المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  49 : المرأة المغربية ودورها في تنشئة وتربية الأطفال

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة .
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

 

كان الرجل هو رئيس العائلة وله السلطة على زوجته وأولاده، وكانت هذه السلطة مؤيدة ومدعمة يقول كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر «،بالعرف والقانون. فكان على النساء مسؤولية تنشئة وتربية الأطفال؛ فكان الطفل يظل حتى سن السادسة يعتمد في شؤونه التربوية والنفسية على رعاية أمه؛ أما الفتاة فإنها وإلى أن تتزوج تكون صنيعة أمها.
هذا الدور التربوي للأم يبدو في ظاهره مقتصرا وفق الدراسة  على دور الرعاية (الرضاعة – الأكل – النظافة) لكنه في باطنه يتعدى ذلك؛ فالأم عبر نصائحها اليومية وحواديتها الليلية ومعاشرتها الدائمة للابن كانت تضع فيه اللبنات الأول للمعرفة والوعي، وكان الآباء من التجار الذين ينفصلون عن زوجاتهم يحرصون عل بقاء بناتهم عند مطلقاتهم اعترافا منهم بقدرة الأم الطبيعية على تربية البنت،أما الولد فعندما كان يبلغ سن السادسة ،كان الآباء يبدأون في تسليط النظر عليهم ورعايتهم وتعليمهم في الكتاتبب؛ حيث يتم الطفل مراحل التعليم فيحفظ القرآن ويتعلم الحساب حتى سن الثانية عشرة، وبعدها يبدا والده في  تمرينه في أحد الحوانيت التابعة له شخصيا ويبدأً في تلقينه سر التجارة وفنونها.
وكانت المرأة يقول المؤلف،  تخرج أقل ما يمكنء إذ كان مجالها هو المنزل، ولكن ينبغي ألا يبالغ في هذا الاحتجاز الذي كان نسبيا ، فمن الأكيد يضيف الكتاب،  أن النساء كن يقضين  أياما كاملة دون أن يخرجن من منازهن وأنهن كن لا يخرجن وحدهن إلا نادرا في الأوساط التجارية الثرية،وكان لنساء كبار التجار
والأسر الكبيرة انشغالات من نوع آخر؛ فكان وجود خادمات عديدات يعفيهن تقريبا من كل الاهتمامات المنزلية ورعاية الأطفال، لكنهن كن يحتفظن في هذا المجال بدور الراقبة
وكانت لهن من جهة أخرى التزامات اجتماعية في مجتمع متشبث بالشكليات كالزيارات والحفلات العائلية والإعداد للاستقبالات التي يقيمها الزوج، ورغم ذلك فقد كانت هناك فرص متعددة نسبيا لخروج السيدات وذلك من أجل الذهاب إلى المحاكم الشرعية لأخذ مواريثهن أوبيع أوشراء أية ممتلكات خاصة بهن،كما كن يتبادلن الزيارات مع النساء ذوات القربي من أبناء الطائفة المغربية وزيارات المقابر يوم الجمعة؛ كما كانت المرأة المغربية تحرص بصورة قوية على زيارة أضرحة الصالحين،خاصة الإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة  والمرسي أبو العباس وأحمد البدوي. كما كن يخرجن للاغتسال في الحمامات العامة.
هذا الأمر يقول المؤلف، كان  ينطبق على نساء كبار التجار؛ ولكن نساء التجار المتوسطين وصغارهم كن أكثر حرية في الخروج وممارسة الحياة العامة،فكن يخرجن إلى الأسواق لشراء ما يلزمهن؛ كما كن يعملن في منازلهن في الغزل والنسيج؛ فكن يساعدن أزواجهن في نسج وحياكة الملابس التي يبيعونها في حوانيتهم، كما أن النساء الأرامل وحتى زوجات صغار التجار
كن يعملن كدلالات يمررن على المنازل لبيع الأقمشة والغزل.
ويوضح الدكتور حسام محمد عبدالمعطي  أن نسك المرأة المغربية  كان موجها بالأحرى إلى الأولياء والجن؛ فإلى الصلحاء لكونهم شفعاء عند الله أقل منهم أشخاصا ذوات طاقة خارقة للعادة وإلى الجن بصفة خاصة،حيث كن يعتبرن مرافقين مستترين قادرين على القيام بحيل خبيثة للإنسيين أوعلى مساعدتهم ومن أجل ذلك كن يلجأن إلى العرافين والسحرة من أجل إنجاب الأبناء
الذكور ومن أجل اكتساب حب الزوج، فمثلاً يوضح المؤلف،  نجد أن فاطمة بنت أحمد بن عبد الخالق جسوس أوصت قبل وفاتها بشراء شاش هندي لضريح الإمام الحسين


الكاتب : إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 25/06/2021