جرافات السلطات تَدُكُّ “كابانوهات” شاطئ “الداهومي” !؟

إذا ما قمت، هذه الأيام، بزيارة لشاطئ “الداهومي” التابع لتراب جماعة بوزنيقة، ستجد نفسك أمام منظر “الشاليهات” المؤثثة لجنبات هذا الشاطئ وقد تحولت إلى ردم وأنقاض فيما تنشط حركة الشاحنات و”الهوندات” و”التريبورتوات” وهي تنقل ما استطاعت جمعه من حديد الأبنية المتهدمة والمواد التي قد يعاد تجديد استعمالها، في الوقت الذي تتفرق جماعات من ساكنة هذه “الشاليهات” في أرجاء الموقع تراقب، في اندهاش واضح على محياها، مستغربة ما وقع، تحاول استيعاب ما يجري متسائلة في دواخلها: هل هذا الهدم حقيقة أم هي بصدد كابوس اجتاح حلمها الجماعي، وقفت تتفرج على هوله بأجساد شبه منهزمة، تنتظر من يوقظها بشرح أو تبرير لما يجري، هي التي اعتادت أن تعيش هناك قرب صفاء بحري جميل ونغمات أمواج وأصوات طيور مهاجرة تتخذ من مستقرهم نقطة عبور إلى ضفة أخرى من ضفاف الأطلسي الشاسعة ..
موقع الاستجمام والراحة هذا ستخدشه أصوات الجرافات مؤخرا، لتوقف المشهد السابق وتنتقل بهم إلى مشهد بشع عنوانه بقايا “شاليهاتهم” وقد “تواطت” أرضا في انتظار من يحمل ردمها إلى مطرح خاص بالنفايات الهامدة.
تتنوع ساكنة هذه “الشاليهات” المقدرة بأكثر من 500 شاليه، سكان منهم من يقطن هناك بشكل دائم ومستمر ومنهم من يسكنه في فترات متفرقة من السنة، منهم مواطنون يقطنون بالمغرب، بينهم من يسكن بصفة دائمة هناك، ومنهم مهاجرون مغاربة وأجانب، أجمعوا في تصريحاتهم لنا بأن عملية الهدم جاءت بشكل مفاجئ، ما اضطر بعض المهاجرين ممن سقطت منازلهم لأن يستقلوا أول طائرة قادمة للبلاد للوقوف على ما يجري، أحدهم أوضح في تصريح لجريدتنا بأن الساكنة فوجئت بهذا الهدم، معتبرا إياه إجراء تعسفيا في حقهم، ولم يضع لهم أي اعتبار كمواطنين مقيمين هناك لسنين طويلة، مشيرا إلى أن الساكنة سمعت عن إحداث مشروع سياحي كبير هناك، وهم ليسوا ضده إن كان يخدم الوطن، لكن في الأجرأة تم خرق القانون والمس بحقوق المواطنين، إذ لم يتم الإشعار بالكيفية المطلوبة، ولم يتم أي حوار بين السلطات وبين أصحاب هذه “الشاليهات” ، بل إنهم كساكنة لم يمنحوا أي أجل مقبول للإخلاء، خاصة وأننا على أبواب شهر رمضان ذي الطقس الخاص لدى المغاربة والمسلمين بصفة عامة، فإلى أين ستتجه العائلات القاطنة بصفة دائمة هناك؟ وكيف ستغير مدارس أبنائها في هذه المرحلة من السنة ؟ – يتساءل محدثنا – قبل أن يؤكد بأن ليس من القاطنين من يعارض مشاريع لها مصلحة عامة، لكن في نفس الوقت لا يجب خدش الصورة التي ما فتئ وطننا يرسمها حتى أصبح نموذجا في المجال الحقوقي، إذ في هذه الحالة اعتبر محدثنا أن حقوق الناس بهذا الإجراء قد مست، وبأنهم كساكنة يحاولون جاهدين إيجاد حل لما وصلت إليه الأمور.
إحدى القاطنات أخبرتنا خلال جولتنا هناك بأن السلطات اجتمعت يوم 15 يناير وقررت الهدم وشرعت في التنفيذ خلال اليوم الموالي، موضحة بأن الساكنة لا يمكن إلا أن تكون منخرطة في المشاريع التي هي في صالح الوطن، فما الضير في أن يتم الاستماع إليهم والإنصات لوجهة نظرهم والتي منها ضمان حقوقهم؟
بعض المتضررين، في ذات الجولة، أكدوا لنا أنهم بعد هذا الهدم أصبحوا معرضين للسرقة ليل نهار، ولا يشعرون بأية حماية، ولا يعرفون الوجهة التي يقصدونها للتحاور بل ومع من سيتحاورون حتى، وكل هذه “الكارثة” التي وقعت على رؤوسهم جعلتهم في حيرة من أمرهم معبرين عن استغرابهم لأن هدم منازلهم بهذه الطريقة كان ليعالج بصيغة أخرى، أكثر حوارا وشرحا، وأوضح تفاهما بينهم وبين السلطة وأصحاب المشروع المزمع توسيعه هناك.
في المحصلة تم تهديم عدد من “الشاليهات” وهدمت أجزاء أخرى من “شاليهات” مجاورة، بحكم أن أصحابها غير متواجدين بها، كما هدمت السلالم الإسمنتية المؤدية للشاطئ، وأبرز جل المتضررين أن هذا الإجراء تم لأن هناك مشروعا سياحيا بالجوار سيتوسع في المنطقة برمتها، وبالتالي ذهبت التقديرات إلى ضرورة حذف هذه “الشاليهات”، وبالمناسبة توجد جمعية مشرفة على هذه “الشاليهات” توفر الماء الشروب وباقي الخدمات كما توفر مركزا صحيا هناك للطوارئ .
وإلى حدود الآن لم يتم التواصل مع أصحابها، فقط الجرافات تواصل الهدم !؟


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 14/02/2024