حماة المال العام يتجمعون، في وقفة احتجاجية، أمام وزارة العدل ضد توجه وهبي لحماية رموز الفساد والنهب

نفذت «الجمعية المغربية لحماية المال العام» وقفتها الاحتجاجية، عشية يوم السبت 7 ماي 2022، أمام مقر وزارة العدل بالرباط، تحت شعار: «لا للتضييق على المجتمع المدني والتشريع لحماية المفسدين وناهبي المال العام، نعم لربط المسؤولية بالمحاسبة»، وذلك على خلفية تصريحات وزير العدل، عبداللطيف وهبي، التي منع فيها جمعيات الشأن العام من التقدم بشكايات إلى الجهات القضائية المختصة فيما يتعلق بالاختلالات المالية ومظاهر الفساد، دون أن يفوت الجمعية الإعلان عن استعدادها لاتخاذ ما يمكن من المبادرات ل «فضح توجه وزير العدل الهادف إلى حماية المفسدين وناهبي المال العام وتحجيم أدوار المجتمع المدني في مكافحة الفساد».
وعرفت الوقفة الاحتجاجية مشاركة مكثفة ووازنة لفعاليات مدنية، حقوقية، سياسية، نقابية، جمعوية، نسائية، دون أن تتوقف خلالها حناجر المشاركين عن ترديد مجموعة من الشعارات والهتافات القوية، وعن التلويح بالعشرات من اليافطات، فيما تميزت بكلمة لرئيس «الجمعية المغربية لحماية المال العام»، محمد الغلوسي، منددا فيها بتصريحات وتبريرات وزير العدل، والتي تم اعتبارها، بإجماع الشارع المغربي، خرجة غير مسؤولة، ومنافية للدستور والقانون، ولا هدف لها سوى تقييد دور المجتمع المدني في تقديم شكايات لها صلة بالفساد، والعمل على توفير الحماية للمفسدين وناهبي المال العام وتشجيع الإثراء غير المشروع والإفلات من العقاب.
وكانت الجمعية قد قررت خوض الوقفة الاحتجاجية عقب أشغال اجتماع مكتبها الوطني، المنعقد عن بعد، يوم الأحد 24 أبريل 2022، والذي خصص ل «مناقشة تصريحات وزير العدل حول منع الجمعيات المهتمة بالشأن العام من التقدم بشكايات إلى الجهات القضائية المختصة في ما يتعلق بالاختلالات التدبيرية والقانونية والمالية الناتجة عن ممارسة المنتخبين للشأن العمومي»، وهو المنع الذي «يطمح وزير العدل إلى إدراجه ضمن تعديل مشروع قانون المسطرة الجنائية»، وفق بيان جرى تعميمه، حيث ناقشت الجمعية التصريحات المذكورة وآثارها الخطيرة على تقييد نشاط الحركة الحقوقية والمدنية والتضييق عليها في ممارسة أدوارها الدستورية والقانونية».
ولم يفت الجمعية، ضمن بيانها، الإشارة إلى أن تصريحات وزير العدل «تسعى إلى توريط البرلمان لإضفاء شرعية على انتهاك الدستور خاصة في جانبه المتعلق بالحقوق والحريات الأساسية، في خلاف تام مع جوهر الفصل 71 من الدستور، بخلفية تحصين فئة المنتخبين المتورطين في شبهة اختلالات مالية وقانونية من المحاسبة»، فيما زادت الجمعية فرأت أن تصريحات الوزير «تندرج ضمن مؤشرات كثيرة تؤكد غياب إرادة سياسية حقيقية لدى الحكومة لمكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام، وتخليق الحياة العامة»، ومن بين هذه المؤشرات «التراجع عن تجريم الإثراء غير المشروع»، يضيف بيان الجمعية.
وفي ذات السياق، أكدت «الجمعية المغربية لحماية المال العام» أن «الرغبة الجامحة لوزير العدل في تشريع مقتضيات خاصة بالمتهمين المشتبه تورطهم في قضايا الفساد والرشوة إنما يهدف إلى توفير امتياز لفئة خاصة من المواطنين (المنتخبين) وهو تمييز في إعمال القانون وانتهاك صارخ للمقتضيات الدستورية والقانونية ذات الصلة بسواسية الناس أمام أحكام القانون وتقويض لربط المسؤولية بالمحاسبة»، ونبهت الجمعية إلى «خطورة مسعى وزير العدل الهادف إلى توريط وزارة الداخلية في الحسابات السياسية الضيقة من خلال دفعها لتولي مهمة تقديم شكايات الفساد ونهب المال العام إلى القضاء».
وشددت الجمعية على أنه في حال تمكن وزير العدل من توريط وزارة الداخلية في تولي مهمة تقديم شكايات الفساد والنهب «سيجر على هذه الأخيرة اتهامات بخصوص حياديتها وموضوعيتها في تقديم تلك الشكايات فضلا عن كون ذلك يشكل تحجيما وتدخلا سافرا في مهام وأدوار السلطة القضائية الدستورية والقانونية ومسا خطيرا باستقلاليها»، فيما أعربت ذات الجمعية عن «إدانتها كل أشكال الابتزاز» ومطالبتها لضحاياه ب «سلك المساطر القانونية ضد المتورطين في هذه الأساليب الذنيئة كما يطالب كل السلطات العمومية والقضائية بالتدخل الحازم وفقا للقانون لزجر وردع مثل هذه الممارسات المشينة»، وفق مضمون البيان.
وارتباطا بالموضوع، طالبت «الجمعية المغربية لحماية المال العام» ب «منح القانون للجمعيات المدنية، وفق شروط معينة، حق التنصيب كطرف مدني (المادة 7 من قانون المسطرة الجنائية) أمام الجهات القضائية للمطالبة بالتعويض، وليس فقط مجرد التشكي»، متسائلة حول «الكيفية التي سمح بها وزير العدل لنفسه بتوظيف مركزه الحكومي لانتهاك هذه المكتسبات الحقوقية والالتفاف على المقتضيات الدستورية التي اعتبرت المجتمع المدني شريكا في صنع وتقييم السياسات العمومية»، فيما شددت الجمعية ذاتها على دعوة كافة القوى الديمقراطية والحقوقية والنقابية والمدنية وكافة المواطنين والمواطنات للمشاركة المكثفة في الاحتجاجات ضد مساعي الوزير.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 09/05/2022