تركيا ترفع الفيتو عن السويد وفنلندا للالتحاق بالحلف الأطلسي

«الناتو» يرفع قوة الردع إلى ما فوق 300 ألف جندي وروسيا والصين يتهمانه بالإمبريالية

 

أعرب حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أول أمس الخميس، عن قلقه من النفوذ الروسي والصيني المتزايد على جناحه الجنوبي، في إفريقيا خصوصا، محذرا من خطر زعزعة استقرار هذه المناطق.
وتناولت الجلسة الأخيرة من قمة الحلف التي اختتمت الخميس في مدريد، «التهديدات والتحديات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل».
وأوضح الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ مختتما الاجتماع، أن الدول الأعضاء تطر قت خصوصا إلى مسألة «سعي روسيا والصين إلى تحقيق تقدم سياسي واقتصادي وعسكري في جنوب» أراضي دول الناتو.
وأشار إلى أن ذلك يشكل «تحديا متزايدا» يريد الناتو التصدي له لاسيما «عبر تقديم مزيد من المساعدات» لشركائه في المنطقة، معلنا خصوصا خطة دعم لموريتانيا لمساعدة هذا البلد الإفريقي في ضمان أمن حدوده ومكافحة الهجرة غير القانونية والإرهاب.
ونددت دول غربية عدة بالوجود المتزايد لمرتزقة روس من مجموعة فاغنر في مالي وإفريقيا الوسطى.
من جانبها، تكتسب الصين نفوذا في المنطقة، خصوصا في المجال الاقتصادي.
تتحدث خريطة الطريقة الجديدة لحلف الأطلسي التي لم تتم مراجعتها منذ العام 2010، للمرة الأولى عن «المصلحة الاستراتيجية» التي تمثلها بالنسبة إليها مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والساحل.
وشدد ستولتنبرغ على أن «لانعدام الأمن في هذه المناطق تأثيرا مباشرا على أمن الحلفاء».
ومن بين التهديدات غير التقليدية التي تمثل خطرا وخصوصا في هذه المناطق، تحدث حلف الناتو عن الإرهاب، لكن أيضا عن «استغلال» الهجرة غير القانونية.
وأخذت إسبانيا على عاتقها أن تجعل دول الحلف تدرك التهديدات للجناح الجنوبي للناتو خلال هذه القمة. وقد رحبت بقرار الحلف أن يولي اهتماما بذلك.
وقال رئيس الحكومة الإسبانية الاشتراكي بيدرو سانشيز الخميس «لقد ضمنا ألا يكون الجناح الجنوبي (للناتو) منسيا» في خريطة طريق الحلف.
وتخشى مدريد خصوصا أن يؤدي انعدام الاستقرار في منطقة الساحل حيث تنشط جماعات جهادية عدة، إلى زيادة الهجرة غير القانونية.
وأصبحت إسبانيا التي تقع على بعد بضعة كيلومترات من السواحل الإفريقية، إحدى بوابات الدخول الرئيسية للمهاجرين غير القانونيين إلى أوروبا.
إلى ذلك، ندد قادة الـ (ناتو) بـ»الوحشية المروعة» التي تمارسها روسيا في أوكرانيا وتعهدوا بتقديم المزيد من الدعم لكييف لمواجهة الهجوم الروسي.
وجاء في إعلان صادر عن قمة الحلف في مدريد أن «الوحشية المروعة التي تمارسها روسيا تسببت في معاناة إنسانية هائلة ونزوح جماعي، ما أثر خصوصا على النساء والأطفال».
وقال ستولتنبرغ إن الناتو «سيحدث تحولا في قوة ردعه «البالغة 40 ألف جندي ويزيد عدد قواته ذات الجاهزية العالية «إلى ما فوق» 300 ألف جندي. مؤكدا أن «هذا أهم إصلاح لدفاعنا الجماعي منذ الحرب الباردة». مضيفا أن خارطة الطريق الجديدة لحلف الناتو، المسماة «المفهوم الاستراتيجي» والتي تبنتها قمة مدريد، تشير أيضا للمرة الأولى إلى «التحديات» التي تمثلها الصين «لقيمنا ومصالحنا وأمننا».
وقال إن «الصين ليست خصما ولكن علينا أن نأخذ في الاعتبار العواقب على أمننا عندما نرى الصين تستثمر بكثافة في المعدات العسكرية الجديدة».

دعوة فنلندا والسويد إلى الحلف

في السياق نفسه، أكد ينس ستولتنبرغ أنه سيتم التوقيع رسميا على قرار دعوة فنلندا والسويد إلى الحلف خلال اجتماع وزراء الخارجية الثلاثاء المقبل.
وأشار ستولتنبرغ، في مؤتمر صحفي عقده في ختام قمة الحلف بمدريد، إلى استمرار زيادة دعم الحلف لأوكرانيا، مؤكدا استعداد الحلف في مواجهة أي خطوات محتملة من قبل روسيا في ما يتعلق بعضوية فنلندا والسويد في الناتو.
ولفت إلى أنه في «حال اندلاع حرب بين الناتو وروسيا، سنواجه معاناة وأضرار ا وموت ا على نطاق غير مسبوق».
وأضاف أن أوروبا تشهد أزمة وحربا هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، حتى وإن كانت محصورة بأوكرانيا في الوقت الحالي.
وتابع ستولتنبرغ «نواجه أكبر أزمة عالمية خلال السنوات العشر الأخيرة، وكحلف نعمل على منع النزاعات وضمان السلام وأمن مواطنينا، وهدفنا هو منع الحرب من خلال الردع».
وفي ما يتعلق بأزمة نقل الحبوب الأوكرانية، قال ستولتنبرغ إن «تركيا تلعب دورا مهما للغاية في تصدير الحبوب من أوكرانيا».
من جانبها، قالت رئيسة الوزراء السويدية، ماغدالينا أندرسون، إن مفاوضات انضمام بلادها إلى حلف شمال الأطلسي «ناتو» يمكن أن تستغرق سنة واحدة.
جاء ذلك في تصريحات أدلت بها المسؤولة السويدية في العاصمة الإسبانية مدريد على هامش قمة الناتو، بصفتها مدعوة خاصة إلى القمة.
وأضافت أنها أكدت لتركيا أن بلادها ستلتزم بالقانون الدولي بخصوص تسليم المطلوبين.
وأفادت وزيرة الخارجية السويدية، آن ليندا، في حوار مع صحيفة أفتونبلادت السويدية، أن بلادها أخذت مخاوف تركيا بخصوص الإرهاب على محمل الجد.
وكانت تركيا والسويد وفنلندا قد وقعت مذكرة تفاهم ثلاثية بشأن عضوية البلدين الأخيرين في الناتو، على هامش قمة التكتل في مدريد، تعهد فيها البلدان بالتعاون التام مع تركيا في مكافحة التنظيمات الإرهابية.

الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن من مدريد أن بلاده «ستعزز وجودها العسكري في أوروبا» كي يتمكن حلف شمال الأطلسي (ناتو) من «الرد على التهديدات الآتية من كل الاتجاهات وفي كل المجالات».
وقال خلال قمة للحلف وصفها بأنها «تطبع التاريخ»، إنه سيعزز الوجود العسكري والإمكانات العسكرية الأمريكية في إسبانيا وبولندا ورومانيا ودول البلطيق وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا.
وصرح إلى جانب الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ «نحن على الموعد» و»نثبت أن الناتو ضروري أكثر من أي وقت مضى».
في التفاصيل، ذكر بايدن بأن الولايات المتحدة سبق أن نشرت هذا العام «20 ألف عسكري إضافيين في أوروبا لتعزيز صفوفنا ردا على الخطوات العدوانية التي تقوم بها روسيا»، ما يرفع العدد الإجمالي للأمريكيين المتمركزين في القارة إلى أكثر من 100 ألف.
لكنه لم يحدد ما ستمثله التعزيزات التي أعلنت عموما من حيث العديد. واقتصرت التفاصيل التي صدرت عن واشنطن على رقم ي 625 لألمانيا و65 لإيطاليا.
وأكد أن واشنطن ستزيد عدد مدم راتها في قاعدة روتا البحرية في إسبانيا، إلى ست بدلا من أربع سابقا.
في بولندا، ستقيم واشنطن «مقرا عاما دائما للفيلق الخامس في الجيش الأمريكي»، في ما سيكون، وفق البنتاغون، أول وجود أمريكي دائم في «الجناح الشرقي» لحلف شمال الأطلسي.
وتابع بايدن «سنبقي على لواء إضافي» مؤلف في المجمل من خمسة آلاف عنصر ومقر ه رومانيا، وسنقوم «بعمليات انتشار إضافية في دول البلطيق»،
فيما أوضح البنتاغون أن هذا الأمر يتعلق بأنظمة مدفعية وطيران ودفاع مضاد للطائرات بالإضافة إلى نشر قوات خاصة.
وتعهدت الولايات المتحدة أيضا «تكثيف التدريبات مع حلفائنا» في دول البلطيق، على أبواب روسيا، وفقا لبيان صادر عن البنتاغون.
وأوضح الرئيس الأمريكي، في تصريح مقتضب، أمام الصحافة، «سنرسل سربين إضافيين» من طائرات إف-35 المقاتلة إلى المملكة المتحدة و»سننشر قدرات دفاعية جوية إضافية» في ألمانيا وإيطاليا.
ورأى بايدن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يريد «جعل أوروبا مثل فنلندا» أي جعل الدول الأعضاء في الناتو تتبنى موقفا حياديا، هو تاريخيا موقف دول شمال أوروبا، إلا أنه يشهد بخلاف رغبته، توسعا للحلف ليشمل دولا أوروبية إضافية.
وتستعد فنلندا المعروفة تاريخيا بحيادها، والسويد للانضمام إلى الناتو، بعد رفع الفيتو التركي مساء الثلاثاء، فيما أبدى الحلف وحدة لا تشوبها شائبة تقريبا منذ بداية الحرب على أوكرانيا.
وأشار البنتاغون إلى أنه ينفق 3,8 مليارات دولار على «مبادرة الردع في أوروبا» للسنة المالية 2022، ويتوقع أن تبلغ 4,2 مليارات للسنة المالية 2023.

موسكو وبكين تنددان

نددت موسكو وبكين المتهمتان من قبل حلف الأطلسي «بزعزعة النظام العالمي»، في موقف مشترك بحلف شمال الأطلسي الذي يختتم قمته الخميس في مدريد فيما فتحت روسيا خطا بحريا لتصدير القمح من أوكرانيا الى دول أخرى.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء الأربعاء خلال زيارة الى عشق آباد عاصمة تركمانستان إن «الدول الكبرى في الناتو ترغب (…) في تأكيد هيمنتها وطموحاتها الإمبريالية».
وأكد الرئيس الروسي أن «دعوة أوكرانيا إلى مواصلة القتال ورفض المفاوضات تؤكد حتما فرضيتنا بأن أوكرانيا ومصلحة الشعب الأوكراني ليست هدف الغرب والحلف الأطلسي بل مجرد وسيلة للدفاع عن مصالحهما الخاصة».
وعبرت بكين الخميس عن موقف مشترك مع موسكو ضد الحلف الأطلسي فيما نشر الناتو الاربعاء خارطة طريق استراتيجية تقدم الصين للمرة الاولى على انها تشكل «تحديا لمصالحه».
وقال جاو ليجيان الناطق باسم الخارجية الصينية «هذه الوثيقة المزعومة حول مفهوم استراتيجي لحلف شمال الأطلسي لا تمت للواقع بصلة وتعرض الوقائع بشكل معاكس. وتمعن (..) في تشويه صورة سياسة الصين الخارجية».
وفي خارطة طريق استراتيجية جديدة تم تبنيها في قمة مدريد، صنف الحلف روسيا على أنها «التهديد الأكبر والمباشر لأمن الحلفاء». وتحذر هذه الوثيقة التي لم تخضع للمراجعة من قبل منذ 2010 أنه «لا يمكننا استبعاد احتمال وقوع اعتداء على سيادة أو سلامة أراضي الحلفاء».
وتندد الوثيقة «بالشراكة الاستراتيجية العميقة» بين بكين وموسكو «ومحاولاتهما المتبادلة لزعزعة استقرار النظام العالمي».
وأعلنت السلطات التي نصبتها قوات الاحتلال الروسية في جنوب أوكرانيا الخميس انطلاق أول سفينة محملة بسبعة آلاف طن من الحبوب الأوكرانية من مرفأ بيرديانسك، في أول عملية تصدير من نوعها.
وتتهم كييف منذ أسابيع روسيا بسرقة محاصيلها من القمح في المناطق التي احتلتها في جنوب البلاد لإعادة بيعها بصورة غير مشروعة في العالم.
وكانت الشحنات تصدر حتى الآن برا وعبر السكك الحديد، بحسب وسائل إعلام وكييف. وفتحت روسيا الآن خطا بحريا لتصدير القمح الأوكراني إلى دول أخرى.
في موازاة ذلك، أعلن الجيش الروسي انه انسحب من جزيرة الثعبان الأوكرانية الاستراتيجية في البحر الأسود التي احتلتها موسكو لكنها كانت تتعرض لقصف أوكراني في الأسابيع الأخيرة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية «في 30 حزيران/يونيو في بادرة حسن نية، انجزت القوات الروسية أهدافها المحددة في جزيرة الثعبان وسحبت كتيبتها منها» مشددة على أن من شأن هذه البادرة تسهيل صادرات الحبوب من أوكرانيا.
وأشاد الجيش الأوكراني على الفور «بتحرير منطقة استراتيجية».
من جهته اعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ان الانسحاب الروسي من جزيرة الثعبان «الاستراتيجية» يظهر انه من «المستحيل» إخضاع أوكرانيا.
في مدريد، صادقت دول الحلف على تعزيز وجودها العسكري على جناحه الشرقي مما سيرفع عديد «قوات الجهوزية العالية» إلى أكثر من 300 ألف جندي.
وصرح الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ الأربعاء «يمكن لأوكرانيا الاعتماد علينا طالما لزم الأمر»، مؤكدا «التزاما أخلاقيا وسياسيا» للحلف.
وصادق الحلف على توسعيه ليشمل السويد وفنلندا.
في بيان مشترك، قالت الدول الأعضاء في الحلف إنها وافقت على خطة مساعدات جديدة تتضمن «تسليم معدات عسكرية غير قاتلة» وتعزيزا للدفاعات الأوكرانية ضد الهجمات الإلكترونية.
وقالت إن «الوحشية المروعة لروسيا تسبب معاناة إنسانية هائلة وموجات من النزوح الجماعي»، معتبرة أن موسكو تتحمل «المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة الإنسانية». لذلك يفترض أن تستمر المساعدة في الأشهر المقبلة.
وتجسد الوعد بالدعم من الغرب بإعلان لندن أيضا الأربعاء ، الإفراج عن مليار جنيه استرليني (1,16 مليار يورو) من المساعدات الإضافية لأوكرانيا التي تشمل منظومات دفاعية مضادة للطائرات وطائرات مسيرة.
ورحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه اليومي بهذه «القمة الخاصة» التي وصفها بأنها «قمة تحول».
وقال زيلينسكي إن «الحلف يغير استراتيجيته تلبية لسياسات روسيا العدوانية المعادية لأوروبا». وقبل ذلك، دعا «دول الناتو إلى الإسراع في تسليم أنظمة دفاع صاروخي إلى أوكرانيا وزيادة الضغط بشكل كبير على الدولة الإرهابية».
على الجبهة تواصل القصف صباح الخميس في منطقة دونباس (شرق) حيث تتركز غالبية المعارك.
وقال حاكم منطقة لوغانسك سيرغي غايداي إن مدينة ليسيتشانسك «تعيش تحت قصف متواصل بجميع أنواع الأسلحة». وقدر عدد السكان الباقين في المدينة بنحو 15 ألف شخص.
وهي آخر مدينة كبرى يريد الروس احتلالها في لوغانسك إحدى مقاطعتين في حوض دونباس الصناعي تسعى موسكو للسيطرة عليهما بالكامل.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية ريا نوفوستي عن القوات الروسية والانفصاليين الموالين لروسيا صباح الخميس إعلانها الاستيلاء على مصفاة ليسيتشانسك.
لكن هيئة أركان الجيش الأوكراني أكدت في الوقت نفسه استمرار القتال حول هذا الموقع، فيما تحاول القوات الروسية إغلاق الطرق المؤدية إلى المدينة.
بالقرب من دنيبرو في وسط شرق البلاد أصاب القصف مؤسسة زراعية ما أدى الى اتلاف 40 طنا من الذرة بحسب السلطات المحلية.
تأتي هذه المعارك فيما أعلنت السلطات الأوكرانية أنها استردت 144 جنديا من بينهم 95 من «المدافعين عن آزوفستال» في ماريوبول في إطار «أكبر تبادل (للأسرى مع موسكو) منذ بدء الغزو الروسي».
وقال جهاز الاستخبارات الأوكراني إن «بينهم 43 جنديا من فوج آزوف»، وهي وحدة تم دمجها منذ عدة سنوات في الجيش الأوكراني لكن موسكو تصفها بأنها «نازية».
وهذا التبادل أكدته روسيا صباح الخميس مشيرة الى انها لا يزال لديها «أكثر من ستة آلاف» أسير حرب أوكراني.
إلى ذلك، سلم قادة الناتو أسلحة بمليارات الدولارات إلى أوكرانيا فيما يواجهون طلبات مستمرة من الرئيس فولوديمير زيلينسكي لتزويد بلاده بمزيد من أنظمة المدفعية.
وأعلن الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ حزمة مشتركة جديدة من المساعدات العسكرية غير الفتاكة، تشمل معدات اتصالات آمنة وأنظمة مضادة للطائرات المسيرة.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 02/07/2022