تهم مجالات التعليم والصحة والماء الشروب والطرق.. مطالب بإحداث «وزارة خاصة بالعالم القروي» في أفق تدارك وضعية «الهشاشة المزمنة» بجماعات ترابية عديدة

يعاني الوسط القروي، في أكثر من جهة، من العديد من النقائص البنيوية الفاضحة، وهي وضعية لا تتغير بالشكل المتوخى، رغم أنها تطرح للنقاش والتداول، من حين لآخر، على الصعيدين الحكومي والبرلماني، خاصة في ما يهم توفير التعليم والصحة والماء والطرق.
وكان الواجب – منذ سنوات خلت – العمل على إحداث وزارة خاصة بالعالم القروي تتوفر على مندوبيات خارج المدن، ليتنقل السيد الوزير والسادة المناديب بين الدواوير والجبال يحاورون الأطفال المنقطعين عن الدراسة بعد مستوى الخامس ابتدائي، لعدم توفرهم على المنح ولا على التعليم الإعدادي والثانوي، ودور الطالب، والمرضى، ممن حالت وضعيتهم المادية بينهم وبين الوصول إلى مستشفى المختار السوسي مثلا بتارودانت، أو مستشفى الحسن الثاني بأكادير، إذا كانوا من ساكنة العالم القروي التابع لدائرة ايغرم إقليم تارودانت كنموذج.
مقترح إحداث وزارة خاصة بالعالم القروي، مرده إلى خبرة عقود طويلة من الاحتكاك اليومي مع ساكنة العالم القروي بجماعات ترابية بتارودانت، مكنت من معرفة الحاجيات الملحة للساكنة التي لا تتم الاستجابة لها بالسرعة المطلوبة. وفي هذا السياق، نذكر، مثلا، بلقاءات سالفة مع مدير مديرية التعليم بإقليم تارودانت ومدير أكاديمية جهة سوس ماسة بأكادير حول «إحداث إعدادية وداخلية والقاضي» التي طالبت بها ثلاث جماعات منذ 2015، هي جماعات والقاضي – النحيت – تسيفان، وتهم أيضا تلاميذ الجماعتين المجاورتين، جماعة امي نتيرت وجماعة سيدي احمد اوعبد لله كروافد، مع توفر النقل المدرسي منذ سنوات في المدرسة الجماعاتية للنحيت، كما تم عقد شراكة بين رؤساء الجماعات الثلاث وبين النائب السابق لمندوبية تارودانت وتم عقد دورات استثنائية من طرف الجماعات المشار إليها للمصادقة على الشراكة، ووهب أحد المحسنين من ساكنة جماعة والقاضي بقعة أرضية من هكتارين حفظها وسلمها لمديرية التعليم، وتم عقد عدة اجتماعات في العمالة، في المديرية، في الأكاديمية ، وتم تكوين لجنة سداسية لمتابعة الملف، وعقدت اجتماعات في القسم المختص بالتعليم في الوزارة الأولى بالرباط، وأعدت ملفات، ونشرت مقالات صحافية في الموضوع، وأعطيت الوعود، لكن لا شيء تحقق.
لماذا؟ لأن كل مسؤول يتمسك بالشروط المعمول بها في الحواضر، حيث الكثافة السكانية واستقرار السكان لتوفر العمل، مع العلم أن تلامذة الجماعات الثلاث يتابعون دراستهم في إعدادية وثانوية الأرك بإيغرم التي تفتقر إلى بعض الشروط الواجب توفرها لتلبية حاجيات أكثر من ألف تلميذ وتلميذة، في ظل ندرة الماء الشروب، البرد القارس، قلة المنح…
في السياق ذاته، نشير إلى أن متابعة الدراسة لحوالي خمسين تلميذة يتكفل بها محسنون وجمعويون على مستوى جماعة النحيت، من خلال جمع منحهن وأدائها في إعدادية أكادير الكبرى بأيت ملول وفي إعداديات تارودانت، علما بأن منهن من تغادر لعدم توفر المنح ، كما أن بعض الأسر هاجرت إلى هذه المدينة أوتلك، لتمكين أبنائها من متابعة مسارهم الدراسي، بعد أن عجزت دار الطالب بإيغرم عن توفير الحد الأدنى من المقومات الأساسية.
إنها وضعية تستوجب وضع مقاييس خاصة بأبناء العالم القروي للاحتفاظ بالبقية الباقية من السكان هناك ، وهذا يتطلب من وزارة التربية الوطنية أن تقتدي، مثلا، بوزارة الداخلية التي وضعت رهن إشارة ساكنة الجماعات الثلاث: والقاضي، النحيت، تيسفان، دائرة إيغرم وقيادة والقاضي والعديد من الشيوخ والمقدمين، وتستجيب لمطالب السكان الملحة بإحداث إعدادية – تأهيلية وداخلية…، «إذ كيف يعقل أن تتسع المنطقة لإنشاء الدائرة والقيادة وثلاث جماعات وتتسع لمركز صحي ومستوصفين، لكن لا تتسع لإعدادية وداخلية واحدة، أي منطق هذا؟» يتساءل بعض أبناء المنطقة.


الكاتب : محمد مستاوي

  

بتاريخ : 13/01/2022