمقاولة. وهذا يمر عبر توسيع منتجات التمويل المخصصة المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة.
تجميع جميع الصناديق وصناع القرار والوكالات العمومية المتدخلة في تمويل المقاولة (دعم، مساعدات مباشرة، إلخ.) في هيئة واحدة في شكل بنك تمويل متخصص. يتعلق الأمر بإنشاء بنك عمومي للاستثمار خاص بالمقاولات الصغيرة والمقاولات الصغرى والمتوسطة والصناعات الصغيرة والمتوسطة. بنك يواكب المقاول من بداية المشروع إلى نضجه. فيما يتعلق بإدارة المخاطر، يمكن دعم هذه المؤسسة من قبل الشركة الوطنية للضمان وتمويل المقاولة. وسيكون تدخلها من أجل المساعدة المباشرة وتقديم قروض بشروط دنيا. سيساعد هذا البنك (البنك العمومي للاستثمار) أيضا في تمويل تحديث أدوات الإنتاج والإدارة عن طريق تثبيت عمليات المرونة التنظيمية.
وضع سياسة تعليمية خاصة بالمالية وريادة الأعمال (إشراك نظام التعليم العالي، والوسطاء الماليين).
بالإضافة إلى ذلك، فيما يتعلق بالأسواق المالية، نقترح:
الإسراع في إصلاح الأسواق المالية في المغرب بأبعادها المتعددة (سوق الرساميل والبورصة والتأمين وشركات التمويل وأنشطة رأس المال-المخاطر، ورأس مال تنمية، الخ) وذلك في إطار مقاربة منسقة ومتكاملة؛
تحسين سيولة السوق من خلال تسهيل الولوج إلى سوق البورصة للمقاولات الصغيرة والمتوسطة وإدخال أدوات مالية جديدة (مثل المنتجات ذات الأجل المحدد) وإنشاء وكالة تصنيف مستقلة.
تسريع عملية تحديث شركة بورصة الدار البيضاء عبر الإنترنت، من أجل تسهيل تبادل الأوراق المالية المرتبطة بالمقاولات الصغرى والمتوسطة وكذلك لتعزيز دمقرطة الاستثمار المسؤول في سوق الأوراق المالية؛
تكثيف تطوير مصادر بديلة للتمويل من خلال إنشاء إطار تنظيمي مناسب.
في ما يتعلق بالولوج إلى الخدمات البنكية والقروض، فيتعلق الأمر بـ:
تنويع عروض التمويل البنكي وتحسين نسبة استخدام الحسابات البنكية؛
تكييف ومراجعة نظام الضمان من أجل توجيهه نحو احتياجات وقدرات الفاعلين؛
تطوير أدوات محددة مثل صناديق الضمان العمومية لقروض الشركات الصغيرة والمتوسطة، وصناديق رأس المال-المخاطر العامة/الخاصة، وصناديق الاستثمار العامة/الخاصة، الخ.

3. المحور العملياتي

هدفنا هو تحسين إنتاجية المقاولات الصغيرة والمقاولات الصغرى والمتوسطة من خلال:

أ.تعزيز السوق الداخلية

تكثيف مكافحة الفساد والتهريب واعتماد ضرائب عادلة ومنصفة لردع حالات البحث عن الريع. يجب أن يترافق هذا النهج مع تسريع اندماج القطاع غير المهيكل؛
دعم الطلب وتوطين الوظائف في المراكز البعيدة وغير الساحلية التي يجب أن يعهد بتحقيقها إلى الجهات وفق خطة وطنية.
تخصيص عدد من الصفقات العمومية بشكل حصري للمقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة المهيكلة مع تدابير المساعدة التقنية والمالية.

ب. تخفيض تكاليف عوامل الإنتاج

سياسة مندمجة لبناء صناعة وطنية ثقيلة بإمكانها أن تحل تدريجيا محل واردات الآلات اللازمة لتجهيز الصناعة والبناء والأشغال العمومية على سبيل المثال. وفي هذا الإطار، فإن زيادة الإنفاق العمومي على البحث والتطوير أمر لا مفر منه. ونظرا لأن هذا التحول الصناعي له توجه قوي، فإننا نوصي بسياسة تشترط استيراد أدوات التجهيزات بنقل مصاحب للتكنولوجيا والمهارات مع إعانات للاستثمار الأجنبي المباشر الذي يعمل في الصناعات الثقيلة.

تنمية مهارات الجودة بتكلفة معقولة:

الجمع بين احتياجات التكوين والسياسات القطاعية وعروض التكوين من خلال التفكير أكثر في تنمية المهارات.
تعزيز جهود التنسيق والتآزر بين السياسات التعليمية والتكوين والتوظيف من خلال إعادة توجيه وتحديث دور مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل.
تطوير التكوين في مجال ريادة الأعمال لتعزيز تأسيس المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة ذات القدرات الإدارية الجيدة.
تشجيع الشباب المؤهلين على العمل في المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة من خلال وضع ميثاق المسؤولية الاجتماعية لتحسين الثقة بين المأجورين وأرباب العمل.
الزيادة في عدد المراكز الجامعية والتكوين المهني القريبة.
إعادة هندسة برامج التكوين مع مراعاة واقع النسيج الاقتصادي المغربي وخصوصيات المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة.
تفعيل عمل وكالة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتكوين المهني المعتمدة في مارس 2016، مع ضمان تمتعها بالاستقلالية في اتخاذ القرار، وبإشراف القطاعين العام والخاص وبالموارد المالية والبشرية الكافية.
توافر لوجستي جهوي موحد من خلال إنشاء مراكز تخزين جهوية لتسهيل التزويد وحل مشكلة اللوجستيك والنقل.

ج. حل الإشكالية العقارية

اعتماد مشروع قانون التسجيل العقاري (الأراضي الجماعية) وتسهيل المساطر بالنسبة للمستثمرين الذين يقومون بمشاريع تنموية.
تعزيز الرقابة المتعلقة بتثمين الأراضي الممنوحة لمشاريع التنمية. يجب أن تتم هذه الرقابة من خلال المكاتب الجهوية للأملاك العمومية.
تحسين توفر الوعاء العقاري والمخزون المؤجر للاستخدام الصناعي.
زيادة أو إحداث ضريبة تستهدف الأصول غير المولدة للثروة، مثل الأراضي غير المبنية أو غير المستغلة، والمساكن غير المأهولة أو حتى تثمين الأصول غير المرتبطة بالاستثمارات.
وأخيرا، نقترح دعم المقاولات الناشئة والابتكار على وجه التحديد باعتبارهما رافعتين حقيقيتين لتغيير النسيج الاقتصادي الوطني. والسبب هو أن المقاولة الناشئة، حتى لو كانت تعتبر من وجهة نظر ريادة الأعمال مبادرة استثمارية، فإنها مع ذلك تحتفظ بخصائصها المميزة للغاية.
فالمقاولة الناشئة هي في رأينا مبادرة يجب أن تكون مبتكرة، والعنصر الأساسي فيها هو الإنسان. ينجح هذا الأخير، من خلال مهاراته، في تحويل فكرة باستخدام التكنولوجيا الجديدة إلى نموذج مقاولة فريدة تقدم بشكل عام خدمة متطورة ذات إمكانات عالية لتحقيق الربح بمرور الوقت وبالتالي فإن تصنيفها يقع في اقتصاد المعرفة، الذي يجمع بين الأوساط الأكاديمية وعالم الأعمال على المستوى الدولي.
في المغرب، تم الإعلان عن عدة مبادرات وبعضها قيد التنفيذ. مع ذلك، ورغم أنها مصممة لتغطية كل ما هو ضروري (من الحضانة، والتدريب، والتمويل، والمساعدة الفنية) ، إلا أن هذه المبادرات لم تحقق سوى إنجازات خجولة بسبب إحجام المعنيين بالأمر، والخلط الذي لازال موجودا بين مقاولة تقليدية و مقاولة ناشئة. ومن هنا كان تعدد الصعوبات التي تواجه المقاولات الناشئة في المغرب:
قانونية ومالية: عدم وجود تعريف قانوني للمقاولات الناشئة؛ مساطر قانونية مرهقة بخصوص هيئات التوظيف الجماعي للرأسمال بالنسبة للأموال المخصصة لانطلاق المشروع.
التمويل المحدود بسبب نفور المانحين من المخاطرة.
ثقافة ريادة الأعمال المحافظة.
رأس المال البشري الذي يفتقر إلى المهارات الشخصية اللازمة لتطوير المشروع.
صعوبة الولوج إلى السوق الوطنية والدولية.

من أجل تصحيح أوجه القصور في السياسات والاستراتيجيات الموضوعة لهذا الجزء المستقبلي من المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة، نوصي بإحداث «قانون المقاولة الناشئة والابتكار» الذي يشمل المحاور التالية :
على الصعيد القانوني :
صياغة إطار قانوني خاص بالمقاولات الناشئة، بما في ذلك الأحكام المتعلقة بتصفيتها؛
وضع نظام خاص بالحاضنات.
تكييف لوائح الصرف الأجنبي والتصدير لتدويل المقاولات الناشئة.
تكييف النظام الضريبي مع المقاولة الناشئة والمؤسس.
من أجل تحسين الولوج إلى الأسواق :
خلق علامة شركة ناشئة، ممنوحة من قبل لجنة مكونة من ممثلين عن الصناديق والسلطات العمومية والخبراء.
دمج المقاولات الناشئة في حصص طلبات العروض العمومية.
تخفيف شروط ولوج المقاولات الناشئة إلى الأسواق الاستراتيجية (البنوك، التأمين، الخدمات المالية).
تشجيع المقاولات المغربية الكبيرة أو الشركات المحلية متعددة الجنسيات على دعم المقاولات الناشئة في الوصول إلى الأسواق الدولية في شكل عقود المناولة على سبيل المثال.
وضع نظام لشهادات المرشدين والخبراء في مواكبة المقاولات الناشئة.

لتشجيع الاستثمار:

اعتبار المقاولات الناشئة «فاعلين اقتصاديين معتمدين» بالمعنى الجمركي وإعفائهم من إجراءات الملاءمة عند الاستيراد.
إنشاء ميثاق خاص بالمقاولات المغربية الناشئة يخول لها الاستفادة من المساعدات والمنح والمزايا الضريبية وكذا الاستفادة من النظام البيئي لتعاضد المجموعات.
إصلاح شركة المساهمة المبسطة ونظام هيئات التوظيف الجماعي للرأسمال (الشروط والمرونة ورأس المال والمساطر وغيرها) و/أو إنشاء آليات متعلقة بها.

لتسهيل الولوج إلى التمويل :

إنشاء تمويل بنكي لصادرات المقاولات الناشئة.
إنشاء نظام حوافز مالية للباحثين بناء على عدد المنشورات وإيداع براءات الاختراع (برنامج الاتفاقية الصناعية للتكوين عن طريق البحث، دعم تكاليف إيداع براءات الاختراع).
إعداد دعم حكومي محدد للمقاولات الناشئة :
تعزيز الدعم العام لبنيات المواكبة والتسريع لحاملي المشاريع (المالية والتقنية والتواصل وغيرها).
مركزة المعلومات المتعلقة بالمساعدات العمومية الموجهة إلى حاملي المشاريع المبتكرة.
وضع برنامج وطني لتنمية روح المبادرة داخل المؤسسات التعليمية.
إصلاح برامج التربية الوطنية لتتناسب بشكل أفضل مع مهن المستقبل.
إحداث الإطار القانوني ل»الباحث» بما يتيح الحصول على موارد مالية وتقنية وإدارية كافية لتشجيع الابتكار.
إعداد التراب الوطني والموارد والتنمية المستدامة
التزم المغرب منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بنهج الاستدامة. في هذا السياق، شرع في تنفيذ العديد من الإصلاحات والبرامج بهدف الحفاظ على النظم البيئية، وتحسين المرونة الاجتماعية والبيئية للبلاد وتشجيع المزيد من أساليب الإنتاج التي تحترم البيئة.

تطور البلاد وبالتالي استغلال الموارد والأراضي يضعنا في مواجهة عدة تحديات:

رأس مال طبيعي غني ومتنوع، ولكنه في حالة تدهور مستمر (الاستغلال المكثف للمياه والتربة، وندرة المياه، والأراضي الهشة – الجبال والواحات والسواحل).
التحضر المستدام الذي تهيمن عليه المدن الكبيرة ذات الكثافة البشرية العالية مع ما يطرحه من رهانات الصحة والأمن.
عالم قروي متخلف يتسم بالفقر والعزلة.
بلد في طور التحول الديموغرافي.
الرهان الأساسي يتعلق بالثنائي (الماء/الطاقة) والذي يعد جزءا لا يتجزأ من المساهمة المحددة وطنيا، كما تحتل مكانة مهمة في أهداف التنمية المستدامة. اليوم، نلاحظ أن هشاشة كبيرة تميز السياق المناخي والهيدروليكي للمغرب – يتأثر بشكل أساسي بعدم انتظام سنوي وتقلب التساقطات المطرية من سنة لأخرى وعدم تجانس توزيعها في الزمان والمكان، ولكن أيضا بالتداعيات السلبية الناتجة عن الأنشطة البشرية وتغير المناخ.
لذلك يعتبر التحكم في الموارد المائية والطاقية وتدبير التراب الوطني بشكل عام والمناطق القروية، أمرا حاسما ويتطلب خيارات استراتيجية على جميع المستويات، لا سيما فيما يتعلق بالسياسات العمومية ذات الصلة بالنظم الزراعية، والخيارات الطاقية والمعدنية، وتدبير النظم البيئية، وخاصة بالنسبة للمناطق المصنفة في الطبقات البيومناخية شبه الجافة والقاحلة.
ندرة الموارد المائية في المغرب، والتبعية الطاقية للسوق الخارجية (95 بالمئة من الاحتياجات المستوردة) وكذا سياسة إعداد التراب الوطني، هي التحديات الاستراتيجية الرئيسية الثلاثة التي يجب على البلاد مواجهتها في السنوات المقبلة.
نرى بأن اتباع طريقة التفكير التي تجعل من الإنتاجية المتزايدة رافعة تستهدف الربح الآني، دون الأخذ بعين الاعتبار الإمكانات الخاصة للمناطق المشكلة للتراب الوطني، سواء من حيث الموارد المتاحة أو من حيث المعرفة المحلية التي تحترم التنوع البيولوجي، يمكن أن يزيد من تدهور البيئة بشكل عام والإضرار بالظروف المعيشية للسكان الحاليين والمستقبليين.
في هذا السياق، نطمح للمساهمة في الجهد الوطني لتحسين الموارد المائية والطاقية والبيئية في بلادنا، من خلال تبني تصور يتسم بترشيد الموارد والوسائل، وفعالية الخدمات واستدامتها وذلك عبر تحسين جميع الجوانب المتعلقة بالحكامة الجيدة، سواء على المستويات المؤسساتية والقانونية والتنظيمية والعملياتية، انطلاقا من التخطيط الاستراتيجي لتدبير منسق للمجالات الترابية .
ومع ذلك، وهذا هو الحال بامتياز للتدبير المستدام، يجب أن يسير تعزيز القدرة التنافسية لكل مجال وفعالية إجراءات التنمية جنبا إلى جنب مع هدف التنمية العادلة. وهذا يتطلب تعزيز أشكال مختلفة من التضامن بين المناطق وداخلها.
وهكذا، فإن الجهود التي سيتم بذلها وما يتصل بها من تنسيق يجب أن ترتبط برؤية شاملة واستشرافية، مع تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والبشرية المستدامة.كما أن تهيئة المجالات لا يمكن أن تندرج في إطار الاستمرارية التاريخية للأعمال البشرية وتأثيراتها على المجالات إلا تم اتباع مقاربة تشاورية واسع للسيطرة الجماعية على المستقبل.

I. تهيئة التراب الوطني

تستند تهيئة التراب الوطني على رؤية تهدف إلى تحقيق النمو المستدام من خلال صياغة السياسات العمومية التي تحدد المبادئ الثلاثة. يجب أن يلبي النمو المستدام احتياجات السكان الحاليين، دون التأثير على مستقبل الأجيال القادمة وقدرتها على تلبية متطلبات معيشتهم، أو حتى رفاهيتهم.
علاوة على ذلك، نلاحظ أن جميع التحديات الرئيسية التي تواجه المجتمعات الحديثة لها أبعاد ترابية أساسية. تجسد هذا الواقع من خلال العودة إلى مفهوم المجال الترابي (المجال الترابي هو وعاء لمختلف التحديات والاختلافات واللا مساواة) والعودة القوية إلى التحديات الترابية في الخطب السياسية والدراسات المتعلقة بالتنمية، بالإضافة إلى الاهتمام المتجدد بتهيئة التراب وتحسين حكامة تدبيرها.

1. التشخيص

على مدى العقود الماضية، شهد المغرب تحولات عميقة مع تحديات جديدة سواء من حيث التمدن وتعزيز المدن الكبرى، فضلا عن تحول المناطق القروية وإشكاليات المرونة المرتبطة بها وأخيرا، الإشكاليات المتعلقة بتغير المناخ ورهان الاستدامة:
أ- الرهان الديمغرافي والدينامية الاجتماعية
الفوارق المجالية والاجتماعية تتعمق:
كثافة سكانية عالية في الشمال الغربي (87 ٪ من الساكنة يتمركزون في 27.5 ٪ من المساحة)؛
أقل من 13 ٪ من السكان يتمركزون في المناطق الجنوبية والشرقية؛
تمركز قوي على الساحل (55 ٪)؛
تباطؤ مستمر في النمو الديموغرافي (2.06 % في عام 1960 و1.25 ٪ في عام 2014).
ب- رهانات دينامية التمدن :
المغرب اليوم هو بلد متمدن. هذا تغيير كبير في المشهد الوطني الذي حدث بسرعة منذ الستينيات (29 %من سكانه يسكنون في المدن) إلى يومنا هذا (أكثر 65 ٪). يتميز هذا التمدن بتمركز قوي للسكان على الشريط الساحلي وإنتاج للثروة بشكل رئيسي في المراكز الحضرية (75 ٪من الناتج الداخلي الخام، 80 % من المداخيل الضريبية، 60 ٪ من مناصب الشغل) وهو ما يشكل فوارق مهمة بين المناطق.
بالإضافة إلى ذلك، تهيمن على المجال الحضري المدن الكبرى ومدينة الدار البيضاء الكبرى (حوالي 50 ٪ من السكان). وهو ما يطرح مسألة الإمكانيات التي يتعين تثمينها على مستوى المدن المتوسطة (ثلث السكان) والمدن الصغيرة (20 ٪ من السكان).

ج – العالم القروي: فوارق مقلقة

يمثل العالم القروي في المغرب 98 ٪ من المساحة و40 ٪ من السكان، أي 85 المائة من الجماعات. يتميز بساكنة شابة ونشاط مرتبط بشكل شبه حصري بالفلاحة (78 ٪ من مناصب الشغل) يعاني من عدة مشاكل:
الفقر والهشاشة: ثلثا السكان في وضع هش.
العزلة وضعف الولوج إلى الخدمات والتجهيزات.
تغطية طبية محدودة للغاية ~ 32 ٪.
نسبة التجهيز بأجهزة الكمبيوتر والوصول إلى الإنترنت تعرف تأخرا كبيرا 26 ٪ من الأسر.
ارتفاع نسبة الأمية والهدر المدرسي.

2. الإجراءات المقترحة

للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية رؤية استباقية تقوم على كل من الاستفادة القوية من المكتسبات السابقة، وعلى الحاجة إلى مزيد من الانفتاح على الابتكارات والتجارب الناجحة في التنمية الترابية والاندماج الجهوي .
بالإضافة إلى ذلك، فإن السياقات العالمية والوطنية الحالية مواتية لإطلاق سياسة جديدة لإعداد التراب الوطني موجهة نحو التنمية الجهوية المستدامة. يتعلق الأمر بشكل رئيسي بـ :
تعزيز قدرات تدخل الجهات باعتبارها إطارا مناسبا للتنمية المستدامة والتقائية السياسات العمومية.
تطوير العمل العام من أجل إعداد مشروع وطني يسمح بتنمية جهات متضامنة وتنافسية.
تحسين حكامة المجال الترابي وتعزيز التعاون بين الجماعات.
العمل من أجل سياسة تهيئة للتراب مندمجة من خلال :
تجديد المقاربات المتعلقة بالمسألة الحضرية.
تحسين حكامة المدن الكبرى.
إندماج المناطق شبه الحضرية.
تعزيز اندماج الإطار الحضري.
تطوير النقل الجماعي العمومي كوسيلة مفضلة للمواصلات في المدن.
إيلاء اهتمام خاص للتعمير في العالم القروي من خلال ضمان تقوية الروابط بين المدن والقرى.
تعميم التغطية الرقمية للمجال الترابي وخاصة في العالم القروي.
بناء نظام معلومات خاص بكل منطقة وتعزيز إنتاج المؤشرات لتوجيه اختيارات صانعي القرار في الشؤون المتعلقة بالمجال الترابي.
تحسين المعرفة بالمناطق الحضرية والتغيرات في المناطق القروية.

الحرص على تمفصل وثائق التخطيط.

فيما يتعلق بالعالم القروي وبالنظر إلى أهمية المجال القروي، فقد ارتأينا أنه من المفيد أن نخصص له مقاربة استراتيجي وإجراءات محددة، والتي نعرضها بطريقة محددة ومفصلة أدناه. وبالتالي، فإن التوجهات العامة المعتمدة لتطوير المجال القروي، بما في ذلك المناطق الجبلية والواحات، تتعلق بتحقيق الأهداف الرئيسية المترابطة التالية:
الحد من الفوارق بين المناطق القروية والمجالات الحضرية، مع مراعاة أوجه التكامل بينها ولا سما ديناميات المدن التي تدخل في المجال الجغرافي الجهوي الذي يتكون منها.
تصحيح الاختلالات الجهوية وداخل الجهات فيما يخص البنيات التحتية وتهيئة المجال وفرص التنمية من خلال إنجار مشاريع كبرى مهيكلة.
تحسين الخدمات المتعلقة بجودة الحياة ورفاهية الساكنة القروية، لا سيما من خلال تحسين الولوج إلى الخدمات الاجتماعية والأساسية.
تنمية الإمكانات الاقتصادية للمناطق القروية من خلال زيادة القدرة على إنتاج الثروة، مع مراعاة الشرط الذي لا غنى عنه لتحسين الإنتاجية والإنتاج الفلاحي وغير الفلاحي، مع احترام ضرورات الحفاظ على الموارد الطبيعية ووقف عمليات تدهور البيئة بشكل عام.
تعزيز العمل الحكومي لصالح النظم البيئية الهشة ذات الرهانات الاستراتيجيةوخاصة الواحات والمناطق الجبلية والمحرومة بشكل عام؛ من خلال إنشاء نظام دعم مالي حكومي دائم مقرون بضرورة الحفاظ عليها من التصحر والتدهور، وذلك عبر تهيئتها من قبل السكان المحليين لمصلحتهم الخاصة ولصالح الجماعة.
تعزيز دور الوكالة الوطنية لتنمية الواحات وشجرة الأركان، من خلال مدها بالوسائل الموارد المناسبة لتكون قادرة على ضمان تنمية وحماية مناطق الواحات والمناطق التي يزرع فيها الأركان التي تمثل تراثا إنسانيا وتجعل من صورة المغرب في هذا الصدد استثناء دوليا.
يرتكز إنجاز هذه الاستراتيجية على أربعة مبادئ هي :
توطين (Territorialisation) الفلاحة من أجل تكييف مخططات العمل بشكل أفضل مع الواقع المحلي لكل مجال ترابي.
مشاركة جميع الفاعلين في عملية التنمية.
التوفيق بين متطلبات رؤية وطنية للتوجهات والحاجة إلى المخططات الجهوية.
إدماج ومواءمة البرامج القطاعية من أجل تحقيق أقصى قدر من التكامل والفعالية.
مراعاة مبدأ المحافظة على الموارد وملاءمة اختيار الإنتاج وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.


بتاريخ : 04/09/2021