خلال الاجتماع الـ 14 لمنظمة شبكة البرلمانيين المتوسطيين من أجل التنمية المستدامة .. الحبيب المالكي يدعو الدول المانحة إلى الوفاء بالتزاماتها إزاء الدول المتضررة من الاختلالات المناخية

انطلقت، أمس الثلاثاء بمجلس النواب، أشغال الاجتماع الرابع عشر لمنظمة شبكة البرلمانيين المتوسطيين من أجل التنمية المستدامة، حيث تباحث المشاركون في هذا اللقاء من خلال عقد ثلاث موائد مستديرة.
وتميزت الجلسة الافتتاحية بكلمة للحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، أكد فيها أن المغرب كان سباقا إلى وضع التنمية المستدامة في صلب سياساته العمومية.
وقال الحبيب المالكي إنه “منذ الستينيات من القرن الماضي، اعتمدت بلادنا سياسةً مائية رائدة على المستوى العالمي تمثلت في بناء السدود وتعبئة الموارد المائية وتحويلها إلى حيثُ الحاجةُ، واستصلاح الأراضي الزراعية، ضامنة على هذا النحو أَمْناً مائيا وإنتاجا زراعيا متنوعاً”. وأوضح أن المغرب اليوم يُكَثّفُ من آليات تعبئة المياه ويُطَوِّرُ نموذجا زراعيا رائداً بفضل مخطط المغرب الأخضر الذي مَكَّن من مضاعفة الإنتاج والمردودية والقيمة المضافة الفلاحية، مُساهِماً على هذا النحو في ضمان الأمن الغذائي وتحسين المداخيل.
وسجل أن المناطق الرطبة الساحلية في منطقة المتوسط، تعرف تراجعا كبيراً بلغ حَدَّ اندثارِ عددٍ منها؛”ممَّا أَثَّرَ، ويؤثّر، على النظام الإيكولوجي وتوازنه، وينذرُ بانْدِثار عدد من الأحياء الطبيعية والأصناف النباتية”. وأردف أنه ينبغي تكثيف الاستثمار في إنتاج الطاقة من مصادر متجددة، وتكثيف البحث العلمي في هذا المجال، وتطوير تصنيع التجهيزات المستعملة في توليد الطاقة من هذه المصادر. ومرة أخرى، “يوجد المغرب من بين البلدان الرائدة في إنتاج الطاقة النظيفة كأحد مكونات الاقتصاد الأخضر الذي وَضَعَ لَهُ استراتيجياتٍ وخُطَطَا طموحةً في سياق البحث عن تلبية حاجياته من الطاقة”.
ولفت إلى أن مجلس النواب، أحدث مجموعةً موضوعاتيةً مَعْنِيَة بالاقتصاد الأخضر، هدفها تقديم اقتراحاتٍ في مجال التشريع والسياسات العمومية بشأن تشجيع إنتاج واستعمالات الطاقة من مصادر متجددة. وأعرب عن يقينه من أن تكامل المقاربات وتقاطع الرؤى في هذا اللقاء بين البرلمانيين بصفتهم مُشَرِّعِين ومراقبين للعمل الحكومي وللسياسات العمومية من جهة، والخبراء من جهة ثانية والمسؤولين الحكوميين ومسؤولي المنظمات الدولية من جهة ثالثة، سَيُمَكِّن من صياغة مقترحات ومقاربات قابلة للإدماج في السياسات العمومية، على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
وتابع أن البرلمانيين يوجدون في المكانة الملائمة التي تؤهلهم للعب أدوارٍ حاسمةٍ ليس فقط في التشريع، ودفع الحكومات إلى اعتماد السياسات البيئية والإنمائية المناسبة، ولكن لتعبئة الرأي العام وتحسيس المجتمع المدني بِنُبْلِ أهداف التعبئة من أجل الحفاظ على البيئة وحسن استعمال وتعبئة الموارد المائية ونشر ثقافة التنمية المستدامة.
وأعرب عن يقينه من أن شبكة البرلمانيين المتوسطيين من أجل التنمية المستدامة، تضطلع بدور حاسم من أجل إجراءات وسياسات عابرة للحدود في المنطقة المتوسطية، مشيرا على الخصوص إلى جعل تحويل التكنولوجيا الضرورية، وَتَمَلُّكِهَا لتطوير الفلاحة من بلدان شمال المتوسط إلى بلدان جنوب المتوسط وافريقيا جزءاً من مرافعاتها في البرلمانات الوطنية وفي الإطارات المتعددة الأطراف، وتيسير نقل تكنولوجيا تحلية مياه البحار، وبناء السدود من أجل تعبئة المياه وتوفير احتياطات استراتيجية منها، وتكثيف الزراعات مع الحرص على الحفاظ على الأرض بما يَكْفَل استدامةَ التنمية التي ينبغي أن يكونَ الإنسان في صلبِها وهدفَها.
ودعا أيضا إلى الترافع من أجل جعل البلدان والهيئات المانحة تفي بالتزاماتها إزاء البلدان النامية المتضررة من الاختلالات المناخية، وجعل الزراعة وتربية الماشية والصيد البحري في صلب الاستراتيجيات الوطنية للتنمية، وتثمين استعمال الـمُخَصِّبَات الزراعية الميسرة لزيادة وتكثيف الإنتاج، وجعل الفلاحة مصدرا ثمينا للدخل وللتشغيل الضامن للكرامة، وتيسير تَمَلُّك التكنولوجيا المستعملة في تحويل وتعبئة وتثمين المنتوجات الفلاحية، من الشمال إلى الجنوب.
وخلص إلى أنه إزاء التحديات التي تهدد بإعادة إنتاج الفقر والتهميش وتعميق الفوارق الاجتماعية والمجالية، مع ما قد يَنْجُمُ عن ذلك من ضعف التماسك الاجتماعي وعدم الاستقرار، ينبغي استعادة روح حوض البحر الأبيض المتوسط، كفضاء للتعايش والتضامن والتآزر والسلم، والوحدة. وينبغي تقاسم المهارات والتكنولوجيا والتقنيات التي تُيَسِّرُ الإنتاج بشكل أنظف وأسرع وعلى نحو مستدام.
وتناول اللقاء مواضيعَ هامةً تتعلق بأولويات التنمية المستدامة والبيئة بمنطقة المتوسط، والحلول الناجعة لمقاومة التغيرات المناخية بالمناطق الساحلية الرطبة على الخصوص، وذلك بمشاركة برلمانيين وخبراء ومهتمين بمنطقة المتوسط.
كما توجت أشغال اللقاء بالمصادقة على إعلان الرباط، الذي يكتسي أهمية خاصة، بالنظر إلى أن البحر المتوسط يعتبر أكبر حوض بحري في العالم ويضم أكبر الأراضي الساحلية الرطبة، كما تواجهه تحديات كبيرة ناجمة عن التغيرات المناخية قد تؤثر سلبا على التنمية والسكان بالمنطقة.
وأنشئت شبكة البرلمانيين المتوسطيين من أجل التنمية المستدامة بتشجيع من المكتب الإعلامي المتوسطي للبيئة والثقافة والتنمية المستدامة، والشراكة العالمية للمياه- منطقة البحر الأبيض المتوسط في دجنبر 2002 خلال مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة الذي عقد في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا.
وتهدف شبكة “كومسبود” إلى تعزيز التنمية المستدامة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، من خلال نهج متكامل لإدارة الموارد، وتوفير بيئة صحية وسليمة، حيث يتم حماية التنوع البيولوجي والتنوع الثقافي في المنطقة.
ويضم مجلس الشبكة 6 برلمانيين تستمر ولايتهم لمدة سنتين، ويتم اختيار رئيس مجلس الإدارة وكرسي مشارك من بين أعضاء المجلس مع الحفاظ على التوازن بين الشمال والجنوب، ويحظى مجلس النواب المغربي برئاسة هذه المنظمة حاليا.


الكاتب : مكتب الرباط

  

بتاريخ : 18/12/2019