لهذا السبب كانوا يطلقون على البرلماني الاتحادي الراحل محمد الملاحي لقب «الشريف»

انتخب محمد الملاحي من جديد، كنائب برلماني عن دائرة تطوان عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للولاية التشريعية 2016-2021، وكانت هذه الولاية هي الأخيرة في حياته، باعتباره من أقدم البرلمانيين بمدينة تطوان.
لقد كان من بين المرشحين والأوفر حظا للظفر بالمقعد البرلماني في الولاية الحالية، لكن المنية قد وافته، وترك أسى وحزنا كبيرين وسط حزبه وعائلته وجهته ومدينته التي أحبها حبا حقيقيا.
بعد صراع مرير مع فيروس كورونا اللعين والتشبث بالحياة، انتقل إلى دار البقاء محمد الملاحي البرلماني عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ورئيس جماعة واد لو، بمستشفى الشيخ زايد بالرباط.
وبهذا الفقدان لهذا الرجل، يكون الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد فقد عضوا بارزا في الحزب، رجلا طيبا خلوقا، ذا سمعة رائعة الصيت ليس فحسب في جماعة واد لو، التي كان يرأسها أو كأقدم برلماني لمدينة تطوان، بل في المغرب كله.
يعتبر محمد الملاحي عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب قيد حياته، أحد أعمدة الفريق، باعتباره كان نائبا برلمانيا دائم الحضور  بشخصه وعمله ومجهوداته الملموسة وتمثيله لدائرته أحسن تمثيل.
لقد مارس الراحل معظم وقته وطيلة حياته، قناعاته المتشبع بها، في الدفاع عن حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية عبر الترافع عن قضايا المواطنين والدفاع عن الفقراء والمظلومين، والوقوف بجانبهم في السراء والضراء، وهذا بشهادة أبناء مدينته الجميلة البسيطة.
وليس خافيا على أحد في المغرب، أن الراحل آمن حتى النخاع  بأن الثقافة أساس للتنمية، لذلك جعل من فعاليات مهرجان “اللمة” الثقافي الذي كان ينظمه كل سنة، والذي وصل في دوراته إلى السادسة عشرة، حيث كان ينظم حسب برامج فنية غنية ومتنوعة تضم أنشطة رياضية وفنية وثقافية تعرفها فضاءات هذه المدينة الجميلة والسياحية التي بفضل تدبير مجلسها البلدي النموذجي، الذي اتخذ الثقافة كقناعة مبدئية من أجل خلق تنمية مستدامة.
لقد استطاع محمد الملاحي في حياته كرئيس المجلس الجماعي لواد لو أن يجعل من قرية للصيادين مدينة سياحية متوفرة على مجموعة من المقومات والتجهيزات الأساسية والمرافق الثقافية والاجتماعية، وأن يجعل منها وجهة سياحية تستقطب عددا هائلا من المواطنين المغاربة ليقضوا فيها عطلهم الصيفية والاستمتاع بهذه المدينة التي تتمتع بسحر جميل وأصيل.
كان يحلو للراحل محمد الملاحي، الرجل الطيب، أن يردد مقولة في بعض تدخلاته عن مدينته واد لو، ليعرف بها ويعبر عن علاقتها الرائعة بزائريها حيث يقول ” الداخل إليها سعيد، والخارج منها سعيد، والطاغي فيها يموت بالحديد”، وهنا نفهم جيدا أن أهل واد لو، يعملون كل ما في وسعهم من أجل إسعاد زائريها، ويطيب لهم المقام وحتى وإن كنت من المغادرين ستكون سعيدا في إشارة إلى لوعة العودة وضرورة الرجوع للمدينة لأنك ارتبطت ارتباطا شاعريا ووجدانيا واجتماعيا بالمكان وطبيعة واد لو، لكن ينبه البرلماني الملاحي إلى أن الطاغي في هذه المدينة سينال عقابا عسيرا لأن هذه الأرض طيبة نقية وناسها أتقياء لايقبلون الظلم والطغاة.
فرغم الإكراهات المادية وقلة المداخيل من أجل إنعاش ميزانية الجماعة، كان الفقيد لا يدخر جهدا من أجل إبداع الطرق والسبل بغية ملء هذه الفراغات التي تشكل عوائق كبيرة للنمو والتطور، لذلك يبحث عن الشراكات المتعددة والمتنوعة من أجل إنجاز مشاريع تنموية تعود بالنفع العميم على الجماعة والساكنة.
وعن شخصية محمد الملاحي الإنسان، في حديث ثنائي لنا مع الأستاذ محسن رضال الذي درّس بهذه المدينة لمدة عشرين سنة ويساهم في تأطير الجانب الرياضي للمهرجان، كشف لي أن ساكنة المدينة يحبون مناداة الملاحي “بالشريف”، انطلاقا من نسبه الشريف لقبيلة بني عروس وأيضا لأن معاملته الطيبة والحسنة للساكنة كمواطنين لهم حقوق وواجبات تمتاز بالاحترام والتقدير المتبادل.
وأضاف نفس المتحدث أن الملاحي الإنسان كان يلعب دورا أساسيا في فض النزاعات حبيا وتوافقيا بين الناس ويؤهله لهذا الدور علاقاته الطيبة مع الساكنة قاطبة وحب الناس والتقدير الذي يكنونه له بحكم أخلاقه الفاضلة ومعاملاته الحسنة لهم زيادة على مركزه الاعتباري كرئيس للجماعة وبرلماني لدائرة تطوان.
وختم رجل التعليم كلامه بمثل شعبي “متيديها إلا زعيم أو كريم أو مرضي الوالدين” حيث قال إن محمد الملاحي تجتمع فيها كل هذه الصفات الثلاث، فهو زعيم وكريم ومرضي الوالدين في نفس الوقت.
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته.


الكاتب : عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 12/10/2023