تقاطع جريمة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين محور ورشة تحسيسية لفائدة ممثلي الإعلام

 

نظمت اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه بشراكة مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ورشة تحسيسية وتدريبية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين لمهنيي وسائط الإعلام يومي 8 و9 فبراير. وحاولت الورشة الوقوف عند الإطار القانوني الدولي والخطة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، والتمييز بين جريمة تهريب المهاجرين التي دائما ما تكون عابرة للحدود عبر تدبير الدخول غير المشروع لشخص إلى بلد ليس بموطنه مقابل منفعة مالية، خِلافا لجَريمة الاتجار بالبشر التي قد تُمارس على الصعيد الوطني أو الدولي وقد لا تحتاج إلى أن تُدار من طرف عصابة أو شبكة إجرامية منظمة، وتتمثل في تجنيد الأشخاص بواسطة القوة أو الخداع أو الاختطاف وغيرها من الوسائل بغرض استغلالهم لأغراض معينة كأن يكون «الاستغلال الجنسي والتسول أو الاستعباد ونزع الأعضاء إلخ..»، ولا يُعتد بموافقة الضحية خاصة الأطفال.
وأكد محمد شبيب، رئيس شعبة حماية الأسرة والفئات الخاصة، برئاسة النيابة العامة، على أن هذه الورشة التحسيسية تروم الإحاطة بأحد الجرائم الخطيرة المتعلقة بالاتجار بالبشر وعلاقتها بتهريب المهاجرين على اعتبار أنهما يتقاطعان في مجموعة من النقط، عبر ضبط المفاهيم والتعريف بالجريمة وعناصرها وأركانها وأوجه الاستغلال التي حددها المشرع ومختلف جوانبها القانونية، مشيرا إلى أن ضبط مفهوم الاتجار بالبشر في تصوره القانوني يساهم في تيسير الأسلوب القانوني عند تحرير المقالات بالنسبة للصحافة وإبراز دور الإعلام في الوقاية والتحسيس من خلال المواكبة لبعض القضايا في إطار إحاطة الرأي العام بتطوراتها وفهم الحدود الفاصلة بين الاتجار بالبشر والجرائم الأخرى البسيطة لِكون جريمة الاتجار بالبشر «جريمة مركبة» قد تكون بسيطة وإذا أضيف لها عنصر الاستغلال تصبح جريمة اتجار بالبشر، موضحا أن جريمة الاتجار بالبشر لا تكون دائما عابرة للقارات أو منظمة، فقد ترتكب بمُحِيط أي شخص وأن تُمارس أيضا على المستوى الوطني على خلاف تهريب المهاجرين العابر للحدود.
وأوضح عضو اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، أن هذا اللقاء شكل فرصة من أجل رفع اللُّبس حول هذه الجريمة والذي قد يجد تبريره في أن التعريف الذي جاء به المشرع المغربي هو تعريف واسع عرَّف الجريمة من خلال بيان مختلف عناصرها (فعل وسيلة هدف) وهذا ما يصطلح عند الخبراء الدوليين بالعناصر العشرينية مما قد يخلق نوعا من الخلط بين جريمة الاتجار بالبشر والجرائم الأخرى ولا سيما تهريب المهاجرين أو بعض الجرائم البسيطة، ما يستدعي ضبط واستخدام مصطلحات في محلها عند صياغة البلاغات والتقارير الصحفية للتمييز بين الحالات التي يكون فيها الأمر مجرد تهريب للمهاجرين والحالات التي يمكن أن يكون فيها ارتباط بين تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، مؤكدا على أهمية هذا الأمر، قائلا:» لأننا عندما نعلن أن المغرب قام بتفكيك شبكة كبيرة يصبح الوضع كأنه لدينا قضايا مرتفعة في الاتجار بالبشر والحال أن الأمر ما هو إلا تهريب مهاجرين».
كما توقف شبيب عند التقرير العالمي المُتعلق بجريمة الإتجار بالبشر، الذي قدمه مدير شعبة الأبحاث والتقارير بمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بفيينا، «فبريسيو سريك»، مشيرا إلى أن هذا التقرير يخضع تقريبا إلى نفس الخصائص التي تحظى بها جريمة الإتجار بالبشر، على المستوى الوطني والتي تم رصدها من خلال التقارير السنوية لرئاسة النيابة العامة، والتي يتم فيها التطرق لمعطيات إحصائية وتحليلية بخصوص هذه الجريمة عبر رصد التطورات المرتبطة بعدد المتابَعين وعدد الضحايا والتدابير الحمائية للضحايا وأنواع الاستغلال، مشيرا إلى أن الاستغلال الجنسي غالبا ما يأتي على رأس القائمة ثم يليه الاستغلال المتعلق بالتسول وأيضا العمل القسري سواء داخل المعامل أو المنازل.
كما أشار «شبيب» إلى الجهود التي يقوم بها المغرب في مجال مكافحة الإتجار بالبشر والوِقاية منه، مرتبطة بسياق عالمي تمارسه مختلف دول العالم التي صادقت على بروتوكول  «باليرمو» المتعلق بمنع وقَمع ومراقبة الاتجار بالبشر، مؤكدا على أن هنالك مناسبات سواء على المستوى الوطني أو الدولي يتم فيها تقييم عمل المغرب من طرف آلية تتبع تخص تنفيذ الاتفاقية، مشددا على أن الجهود التي يبذلها المغرب في تطور مستمر حيث تم إحداث خلية تهم بتتبع بظاهرة الاتجار بالبشر على مستوى مختلف محاكم المملكة وتقوم بتنسيق جهودها وأيضا توحيد إطار العمل وطرح مختلف الإشكالات عن طريق اللقاءات التي يتم القيام بها، مضيفا بالقول :» لكن ما سيعطينا بلُغة الأرقام أن هنالك مجهود هي التقارير السنوية لرئاسة النيابة العامة التي يتم من خلالها رصد تطور مختلف المجهودات سواء على مستوى الوقاية أو الحماية أو الجزر وآخر شيء تم رصده هو ارتفاع ملحوظ في تدابير الحماية لفائدة الضحايا وهذا أمر مهم لأن القانون يهتم بأمر الضحايا بقدر ما يهتم بضمان المحاكمة العادلة بمعنى كان تطور ملموس في إطار التدابير الحمائية للضحايا الاتجار بالبشر بالإضافة إلى الاشتغال على مجال حماية الشهود والمبلغين إلى غير ذلك من أجل تصدي ناجع لهذه الظاهرة وكذلك ارتفاع عدد القضايا بشكل يُبين أن هنالك نوع من اليقظة والتتبع بهدف التصدي لهذه الظاهرة».
بدورها أكدت مديرة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بالمغرب، سهام الفكيكي، على أن هذه الورشة التحسيسية، تأتي إيمانا بالدور الجوهري الذي يلعبه الإعلام في تغطية الأحداث التي يعرفها المجتمع بما في ذلك التطورات الخاصة بالجريمة وتحديدا هاتين الجريمتين، وذلك بتعريف خصائص كلٍّ  من الجريمتين والتحديات التي تطرحانهما، وأيضا التفكير الجماعي في الطريقة المثلى لتغطية مثل هذه الجرائم فيما يخص حقوق الضحايا وحفظ خصوصياتهم وغير ذلك نظرا للطبيعة المركبة والمعقدة أحيانا لهذه الجرائم والأهم هو تمكين العاملين في هذا المجال من مساعدة السلطات وكل من المشتغلين في المجال لنشر الوعي والتوعية من أجل الوقاية من هاتين الجريمتين، مشيرة إلى أن أي ظاهرة اذا لم يكن الشخص ملم بها وبضبط معاييرها يمكن  يفضي ذلك إلى اعتقادات خاطئة أو مغالطات أو خلط ومزج.
وأضافت سهام «لدينا ترسانة قانونية وحتى حقوق الضحايا مُكرَّسة قانونيا لكن عندما تكون هنالك تغطية اجتماعية أو من خلال الحديث العامي أو على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن وعن غير قصد أن يقدم معطيات أو بيانات خاصة، يمكن أن يكون لها تأثير على الضحية عبر الكشف عن معلومات عن غير قصد للجاني للتهرب أو قد يعرضها للتهديد».


الكاتب : يسرا سراج الدين

  

بتاريخ : 14/02/2024