جامعة ابن طفيل تحتفي بديوان «جاؤوا لنقص في السماء» للشاعر عبد الحميد جماهري

فاتح: تجربة شعرية مشدودة إلى قوس التوهج بلفقيه: حين تحرضنا العتبات على لعبة مطاردة المعنى

 

احتفت جامعة ابن طفيل بالشاعر عبد الحميد جماهري في اليوم العالمي للشعر، من خلال الاحتفاء بديوانه الأخير « جاؤوا لنقص في السماء ، في ديوان حالتي « يوم الاربعاء الماضي 7 أبريل الجاري بحضور الدكتور محمد هموش منسق ماستر النقد المعاصربكلية اللغات والآداب والفنون ابن طفيل بالقنيطرة، والذي سير الندوة بكلمة ترحيبية بالشاعر والسياسي والمترجم عبد الحميد جماهري.

الطالب الباحث المصطفى فاتح وفي قراءة للديوان بعنوان» التخييل وبناء الدلالة «، اختار الدخول الى عوالمه من خلال ثلاثة مفاتيح :
المفتاح الأول : إيتوس الشاعر المحارب الذي يحمل بندقية من كلمات، حيث اعتبر الباحث أن « القصيدة تخرج من تجربة الشاعر عبد الحميد جماهري بوعي جمالي مختلف في أرض الشعر، تجربة شعرية مشدودة إلى قوس التوهج والإبداع والحضور الانساني إلى جانب تجاربه الآخرى في مجال الفكر والثقافة والحياة … مضيفا أنه تتخلق في متن قصائد هذا الديوان تجربة شعرية محفوفة بأبعاد إنسانية ووجودية تورط الذات الشاعرة، ولا تجعلها بعيدة عن القول والخلق الشعريين «.
المفتاح الثاني : الصورة الاستعارية، حيث القصيدة ساحة حرب والشاعر جندي شجاع، ومن خلالها يؤكد فاتح أن الشاعر جماهري» يرسم صورة المثقف الفاعل والمتفاعل مع هموم الناس والتغيرات المحيقة بالمجتمع جراء القيم والافكار الدخيلة عليه ، لذا فهو يتوجه إلى مخاطب من نوع خاص تكشف عنه طبيعة اللغة الموظفة التي تجعل فهم شعره وتلقيه مقصورا على طبقة مثقفة ،تملك القدرة على التأويل واستجلاء دلالات خطابة الشعري وملء فراغاته النصية البيضاء التي يتعمد تركها ناقصة «.
المفتاح الثالث : التناص وهو النص الغائب في الديوان يقول الباحث فاتح، إذ «يحضر التناص الديني في الديوان بكثرة من خلال حرص الشاعر عبد الحميد جماهري على توظيف عناصر الدين الاسلامي، وتمثله لمبادئه وتأكيده على إلمامه بالدين الاسلامي الذي ننتمي إليه جميعا ( أنا الشاعر، ونحن القراء، والآخر المخالف)، فالشاعر يشدد على انتمائه لهذا الدين الذي لا يمنعه من اختلافه مع الآخر في تمثل مبادئ هذا الدين السمح الذي حاول البعض جعله دينا للتطرف والقتل وكراهية الآخر».
وختم الباحث المصطفى فاتح مداخلته بالقول إن الشاعر عبد الحميد جماهري في ديوانه «جاؤوا لنقص في السماء، نجح « في تشكيل إيتوس الشاعر المثقف الشجاع الذي يسير على خطى المعلمين الأوائل من حاملي مشعل الفكر ورسائل التنوير، من قبيل الأنبياء والفلاسفة مثل سقراط… الذين واجهوا الجهل والفكر المتحجر دون استسلام. إنه أشبه ببروميتوس الذي فضل أن يكتوي بنار الحقيقة، مضيفا أنه « الشاعر المثقف الذي آثر الجهر على السر، الحقيقة المرة على النفاق، الفضح على التستر. هكذا رسمت الذات الشاعرة لنفسها نموذج الشاعر المثقف المبدع الصادق المرتبط بهموم مجتمعه الذي يناضل من أجله، وقد تكون هذا الإيتوس من القيم الإيجابية التي تجعله أهلا لثقة المخاطب مما يجعله يلامس مشاعره وعواطفه وأفكاره».
من جهته، اختار الطالب الباحث رشيد بلفقيه مقاربة الديوان من خلال « آليات التشكيل الفني» منطلقا من سؤالين مؤطرين : ماهي أهم الأساليب اللغوية والبلاغية التي سخرت في بناء القصائد ؟ وهل هناك مقصديات إبلاغية وإقناعية معينة ، تتجاوز بهذه الأساليب وظائفها التزيينية الزخرفية فقط ؟
يعتبر بلفقيه أن الآليات التي وقف عليها الشاعر عبد الحميد جماهري استطاعت أن تتسق وتنسجم بينها، محققة للقصائد أبعادها الجمالية والإبلاغية ، إذ «بعد أن تحرضنا العتبات على لعبة مطاردة المعنى في المرحلة الأولى للقراءة ، وتغوينا بالنزول والسير في مناكب القصائد، تشتغل الآليات اللغوية الأخرى، مشكلة المعاني القريبة والبعيدة محققة لذة القراءة». .
بعد ذلك ختم الشاعر المحتفى به عبد الحميد جماهري اللقاء بكلمة عبر فيها عن سعادته بعودته إلى رحاب الجامعة ووسط الطلبة، شاكرا جامعة ابن طفيل على هذا النشاط الثقافي الاحتفائي في زمن جائحة كوفيد، في إطار انفتاح الجامعة على محيطها الثقافي، إذ استطاعت أن تبرمج هذا النشاط الذي يتزامن مع اليوم العالمي للشعر، وهو إبداع مغربي بفكرة مغربية خالصة استطاعت أن تحتفل بها يوم 21 مارس من كل سنة .
وقد قرأ الشاعر جماهري أمام الحضور قصيدة «اجلسي بالقرب مني أيتها القسوة» من ديوانه الأخير «جاؤوا لنقص في السماء».


الكاتب : مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 10/04/2021