تهديد حقيقي لأمم إفريقيا بين الانفصاليين الناطقين بالإنجليزية وبوكو حرام

إلى جانب الخطر القائم جراء جائحة كورونا ومتحور أوميكرون المستجد، تنطلق كأس أمم إفريقيا لكرة القدم الأحد المقبل في الكاميرون ضمن سياق أمني متوتر، بين تهديدات الانفصاليين الناطقين بالإنجليزية من جهة، ومخاطر التعرض لهجمات جهاديي بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية من جهة أخرى.
وبعدما كانت الجائحة سببا في إثارة التكهنات حيال إمكانية تأجيل أو إلغاء المسابقة الأكبر في القارة، يمثل الأمن تحديا كبيرا آخر للمنظمين في هذا البلد، الذي يعيش حالة حرب على جزء من أراضيه.
فعلى مدى أربع سنوات، تشهد المنطقتان الناطقتان بالانجليزية (جنوب غرب وشمال غرب) في الكاميرون تمردا مسلحا، تتخلله مواجهات شبه يومية بين الجيش وجماعات انفصالية تطالب باستقلال «أمبازونيا»، الاسم الذي تطلقه هذه الجماعات الناطقة بالإنجليزية على منطقتيها.
وتتهم منظمات غير حكومية والأمم المتحدة الطرفين بارتكاب انتهاكات وجرائم بحق المدنيين، في نزاع أسفر منذ العام 2017 عن أكثر من 3500 قتيل و700 ألف مهجر، وفقا للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية دولية.
وتوعدت بعض الجماعات المسلحة بعرقلة المنافسات، وبعثت برسائل تهديد إلى منتخبات المجموعة السادسة (تونس ومالي وموريتانيا وغامبيا)، التي ستلعب في منتجع ليمبي الساحلي وتتدرب في بويا كبرى مناطق الجنوب الغربي.
ويقول بليز تشامانغو، مسؤول منظمة «هيومن إزرايت» الحقوقية التي تتخذ من بويا مقرا لها، إن «التهديدات خطيرة جدا «.
وأوضح في اتصال مع وكالة فرانس برس أن «الأربعاء الماضي، وقع انفجار في ليمبي في مطعم وجبات سريعة، إنها رسالة قوية».
ويضيف تشامانغو «لقد نشرت الحكومة جنودا مدججين بالسلاح تقريبا على كل طرقات بويا وليمبي خصوصا. وتقوم قوات الدفاع والأمن باعتقالات وتفتيش ممنهج في أحياء عدة».
ولا شيء يؤكد أن الانفصاليين لن يحاولوا القيام بشيء في ياوندي أو دوالا، العاصمة الاقتصادية، حيث شنوا بالفعل هجمات صغيرة في الماضي.
والجمعة، أشار الرئيس الكاميروني بول بيا إلى «حالات استسلام عدة» ضمن الجماعات المسلحة. لكنه أضاف أنهم «يواصلون الانخراط في الأنشطة الإجرامية، من خلال زيادة الهجمات بالعبوات الناسفة وقتل المدنيين العزل».
وفي مواجهة هذا التهديد، تصر الحكومة على أن «الأمن سيكون مضمونا». وردا على سؤال لفرانس برس، لم ترغب السلطة ولا الاتحاد الإفريقي لكرة القدم («كاف») في تقديم تفاصيل عن النظام الأمني المخطط له.
ففي العاصمة ياوندي، على بعد حوالي 250 كلم إلى شرق حدود المناطق الناطقة بالإنجليزية، كان الجو الاثنين أكثر استرخاء، ولم يشاهد سوى عدد قليل من رجال الأمن يراقبون آخر الاستعدادات في محيط الملعب الأولمبي الجديد، الذي بني لهذه البطولة وسيكون مقرا لمنتخب «الأسود غير المروضة».
وتواجه الكاميرون أيضا تهديدا آخر، في أقصى الشمال، مع هجمات لجهاديي بوكو حرام التي تراجعت بشدة منذ مقتل زعيم التنظيم أبو بكر شيكاو في ماي الماضي.
لكن في المقابل، عزز تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا سيطرته في منطقة بحيرة تشاد ويقود توغلات متفرقة في الكاميرون.
وبالتالي، يمكن أن يستفيد التنظيمان من التأثير المفاجئ لكأس أمم إفريقيا في الأعمال التي من شأنها أن توهن النفسيات كما يخشى البعض، في الشمال أو في ياوندي ودوالا.
ويقول مدير صحيفة «عين الساحل» النصف أسبوعية في شمال الكاميرون غيباي غاتاما إن «ملعب المنطقة الشمالية الذي سيستضيف المجموعة الرابعة (مصر ونيجيريا والسودان وغينيا بيساو) في غاروا، يقع على مسافة بعيدة جدا من محيط أنشطتهم»، على بعد أكثر من 300 كلم.


بتاريخ : 06/01/2022