بقرية أولاد ميمون باشتوكة أيت باها: «زاويت ن تاوسنا».. فضاء مميز للقاء والتواصل والتعريف بالتراث المحلي

بفضل مبادرة ذاتية قوامها الغيرة على التراث المحلي، باتت قرية أولاد ميمون بجماعة سيدي بيبي بإقليم اشتوكة أيت باها، ملتقى لفئة خاصة من الزوار، بعد أن تمكن الفاعل الجمعوي الأستاذ خالد ألعيوض من إنشاء «صالون متميز»، يطلق عليه بالأمازيغية إسم (زاويت ن تاوسنا) أي «زاوية اللقاء والتواصل بين الفنانين والمثقفين والطلبة الجامعيين وغيرهم»، والذي «أصبح في ظرف وجيز، ومنذ تأسيسه، مزارا لعدد من المثقفين والفنانين والموسيقيين على اختلاف مشاربهم وألوانهم ،سواء باللغة الأمازيغية أو العربية أوالأجنبية» تقول مصادر جمعوية من المنطقة، مضيفة «بل أضحى فضاء مفتوحا أمام الجمعيات المختلفة والطلبة الجامعيين لتنظيم أنشطتهم العلمية والإجتماعية من حين لآخر».
«وكانت فكرة تأسيس هذا الفضاء قد انبثقت، يقول خالد ألعيوض ، حينما تم التفكير في «تحويل بيت العائلة، بيت جدي الطالب سيدي محمد أوبراهيم، والذي بقي مهجورا لسنوات طويلة، ونظرا لشغفي بالتاريخ، واشتغل دوما على مخازن (إكودار) بسوس، فقلت لماذا لا أرمم تراث العائلة أولا؟ فكان هذا هو المنطلق، فطلبت من الأب ومن الأسرة بأن أتكفل بهذه المهمة، ثم بدأت في إصلاح البيت وترميمه حتى أصبح مكانا لتجميع أفراد العائلة أولا في المناسبات الدينية وغيرها»، مضيفا :»و بعد مدة راودتني فكرة ثانية دفعتني إلى جمع الكتب، خاصة أن الوالد رحمه الله كانت لديه خزانة قيمة، فقمت بجمعها وترتيبها لتكون أيضا رهن إشارة العموم، وتتضمن حاليا عددا كبيرا من الكتب النادرة التي أشتغل الآن على تصنيفها لتصبح مستقبلا مفتوحة في وجه الباحثين».
وحسب المتحدث نفسه» فقد أثارت المُنشأة بحلتها الجديدة، إعجاب الزوار لهندسة المكان ولطريقة البناء التي اتبعتها، وصارت تستهوي الأصدقاء، الذين حبذوا فكرة تنظيم الجلسات الثقافية، حيث تم تقديم عروض أشرطة سينمائية وحفل توقيع كتب ثقافية وإبداعية مختلفة سواء في مجال الفن أوالموسيقى أو التاريخ …وهكذا نضجت الفكرة لتتحول فيما بعد إلى تأسيس صالون ثقافي، ففكرنا في جعل منزل جدي، رحمه لله، فضاء مميزا».
وبهذا الخصوص، أضاف ألعيوض» أنا اليوم استغرب كثيرا للحصيلة الحالية، ذلك أن الفضاء احتضن أكثر من 50 نشاطا في سنة واحدة، وهذا رقم قياسي، ولحد الآن يُسيّر الصالون بطريقة جمعوية، بحيث تتم البرمجة لتنظيم أي نشاط ثقافي بشكل مجاني وتلقائي وعفوي، وهذا ما أسميه فضاء للتسيير الذاتي».
وبشأن اختيار إسم (زاويت ن تاوسنا)، أشار الأستاذ ألعيوض إلى أنه» أثناء تنظيم أحد الأنشطة اتفق أصدقاء الفضاء على تغيير إسمه، فكانت الوثيقة التي وقعها الجميع ليصبح الاسم الجديد هو «زاويت ن تاوسنا» والسؤال المطروح هو لماذا زاوية للثقافة؟ لأن الزاوية لدى الصوفية هي الراحة والسكينة لطلب العلم أيضا، وللإطعام في الوقت ذاته وكلمة «تاوسنا» تعني بالأمازيغية الثقافة، لذلك جعلنا هذا الفضاء زاوية ثقافية، لكنها زاوية لا تنتمي إلى الحركة الصوفية ،بل زوارها هم مثقفون مغاربة بكل بساطة».و»أردنا كذلك أن نخرج من اسم صالونات النخبة المعروفة سواء بالمغرب أوالمشرق، بحيث جعلناه صالونا بعيدا عن النخبوية، لأنه مفتوح للجميع ، فهو يقدم أنشطة للطفل وللمرأة وللصحافيين ولرجال التعليم، وللأساتذة الجامعيين والباحثين والفنانين …إنه بكل اختصار زاوية بهذا المفهوم ، ونعني به فضاء يلجه ويقصده الجميع».
هذا ويعد الأستاذ ألعيوض من مؤسسي التجربة الجمعوية القروية بسوس منذ 1993 والتي اشتهرت آنذاك بالبحث عن حلول للإختلالات التنموية الموروثة والمتسببة في تهميش العالم القروي بإقليم اشتوكة أيت باها ، والذي كان يعاني سابقا من خصاص كبير في الطرقات والمسالك والماء الشروب والكهرباء، فضلا عن البحث عن حلول ناجعة لمحاربة الهدر المدرسي في صفوف الفتيات «وهنا اقترحنا فكرة إحداث النقل المدرسي في الوسط القروي، وغيرها من التجارب الجمعوية بالمنطقة» تشير المصادر ذاتها.


الكاتب : عبداللطيف الكامل

  

بتاريخ : 09/11/2022