الهويّة المكسيكيّة بين مرُونة الرّواية وصرَامة التّاريخ 

يُعتبر كارلوس فوينتيس من أعظم الكتّاب المكسيكييّن الذي أدرك منزلة رفيعة، وتبوّأ مكانة مرموقة في الآداب الناطقة بلغة سيرفانتيس، في بلده المكسيك وفي إسبانيا، وفي مختلف بلدان أمريكا اللاتينية، بل إنّ شهرته تخطّت هذه الأصقاع الجغرافية الشّاسعة إلى العالم.
حاول كارلوس فوينتيس في مختلف أعماله أن يقدّم للقارئ تفسيراتٍ، ورموزاً، وأبعاداً، لأساطيرالعالم الأمريكي اللاّتيني القديم السّابق للوجود الكولومبي في هذه القارة، مستعملاً مرونة الفنّ الرّوائي ، ومستنداً على صرامة التاريخ ،فيبدأ بفصل من كتابه» الأيّام المصنّعة» (1954) ثمّ ينتقل إلى رواية «الجهة الأكثر شفّافية»(1958) ثم تواجهنا نصوص ترجع بنا إلى كتابه «موت أرتيمينُو كرُوث» (1962)، و»غنائية العميان» (1964)، و»أرضنا» (1975)، و»جرينجو العجُوز» (1985)، التي تحوّلت إلى فيلم سينمائي، و»أيّام مع كورا رياث»(1999) وفي حالة واحدة وهي كتابه «المرأة الدفينة»، يخبرنا فوينتيس أنّ مضامين هذا الكتاب قد تمّ توسيعها، حيث تطفو على سطح هذه النصوص جميعها مواضيع ومشاهد وأحداث لها صلة بهذا البلد الأمريكي اللاّتيني الكبير، وهو في طور التكوين خلال «الاكتشاف»، فضلاً عن معالجته لإشكالية اللغة والهويّة فيه روائياً وتاريخياً ، في مختلف مناطق، وأصقاع بلدان القارة الأمريكية البكر.
ولكارلوس فوينتيس كتاب آخر تحت عنوان «شموس المكسيك الخمس» وهو نوع من الأنطولوجيا أو دراسة مستفيضة حذا فيها حذو كتّاب آخرين من أمريكا اللاتينية أمثال ألفونسو ريجيس، وأوكتافيو باث، وإدواردو غاليانو، وميغيل أنخيل أستورياس، وسواهم، وكان الهدف من وراء وضعه لهذا العمل الأدبيّ هو اكتشاف روح المكسيك، واستكناه أمجادها، واستبطان أعماقها، واستغوار أساطيرها، وتسليط الأضواء على تاريخها ومعاناتها، بدءاً بعالم الأزتيك والمايا، حيث يأخذنا فوينتيس في جولات تاريخية، نقدية، تحليلية لمختلف الأساطير القديمة في بحور تاريخها الضاربة في القدم، وتأمّل أهراماتها الشاهقة التي أقامها شعب المايا الذين أصبحوا بعد «الاكتشاف» أو بمعنى أصحّ بعد (الغزو) يؤلفون مجتمعاً مركباً تركيباً معقداً،ومجزءاً في وقت واحد، وهم يدخلون عالم الثورة المعاصرة. مشاهد تتوالى نصب أعيننا من الدم، والموت، والدمار، والظلم، والقتل، والتنكيل، وحرق البشر، وتعذيبهم منذ وصول الإسبان إلى ما أصبح يُعرف بـ»العالم الجديد»، ويطلق المؤلف على ذلك مصطلح «ضد الاكتشاف» أو «الاكتشاف المناقض أو المناهض للاكتشاف»، ويشير فوينتيس إلى أنّ غارات كتائب «سانشُو فييّا» في شمال البلاد، ومحاربي «إميليانو زاباتا» في الجنوب جاءت كردّ فعل عنيف على موت «شمس المكسيك الخامسة»، حيث مات معها العالم المكسيكي للسكّان الأصليين الهنود أرباب الأرض. وهذه الشموس الخمس التي يتحدّث عنها فوينتيس ويوظفها في أعماله الإبداعية مُستمدّة من الأساطير المكسيكية القديمة.

أن تحلم بالماضي.. أن تعيشه

ويخبرنا كارلوس فوينتيس في كتابه أنه عندما كان يحاضر في جامعة «هارفارد» الأمريكية كان يحدّث تلامذته الأمريكيين عن تاريخ المكسيك القديم وسكّانها الأصلييّن، فكان يعود بهم إلى تاريخ الإغريق والرّومان فكانوا يقولون له: لماذا تذهب بعيداً؟ فكان يسألهم إذن متى يبدأ التاريخ بالنّسبة لهم؟ فكانوا يجيبون جميعاً: إنه يبدأ عام 1776 أيّ أنّ تاريخهم في منظورهم يبتدئ بعد الاستقلال، استقلال أمريكا بعد حربها الأهلية، وقبل ذلك فليس هناك تاريخ.
إنّ التاريخ حسب فوينتيس يقوم على المنطق الصارم ، في حين أنّ الأدب ينطلق من المشاعر والأحاسيس،والمرونة والرموز، والأدب يسمح للشعوب بل يحثّها على أن تحلم بماضيها وتعيشه، والحفاظ عليه حيّاً نابضاً أمامها.كان القرن العشرون، كما يبيّن فوينتيس هو تاريخ البحث المُضني عن الماضي البعيد، ومحاولة تكييفه مع الواقع الجديد، أيّ استرداد الهويّة الضائعة بعد القطيعة التي أحدثتها التدخّلات الأجنبية إسبانية كانت أم فرنسية أم إنكليزية أم أمريكية، التي كانت تقدّم وجبات جاهزة لجمهوريات نيسكافية (!)، أيّ «ديمقراطيات» حسب النموذج الغربي التي لا تتوافق ولا تستجيب لمطالب، وتطلّعات بلدان أمريكا اللاتينية المكلومة والمعذّبة.
وكان لزاماً على هذه البلدان أن تبحث عن هويّتها الضائعة التي تجسّدت في كتابات كبار كتّابها ومبدعيها، ولكن بعد بحثٍ مضنٍ استمرّ زهاء خمسة قرون، أيّ بعد أفول خمس شموس في لغة السكّان الأصليين.وبخصوص المزج بين مرونة الرّواية وصرامة التاريخ في كتابه يشير كارلوس فوينتيس إلى طرفة وقعت للكاتب الكولومبي الراحل غابرييل غارسيا ماركيز، والروائي فيردريك فورسايت بخصوص رواية هذا الأخير «ابن آوى»، فقد هنّأ ماركيز فورسايت على روايته ولكنه حذّره من: «أنّ الكتاب يتضمّن خطأ فادحاً. فسأله فورسايت: ما هو؟ فأجابه ماركيز: أنّ ديغول لم يقتل. فأردف فورسايت قائلاً: حقّا إنّ الجنرال ديغول قد خرج بسلام من عملية الاغتيال، فقال صاحب «مئة سنة من العزلة» عندئذٍ: آه ، ولكن إذا كنت قد قلت في روايتك أنّهم قتلوه بعد مرور مئة سنة فتلك ستكون الحقيقة.وقال فوينتس إذا كان الكاتب الفرنسي ميشيليت قد قال: إنّ الشعب له الحقّ في أن يحلم بمستقبله، فإنّني أقول إنّ الشعب له الحقّ كذلك أن يحلم بماضيه أيضا. أن تحلم بالماضي،أيّ أن تجعله حيّا نابضاً مُجسّماً أمامك. فوينتيس مقتنع بهذا المعنى فليس هناك حاضر حيّ، ولا ماض ميّت.
هواجس فوينتيس وانشغالاته
إننا واجدون في كتاب كارلوس فوينتيس «كونستانسيا وقصص أخرى للعذارى»، فوينتيس السّريالي، وهو يعانق أبا السّريالية الفرنسي أندريه بريتون، منذ قصصه الأولى التي تناول فيها إشكالية الهويّة المكسيكية مثلما عمل كلٌّ من أوكتافيو باث، وصمويل راموس، كما نجد في هذا الكتاب فوينتيس المُثقل بالهواجس، والانشغالات التي صاحبته في مختلف مراحل عمره، وتفجّرت في مختلف إبداعاته وأعماله، فنلتقي بالتالي معه بالموت، ومدينة مكسيكو سيتي، والشرائح الاجتماعية المختلفة، ونوازع الخير والشرّ، ومظاهر التظلّم والمعاناة.
اتّسمت نظرة فوينتيس في هذا الكتاب بالجديّة والتجديد، وقد راعى فيه التحوّلات السياسية للمجتمع المكسيكي والأمريكي والإسباني. وهو يتناول هذه التحوّلات بالتحليل الدقيق ليس للأوساط والثقافات المذكورة وحسب، بل بمقدرته الفائقة على تعرية أوجه ثقافات أخرى ورصد ملاحظات ذكيّة، سواء في ما يتعلق بأفراد أو جماعات أو بلد أو قارة، العنوان في حدّ ذاته «كونستانسيا وقصص أخرى للعذارى» يبيّن أنّ المرأة تشكل عنصراً مهمّاً فيها، وهكذا نجد كونستانسيا تتأرجح بين الحياة والموت، كما نجد المرأة تموت في قصة «أمير لوماس» أما قصّة «عاشت سمعتي» فتقدّم لنا نصّاً أكثر قلقاً واحتداماً، وأبعد عمقاً ضمن المجموعة. المرأة إذن في هذه القصص مسكونة بالموت ليس كمصير فردي محتوم، بل كعنصر متّصل. فالموت هو التفصيل المباشر للحياة أو الجانب الآخر لها. كما يولي االكتاب قيمة كبرى وأهميّة قصوى للمعارف الغيبية. إلى جانب العلم، تلك المعارف لا تأتينا من إعمال العقل المباشر، بل من الجوانب العميقة أو الدفينة فينا، أو من ماضينا البعيد أو من تاريخنا الغابر السّحيق الذي أسدل الغزاة عليه ستائرَ ضبابية من النسيان.
ويُعتبر عنصر الزّمن في قصصهذا الكتاب جانباً ذا أهمية خاصة ، وليس المقصود هنا بالزمن الوقت المتوالي المنصرم، بل إنّه زمن لا يخضع للقوانين الفيزيائية، ولا ينصاع للنواميس الطبيعية. فالأمس يلج في اليوم مُحطّماً كلّ الحواجز، وهذا المزج يخلق جوّاً من الغموض ،والإبهام ،والحيرة، والتساؤل، والسّحر، ويظهر لنا هذا بشكلٍ جليّ في قصة «عاشت سمعتي» إذ نجد فيها شخصيتين تاريخيتين متباعدتين في زمن وجودهما وهما (روبين أوليفيا في القرن العشرين) و(بيدرو رُوبيو في القرن الثامن عشر) يلتقيان في وقت مّا من الزمن. كما نجد كونستانسيا في القصة تحمل الاسم نفسَه، مع أنّها تنتمي إلى زمنين متباعدين كذلك، زمن الحرب الأهلية الإسبانية، والزّمن الحاضر. كأنّي بكارلوس فوينتيس يطرح علينا في هذه النصوص التساؤل التالي: هل يوجد في الأمس ذنب ينبغي لنا التكفير عنه؟

فوينتيس رُولفو وأسويلا

عندما صدر كتاب كارلوس فوينتيس الذي يحمل عنوان «العالم الجديد الشجاع» (الحماسة، الخيال، والأسطورة في الرواية الأمريكية اللاّتينية) بعث الكاتب المكسيكي «غيابا تيستافيكو» برسالة إلى فوينتيس يعاتبه فيها عن بعض الآراء الواردة في نصوصه حول الكاتبين المكسيكييْن الكبيريْن خوان رولفو وماريانو أسويلا، حيث لم يكن رولفو يخفي غيضه بشأن بعض هذه الآراء التي كان يراها متطرفة في الغلوّ حول بعض أعماله وأعمال أسويلا، تيستافيكو كان يعتقد أن فوينتيس عندما أفرد في هذا الكتاب ما ينيف على عشرين صفحة من النثر الوضّاء حول رواية رولفو«بيدرو بارامو» الشهيرة التي حققت نجاحاً منقطع النظير انزعج هذا الأخير قائلاً: لقد حوّل فوينتيس «بارامو» إلى شخصٍ رومانتيكي يموت نتيجة الجُرح الذي فتحه في حبّه المستحيل لـ»سوزانا سان خوان»، لقد راقني هذا الاجتهاد، إلاّ أنّ ذلك غير صحيح، فبيدرو بارامو إنما قتله في العمق عداؤه لنفسه ذاتها، إنه رجل يكره الجميع، وهذه الكراهية التي تغلفه انقلبت ضدّه فيقتل فوق الأرض نفسها التي طالما زرع فيها بذورالشرّ والأحقاد والضغينة على امتداد عقود من القساوة والتسلّط والاستبداد، ويعتب رولفو عن الخيالات والشطحات والتوهّمات المتشابهة في نصوص فوينتيس، إذ هو لا يمكن أن يكون بالضرورة عالماً بشؤون التربية والأمراض التي تفتك بالإنسان، إلى جانب علوّ كعبه في الفنّ الروائي. كما ذهب فوينتس في هذا الكتاب إلى أن رواية «القاطنون في الأسفل لماريانو أسويلا» هي «ذات حماسة منحطّة» فهي تكرّر الحماسة على طريقة الفارس القشتالي نفسها «السّيد»، (القرن الحادي عشر) وكان خوان رولفو يستشيط غضباً، إذ لم يكن يؤمن بأنّ «أسويلا» يمكنه قول ذلك، فهو أبعد ما يكون عن هذا الهراء أو الوقوع في هذا الإسفاف، يذهب فوينتيس في كتابه إلى القول: إن «سانشو فييّا» يظهر أو يبدو في «القاطنون في الأسفل» مثل «السّيد» من نوع جيّد أو مثل نابليون مكسيكي، في الوقت الذي يقول فيه أنّ «فييّا» إنّما هو صقر أزتيكي ينقضّ ويغرس منقارَه الفولاذي في رأس الأفعى «فيكتوريا نوويرتا» والمغزى هنا ذو سخرية عميقة، فأسويلا في الواقع إنّما كان يضع قدميْه في حقل ملغوم لمواجهة أنصار «فييّا» الذين كانوا يسيطرون على مدينة «خواريث» ولا يتعلق الأمر بإزاحة أصنام أو استبدالها بأخرى، وإنما كان أسويلا يساهم في تأجيج أوار الثورة وزيادة إضرامها، وكان فوينتيس مخطئاً. هذا ما قاله القاصّ البارع رولفو نفسه عندما كان على قيد الحياة (توفي 1986).

الشاعرصوت الشعب وضميره

لم يكن كارلوس فوينتيس يعتبر شيلي موطن الشعراء المُجيدين في أمريكا اللاتينية وحسب أمثال: ويدوبرو، ميسترال، نيرودا، بارّا، روخاس، بل إنه موطن كبارالرّوائيين كذلك أمثال دونوسو، إدواردز، دورفمان، فوجيت، وفرانز. وهو يخبرنا أنه يشعر بمحبّة وميل كبيرين لهذا البلد ليس فقط على إعتبار هو موطن خلّه الشاعر بابلو نيرودا، بل بحكم أنه عاش فيه ردحاً من الزمن إبّان سنوات عمره الأولى عندما كان عمره يتراوح بين 11 و15 سنة، وفى هذا البلد نشر أولى نصوصه الأدبية المبكرة حول شخصيات أدبية وتاريخية مرموقة في تشيلي منها فرانسيسكو بيلباو الذي كان أوّل من إستعمل مصطلح أمريكا اللاتينية عام 1857. ويشير فوينتيس أنه خلال هذه الفترة من حياته التهم العديد من الكتب والدواوين لكبار الشعراء التشيليين في مقدّمتهم بيسينتي ويدوبرو، وغابرييلاّ ميسترال (وهي المرأة الوحيدة التي حصلت على نوبل في الآداب في أمريكا اللاّتينية عام 1945) وكان بول فاليري هوالذي كتب مقدمة الطبعة الفرنسية لديوانها الشعري الصّادرعام 1946.ويصف فوينتيس الشاعر بابلو نيرودا بأنه أعظم شاعر في القرن العشرين، في العالم الناطق بلغة سيرفانتيس. ويحكي لنا طرفة عن مدى تغلغل نيرودا في الأوساط الشعبية التشيلية، فيقول أنه كان ذات مرّة يتجوّل على ضفاف نهر «بيوبيو» وعندما طفق الليل يرخى سدوله، رمق مجموعة من العمّال مجتمعين حول نار مشتعلة فتناول أحدهم قيثارة وبدأ يعزف، ثم إنطلق صوتُ عاملٍ آخر وبدأ ينشد مجموعة من أشعار نيرودا على شرف أحد المناضلين من أجل إستقلال تشيلي، فدنا منهم فوينتيس، وقال لهم: لابدّ أنّ الشاعر نيرودا كان سيسرّ كثيراً إذا علم أنكم تغنّون أشعارَه، وأمام ذهوله وذهولهم قالوا له: أيّ شاعر…؟ فهم لم يكونوا يعرفون أنّ هذه الأشعار من نظم نيرودا، وهنا تأكّد لفوينتيس مدى تغلغل هذا الشاعر في ضمير الشعب التشيلي على إختلاف طبقاته، والذي تحوّلت أشعاره إلى صوتٍ جماعيٍّ متواتر يحفظه ويردّده الشعب عن ظهر قلب مثل الحِكم السائرة، والأمثال المأثورة.

فوينتيس والأندلس

يقول كارلوس فوينتيس في كتابه «سيرفانتيس أو نقد القراءة» الصادر عن دفاتر خواكين مورتيت (ميكسيكوسيتي1976): «أنه من العُجب أن نتذكر أنّ الثقافة الهيلينية وكبار المفكرين الرّومان الضائعين عملياً في المناطق الأوربية قد استعادوا مواقعهم، وحفظت أعمالهم بفضل ترجمتها إلى اللغة العربية، فضلاً عن العديد من الابتكارات العلمية والطبية، في الوقت الذي كانت فيه أوروبّا مريضة، ويتمّ علاجها بواسطة التعزيم، والرقيّة، والتعويذ،والتمائم»، ويضيف: «فعن طريق إسبانيا المسلمة أدخلت إلى أوربا العديد من أوجه التأثيرات الهندسية المعمارية الموريسكية، حيث أصبحت فيما بعد من العناصر المميّزة لخصائص الهندسة القوطية». كارلوس فوينتيس عند حديثه عن هذا الموضوع فإنه يضع أمامه العديد من نماذج المعمار في بلاده المكسيك التي ظهرت فيها الخصائص ذاتها التي تستمدّ أصولها من المعمار العربي- الأمازيغي- الإسلامي الذي أكّدته بالحجج، والأدلّة، والبراهين الكاتبة المكسيكية الراحلة من أصل سوري إكرام أنطاكي في كتابها الشهير»الثقافة الثالثة» .
قال عنه صديقه،وصديق غابرييل غارسيا مركيز الكاتب الكولومبي الكبيرألفارو موتيس عند رحيله: «إن وفاته كانت كارثة عظيمة بكل المقاييس»، وصرّح مسؤول عن دار النشر المعروفة «ألفاغوارا» أنّ فونتيس ترك كتابين له جاهزين للنشر، الأوّل تحت عنوان «شخصيّات» والآخر رواية بعنوان: «فيديريكو في شرفة منزله» وهو عبارة عن حواريات مع فيردريك نيتشه، وقال عن وفاته كذلك العالم «رينيه دروكر»: إن فقدانه ضياع رجل عظيم، لقد كان له تأثير كبير في مختلف الأوساط في بلده وخارجها ليس في مجال الأدب وحسب، بل في السياسة أيضاً إذ كان لمواقفه كمفكر تقدّمي أبعد الآثار، كان من أبرز رجالات المكسيك في العقود الستة الماضية».ويرى «دروكر» أن كتابيْ كارلوس فوينتيس «الجهة الأكثر شفافية»، و»شموس المكسيك الخمس» يعتبران من أعظم أعماله الأدبية، بل هناك من يعتبرهما قمّة من القمم الأدبية في المكسيك في العصر الحديث، ولا عجب فكارلوس فوينتيس هو حجر الأساس ليس في الأدب المكسيكي وحسب، بل في تاريخ الأدب قاطبة».
كان فوينتيس بالفعل في عيون النقاد والدارسين من مختلف البلدان من أهم الروائيين في المكسيك وفى أمريكا اللاتينية في القرن العشرين على الإطلاق، وتعتبر أعماله الروائية والنقدية أساسية في تاريخ بلاده المكسيك وفى إسبانيا، لقد خلّف لنا ما يربو على عشرين رواية، والعديد من الدراسات الفكرية، والنقدية، والأدبية، والتاريخية.
كان فوينتيس قد تقلّد عام 1975 منصب سفير لبلاده المكسيك في فرنسا، ثم سرعان ما طلب إعفاءه من هذا المنصب عام1977، احتجاجاً على سياسة بلاده التي لم تكن تتماشى مع فكره الحرّ، ولا تنسجم مع مبادئه، وقيمه. ولقد فاز بالعديد من الجوائز التكريمية والأدبية الكبرى من مختلف بلدان العالم نذكر منها جائزة «سيرفنتيس» في الآداب الإسبانية (1987) (التي تعتبر بمثابة نوبل في الآداب المكتوبة باللغة القشتالية)، وجائزة «أمير أستورياس» في الآداب (1994)، فضلاً عن حصوله على الجائزة الوطنية المكسيكية في الآداب عام (1984) وسواها من الجوائز التكريمية الكبرى. وُلد كارلوس فوينتيس في 11 نوفمبر 1928،ورحل عن عالمنا فى 15 من شهر مايو من عام 2012.

(*)كاتب من المغرب ، عضو الأكاديمية الإسبانية الأمريكية للآداب والعلوم بوغوتا كولومبيا .


الكاتب : محمّد محمّد الخطّابي(*)

  

بتاريخ : 06/08/2021