حسن الفكاك، المدير التقني للجنة الوطنية الأولمبية: الجامعات الرياضية مسؤولة عن اختيار الأبطال وإعدادهم التقني

أثارت المشاركة السلبية للعديد من الأصناف الرياضية الوطنية في أولمبياد طوكيو ردود فعل متباينة، وصلت أحيانا إلى حد التشكيك في الروح الوطنية، بسبب الأداء المتواضع جدا لبعض الرياضات، على غرار الملاكمة والتايكواندو، اللتين يكمن القول إنها مرا بجوار طوكيو، حيث عادا مثلما ذهبا.
ورغم أن اللجنة الوطنية الأولمبية سعت إلى توفير كافة الإمكانيات وذللت الكثير من الصعاب، التي رافقت تحضير الأبطال المغاربة لهذه الاستحقاقات، فإن النتائج كانت دون مستوى التطلعات.
في هذا الحوار، نستضيف الإطار الوطني، حسن الفكاك، المدير التقني للجنة الوطنية الأولمبية، من أجل تقييم أولي للمشاركة المغربية حتى الآن، ومعرفة أسباب هذا التواضع…

 

n سجلت الدورة 32 من الألعاب الأولمبية، الجارية تفاصيلها حاليا بطوكيو، حضورا ضعيفا للمشاركين المغاربة، على كافة المستويات،حيث تساقطت أوراقهم تباعا، وبطرق مهينة، ماهي الأسباب بنظرك، ومن يتحمل المسؤولية؟

pp لقد فاجأتنا نتائج الرياضيين المغاربة في بداية هذه الألعاب، حيث كان الإقصاء جماعيا، في انتظار دخول رياضة ألعاب القوى.واحتراما لرياضيينا،يجب أن نظل متفائلين ونؤمن بتحقيق نتائج جيدة حتى الدقائق الأخيرة من الألعاب.
بعد انتهاء الألعاب الأولمبية، سنقوم بالتقييم وسيتخذ المسؤولون عن الرياضة الوطنية القرارات اللازمة.
وهنا أود أن أشير إلى أن اللجنة الوطنية الأولمبية، بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة، قامت بتمويل برنامج تحضير الأبطال، الذي اقترحته الجامعات الرياضية،ونحن داخل اللجنة الوطنية الأولمبية نرافق الرياضيين في الألعاب ومساعدتهم بعدها، إن لزم الأمر، وبالتالي فإننا داخل اللجنة غير مسؤولين عن اختيار الأبطال وإعدادهم التقني، الذي يبقى صلاحية خاصة بالجامعات.
إن الرياضة عالية المستوى هي نظام تتداخل فيه عدة عناصر مترابطة فيما بينها (الرياضي ومشروعه، النادي، مدربالنادي، المدربالوطني، الجامعة،التوجيه التقني للجامعة،وزارة الشباب والرياضة، المستشهرون،اللجنة الوطنية الأولمبية،،الأسرة،البرنامج التعليمي،المتابعة الطبية، المتابعة النفسية،التغذية، الإعلام،الجمهور …)
إن الأداء هو نتيجة حتمية للتوازن الدقيق بين عناصره المختلفة. ففي الألعاب الأولمبية،يكون المعيار مرتفعًا لدرجة أن فشل أي من عناصر هذا النظام يمكن أن يسد طريق الميداليات.
شخصيا أتفهم خيبة أمل الجمهور المغربي ورغبته في رؤية الميداليات، لكن بعض التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي صدمتني، لأنها تحكم على الرياضيين بالهزيمة حتى قبل بدء التنافس،والبعض الآخر يهينهم صراحة، فهذا عدم الاحترام حبط الرياضيين. ولهذا يجب على الجمهور أن يؤمن بالرياضيين ويدعمهم حتى النهاية،خاصة في الأوقات الصعبة. فأسمى معاني المواطنة هي أن تسأل نفسك كل صباح: ما الذي يمكنني فعله من أشياء إيجابية لبلدي ولرفاقي المواطنين؟
إن الكراهية والغيرة والشر غيرالمبرر تجر إلى الظلام. دعونا نختارالاحترام المتبادل والمساعدة المتبادلة والتضامن لتحقيق النجاح معا.

n نعلم جميعا مدى تأثير جائحة فيروس كورونا على أداء وتحضيرات الرياضيين، كيف تعاملت اللجنة الوطنية الأولمبية مع هذا الأمر، خاصة في ما يتعلق بمواكبة الرياضيين؟

pp إن وصول الوباء إلى المغرب في مارس 2020 حطم ديناميكية إعداد غالبية رياضيينا المغاربة، ولهذا كان أول رد فعل للجنة الوطنية الأولمبية هو حماية صحة رياضيينا ومواطنينا من خلال دعوتهم لاحترام الإجراءات الصحية،التي اقترحتها الحكومة، كما طمأنت الجامعات المسؤولة عن إعداد الرياضيين بالتأكيد على استعداده اللتكيف مع برامجها الجديدة ومواصلة دعمها خلال فترة الأزمة، حيث نظمت عدة ندوات عبر الفيديو مع رؤساء الجامعات لإيجاد الحلول وأفضل ردود الفعل للتأقلم مع الوباء. هذه الندوات كانت أيضا مع كبارالخبراء المغاربة والدوليين للرياضيين والمشرفين حول طريقة تكييف التداريب مع الحجر الصحي، التغذية الرياضية،التحضير البدني،الإعداد الذهني،كيفية التعامل مع القلق والتوتر في أوقات الأزمات، ثم رفع درجة التفاؤل.
واعتبارا من شهر يوليوز 2020، ومع الرفع الجزئي للحجر،دعمت اللجنة الوطنية الأولمبية الجامعات لاستئناف الدورات التحضيرية والمسابقات الدولية، لكن لسوء الحظ،في المغرب،ظلت القاعات مغلقة وكذلك مركز مولاي رشيد الرياضي. ورغم ذلك ، تم توقيع اتفاقية مع جامعة الأخوين بإيفران، بهدف وضع مرافقها الرياضية والطبية رهن إشارة الجامعات والرياضيين المغاربة، حيث كانت فرصتهم الوحيدة لاستئناف برنامج التحضير الأولمبي. كما قامت اللجنة أيضا بتوفير تحاليل الكشف عن كورونا في صفوف الأبطال. لكن ورغم كل هذه المجهودات فإن العديد من الأبطال لم يتمكنوا مع التحضير بالخارج كما كان مقررا، بسبب تعليق شركات الطيران لرحلاتها بسبب إغلاق الأجواء، ومع ذلك فقد قام البعض بمواصلة الكفاح ونجح في تأمين بعض التربصات بالخارج.
إن البقاء لمدة عام ونصف دون تحضير عالي المستوى يكون له أثر سلبي على أداء الرياضي.

n حرصت اللجنة الوطنية الأولمبية على توفير كافة الإمكانيات اللازمة لإعداد الوفد الرياضي المغربي لهذه الألعاب التي طال انتظارها، لكن ماذا عن الدعم المعنوي واللوجستيكي أثناء وبعد هذا الحدث؟

pp من واجب اللجنة الوطنية الأولمبية أن تكون في خدمة الجامعات والرياضيين المغاربة. فقبل الألعاب أبرمت اتفاقية مع كل جامعة على حدة، تهم بالأساس المشروع الرياضي للجامعة،وتحديد قائمة الرياضيين المختارين،والمشرفين التقنيين،وبرنامج التدريب الداخلي والمسابقات الدولية وكذلك الأهداف والميزانية التقديرية، حيث تناقش الجامعة واللجنة الأولمبية مشروع الاتفاقية بغاية إثرائه وتحقيق التوافق بشأنه،وبعد ذلك توقع الاتفاقية لتحديد التزامات كل الأطراف.
وتمول اللجنة الأولمبية جزءا من البرنامج أو كله،كما تقدم الدعم الطبي والدعم النفسي للرياضيين الذين يرغبون في ذلك.
واستعدادا لدورة الألعاب الأولمبية في طوكيو،تلقى جميع الرياضيين المؤهلين،على حساب اللجنة فحصًا طبيًا كاملاً. فقبل الألعاب يبدأ الدعم ويقوى أثناءها ويستمر بعدها،خاصة في حالة الإصابات.

– كيف تنظر إلى استعانة بعض الجامعات بمدربين أجانب، في ظل هذه النتائج المتواضعة؟

pp الجامعات هي الوحيدة التي يمكن لها أن تقيم نتيجة عمل الأطر الأجنبية. وشخصياً،أرى أن البعض يتمتع بمستوى جيد للغاية من الخبرة،ويمكنهم تقديم إضافة للرياضيين المغاربة، لكن البعض الآخر أقل من ذلك بكثير، وهذا أمر يحصل في كل دول العالم.فمن أجل التقدم والنجاح،يجب علينا، ومن دون خجل، الاستعانة بالمهارات الأجنبية إذا لزم الأمر،ولكن في نفس الوقت يجب تدريب وتطوير مواردنا البشرية الداخلية. فهناك دول حققت تقدمًا استثنائيًا بفضل المدربين الأجانب. علاوة على ذلك، نلاحظ أن العديد من المدربين المغاربة،وفي مختلف الرياضات، يتألقون في الخارج. حيث نسجل بأسف شديد هجرة الكفاءات المغربية في عدة مجالات، وهذه خسارة كبيرة لبلدنا.

n يلاحظ أن البعثة المغربية بطوكيو تتشكل في غالبيتها من الرياضات الفردية،التي تبقى الوسيلة الوحيدة للتنافس على الميداليات. ماهي أهمية المشاركة الفردية للرياضيين؟

pp إن اللجنة الوطنية الأولمبية تدعم جميع الرياضات، سواء الفردية أو الجماعية، بشرط أن تكون لديها إمكانات حقيقية للدفاع بشرف عن ألوان المغرب دوليًا وتحقيق النتائج. واتضح مؤخرًا أن الرياضاتا لفردية تكتسب قوة جذب دولية أكثر من الرياضات الجماعية.وسواء تعلق الأمر بالرياضات الفردية أو الجماعية،فإن التزام البطل يبقى أمرا أساسيا وضروريا لنجاح المشروع الرياضي. علاوة على أن الفاعل الرئيسي في المشروع الرياضي هو الرياضي نفسه، الذي ينبغي أن يكون متحركًا بحلم،وأن تكون لديه أهداف واضحة ودقيقة،و أن يؤمن بنفسه،وأخيراً أن يعمل بصرامة و نكران ذات من أجل تحقيق حلمه.
أحيانًا يكون لدى بعض الرياضيين هدفا خاطئا ويعتقدون أن الأداء والميدالية يتم تحقيقهما بفضل ما سيفعله الآخرون لهم.


الكاتب : حاوره بطوكيو:إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 29/07/2021