بعد حوادث 2022 ومع ارتفاع درجات الحرارة :الجماعات الترابية وأسئلة الانخراط في جهود الحدّ من انتشار حرائق الغابات

 

عرفت بلادنا ارتفاعا في درجات الحرارة خلال الأيام الأخيرة ومن المنتظر أن تواصل تصاعدها وبمستويات أكبر بحلول الأسابيع المقبلة خلال الانتقال من فترة الربيع إلى مرحلة الصيف، وهو ما يدفع لطرح عدد من الأسئلة المرتبطة بالسلامة العامة للأشخاص والممتلكات ارتباطا بهذا الوضع بالنظر إلى كمّ الحوادث المتعددة التي يتم تسجيلها متى ارتفعت درجات الحرارة، كما هو الحال بالنسبة للحرائق، التي تتسبب في خسائر فادحة، وهو السيناريو المؤلم الذي وقع خلال السنة الفارطة على مستوى شمال المملكة، بالمضيق والعرائش وشفشاون والنواحي، والتي عرفت مواجهة ألسنتها صعوبات متعددة على أكثر من مستوى؟
حرائق تكرّرت في أكثر من مكان، وتسببت في خسائر في الأرواح، والتهمت نيرانها مساحات جد مهمة من الغطاء الغابوي فضلا عن تبعات مادية أخرى، مما يفرض فتح باب التساؤل حول مدى استعداد مختلف الجهات المتدخلة والمعنية لمواجهة أي حادث من هذا القبيل، ليس فقط على مستوى مصالح الوقاية المدنية أو المندوبية السامية للمياه والغابات نموذجا، بل على صعيد كل المعنيين ودون استثناء، كما هو الشأن بالنسبة للجماعات الترابية التي من المفروض وفي إطار ميزانياتها أن تكون قد برمجت اعتمادات لاقتناء آليات ومعدّات يكون لها دور إيجابي في مثل هذا النوع من الأزمات.
انخراط استباقي يتعيّن الشروع في ضبط تفاصيله الدقيقة قبل اليوم، ودون انتظار الغد، حتى يمكن إحصاء وجرد كل الموارد اللوجستيكية والتقنية، سواء منها الجاهزة والمتوفرة أو تلك المرتقبة في إطار ما تم رصده من ميزانيات لاقتنائها، التي يمكن الاستعانة بها وتسخيرها في هاته المنطقة أو تلك لإخماد نيران أية حرائق محتملة ولمواجهة التداعيات والخسائر التي قد تتسبب فيها، حتى تكون الجماعات الترابية فاعلا أساسيا أثناء تدبير هاته المخاطر المتوقعة التي يمكن حدوثها في كل وقت وحين، والتي تتطلب تعبئة قوية لتطويقها وتحجيم انتشارها وتقليل تبعاتها.
وكان تقرير للمجلس الأعلى للحسابات حول تقييم تدبير الكوارث الطبيعية صدر في أبريل 2016 قد وقف عند النقطة المتعلقة بإعداد مخطط مديري للوقاية ومحاربة حرائق الغابات بالمغرب سنة 2001 لتوحيد جهود كل المتدخلين من أجل وضع إطار استراتيجي للتدخل، مشيرا إلى أنه تمت تعبئة كل الإدارات المعنية وعُهد إلى لجنة وزارية دائمة وضع وتتبع إنجازه لكن تم التخلي عنه مقابل اعتماد مخططات عشرية، وتم التعامل معه على أساس أن يشكّل أرضية لإعداد استراتيجية مستقبلية. واستعرض تقرير المجلس الأعلى الخطوات التي تم القيام بها من قبيل الخرائط الثابتة والديناميكية لتدبير الحرائق والنظام التسلسلي للعمليات في 2013، فضلا عن دورية وزارة الداخلية لسنة 2007 المتعلقة بمحاربة حرائق الغابات التي أكد على أنها ساهمت في تحسّن فعلي لتنسيق التدخلات.
وإذا كان المغرب قد رفع من جاهزيته لمواجهة الحرائق، التي تتسبب فيها ارتفاع درجات الحرارة لكن المؤثر الفعلي فيها هو سلوكات الأشخاص بنسب جد كبيرة، بتوفير الآليات والتقنيات الحديثة وعلى رأسها الطائرات من نوع كانادير، فإن الاستعداد الترابي على امتداد تراب المملكة يعتبر شرطا أساسيا في مواجهة هذا النوع من الحوادث التي تتهدد بلادنا في كل وقت وحين وتتسبب في تبعات ليست بالهيّنة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 01/05/2023