الوجه المظلم لـ «فايسبوك».. المثابرة في تصدير الإرهاب الإفتراضي إلى الواقع!

منذ سنوات مضت (أكثر من 10 سنوات)، إعتادت منصة التواصل الإجتماعي الأشهر عالميا، على «توليد» صفحات و ملفات تعريفية تلقائية لعدد لا بأس به من المجموعات الإرهابية العالمية، كان أبرزها و لازال «تنظيم القاعدة» و فتيانه الفخورين بخدمته.. أي وبعبارة اخرة، فإن المنصة تنشر على صفحاتها و روابطها محتوى متعلق بالمجموعات التطرفية و الإرهابية المتورطة في العنف في العالم الحقيقي، دون ان يقدم مسؤولها تفسرا واضحا لما يقع، أو لما قرروا فجأة فعل ذلك، او من هم المسؤولون الحقيقيون عن هذا كله.
خلال إحدى جلسات الإستماع الشهيرة لمسؤولي فايسبوك في الكونغرس، عرضت على «كريس كوكس» أحد كبار المسؤوليين في قسم المنتجات في فيسبوك، صورة ل»أخوية آريان» على المنصة، و التي تقترح انها أصبحت «واجهة إشهارية» لتلك المجموعة المتطرفة و غيرها !، ما جعله يستفيض غضبا من كون المنصة لم تحذف صفحة تنتمي ل»عصابة سجون متعصبة للبيض»، مؤكدا للسيناتور الديمقراطي «غاري بيترز» الذي سأله: «لو علمت بهذه الصفحة لما تركتها قائمة على موقعنا لحدود الساعة».
ما يروج له من جهة أخرى، أن منصة فايسبوك لا «تحتفظ» فقط بما يشبه هذه الصفحات، بل تسعى بشكل او بآخر «لتكوين و إنشاء و خلق شبيهاتها بشكل دوري !»، أي التشجيع على إنشاء صفحات تروج للإرهاب والإرهابيين والمتعصبين.. فعلى مدى عقد من الزمان، كانت فايسبوك تقوم تلقائيا بإنشاء صفحات تخص مجموعات «تفوق العرق الأبيض» و«الميليشيات» و«المنظمات الإرهابية الاجنبية» بما فيها «القاعدة»، وحتى تلك المجموعات التي يدعي القائمون على الموقع «منعها من إنشاء صفحات لها عليه».
في نفس السياق، لم يشرح القائمون على المنصة، دوافعهم للقيام بما يتناقض مع مبادئ شبكتهم الإجتماعية الإفتراضية. إلا أن هذه الممارسة، تمكن المنظمات و الجماعات الإرهابية من مجال رؤية أوسع لمدى تموقعها عالميا أو محليا الذي يمتاز بنشاط كبير في الواقع. من جهته، دق «مشروع الشفافية التقنية» (TTP) ناقوس الخطر بشأن هذه الصفحات التي يتم إنشاؤها تلقائيا منذ عدة سنوات ولا تزال لغاية اليوم.
**لكن.. ما هي الصفحات المنشأة تلقائيا؟ و كيف نتعرف عليها؟
يقوم «فايسبوك» تلقائيا، بإنشاء صفحات على نظامه الداخلي الأساسي عندما يشير المستخدم إلى شيء جديد على صفحته الشخصية، سواء أكان «وظيفة» أو «إهتماما» أو «موقعا» لا يكون عادة مرتبطا بصفحة موجودة مسبقا على الموقع.
قد لا يحمل هذا الفعل في ظاهره «ضررا» ما، إلا أنه و في طياته يشير إلى مقدرة الموقع على الترويج لمفهوم ما من العدم إن صح التعبير. فكما أن له القدرة على إنشاء صفحات تتعلق مثلا بـ «متاجر الملابس» أو «الحلويات»، فلن تعجزه صفحات تتعلق بالجماعات المتطرفة والإرهابية. مثال آخر، عندما يدرج مستخدم فيسبوك على صفحته أنه «حارس» في شركة او لموقع ما – وهو عضو في المجموعة اليمينية المتطرفة المناهضة للحكومة – يقوم فيسبوك تلقائيا بإنشاء صفحة ترويجية لتلك المجموعة على المنصة.
في سياق متصل، أثار أحد المبلغين (على المنصة) هذا الجدل لأول مرة في إلتماس يعود لعام 2019 تم تقديمه ل»لجنة الأوراق المالية و البورصات» الأمريكية، على شكل عريضة تخص العشرات من الصفحات التي يتم إنشاؤها تلقائيا لصالح المنظمات الإرهابية. غير أن فايسبوك، لم تشرح دواعيها (مباشرة) لإنشاء الصفحات بشكل تلقائي، لكن قد تحمل صفحة «المساعدة» (القديمة) الإجابة المرجوة، إذ جاء فيها: «قد توجد صفحة على علاقة بنشاطك التجاري، حتى إذا لم ينشئها شخص يزاول نفس نشاطك التجاري.. على سبيل المثال، عندما يقوم شخص ما بالإشارة لمكان ليست له صفحة، ثم يتم إنشاء صفحة غير رسمية لتمثيل المكان او الموقع.. الامر يشبه إلى حد قريب إنشاء صفحة مقالة على «ويكيبيديا» لموضوع ما». و لكي نميز تلك الصفحات، ينبغي الإنتباه لرمز «صفحة غير رسمية» الذي لا يغيب عادة على الصفحات الرسمية.
** هل فايسبوك على دراية بما تفعله؟ و ما ردها على الإتهامات؟
يدرك فيسبوك منذ سنوات، أنه يقوم بإنشاء «صفحات تلقائية» للجماعات المتطرفة و الإرهابية، و هذا ما أشار إليه «مشروع الشفافية التقنية» في تقارير متعددة منذ عام 2020.. خلال جلسة إستماع عقدت في نوفمبر 2020، ضغط السيناتور «ديك دوربين» (ديمقراطي من ولاية إلينوي) على الرئيس التنفيذي للشركة «مارك زوكربيرج» حول «المحتوى الذي تم إنشاؤه تلقائيا عن «تفوق البيض» على «فايسبوك»: «هل تعلم يا سيد زوكربيرج أن الوضع يحتمل أن يكون خطيرا؟.
يبدوا أن فيسبوك، كان على علم بالمشكلة في القترة التي إستجوبت فيها روز، حيث شهدت الساعات ما قبل جلسة الإستماع التي تضمنت شهادة بيكرت، إزالة الشركة «العديد من الصفحات التي تم إنشاؤها تلقائيا والتي تم الإستشهاد بها في «تقرير المبلغين عن المخالفات» الخاص بالموقع. أي أن «فايسبوك» يزيل «الصفحات المتطرفة» التي يتم إنشاؤها تلقائيا فقط عندما يواجه «تغطية إعلامية إنتقادية» أو «أسئلة المشرعين».. على سبيل المثال، أنشأ «فايسبوك» تلقائيا صفحة ل «براود بويز أمريكا» (Proud Boys USA)، في 6 يناير 2021 أو يوم الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي، مع العلم أنه «حظر» الجماعة اليمينية المتطرفة منذ عام 2018.
حدد «مشروع الشفافية التقنية» (TTP) كذلك، عددا من الصفحات التي تم إنشاؤها تلقائيا لصالح الجماعات المصنفة «إرهابيا» المتحدثة بالعربية، من بينها صفحة بعنوان «معسكر تدريب القاعدة» في 11 شتمبر 2012، تزامنا مع «الذكرى السنوية لهجمات 9/11 الإرهابية» و حتى بعد تأكيده على حظر الحسابات الإرهابية منذ 2018، على غرار صفحات تخص تنظيم «داعش» و«حزب لله». من خلال إنشاء هذه الصفحات تلقائيا، يقوم «فايسبوك» بـ «تشجيع» فكرة تصدير محتوى المنظمات والجماعات المتطرفة التي تشارك في تأجيج العنف في العالم الحقيقي، حيث تزيد الصفحات من ظهور المجموعات (و شرعيتها) على أكبر شبكة إجتماعية في العالم، يتم إنشاؤها بواسطة المنصة نفسها، وهذا هو الفارق.

(المصدر: Tech Transparency Project)


الكاتب : ترجمة : المهدي المقدمي

  

بتاريخ : 23/09/2022