رئيس النيابة العامة يدعو إلى إطار قانوني يستوعب المساطر لتعزيز التدبير اللامادي للإجراءات القضائية 

أكد مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، خلال الندوة الدولية حول الأساس التشريعي لرقمنة الإجراءات القضائية، أن إرساء مقومات عدالة رقمية، بما يضمن تقوية البنية التحية للأنظمة المعلوماتية للمحاكم، ويوفر برامج آمنة متعلقة بإدارة المساطر والإجراءات القضائية، ويرفع من نجاعة الأداء القضائي بالمحاكم، يعتبر إحدى ركائز الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة التي تؤكدها توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وخلاصات تقرير لجنة النموذج التنموي.
وشدد رئيس النيابة العامة على أن رقمنة الإجراءات والمساطر القضائية تشكل حجر الزاوية لتحسين جودة خدمات العدالة وتعزيز النجاعة القضائية، وتقليص آجال المساطر وتبسيط إجراءاتها، وتسهيل ولوج المرتفقين إلى العدالة.
ورأى أن أهمية الرقمنة لا تقف عند هذا الحد، بل تتجاوز ذلك لتساهم في تعزيز قيم النزاهة والشفافية، وتحسين مناخ المال والأعمال، خاصة وأنّ المعايير والمؤشرات العالمية المعتمدة تؤكد على أهمية التوفر على نظام رقمي لتدبير القضايا والشكايات والاطلاع على الأحكام القضائية في هذا المجال كمدخل لتسريع وتيرة الاستثمارات.
واستحضر رئيس النيابة العامة بعناية والتزام، مضمون الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في الدورة الثانية لمؤتمر مراكش الدولي للعدالة المؤرخة في 12 أكتوبر 2019. وما تضمنته من توجيهات حيث جاء فيها: «ندعو لاستثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية الحديثة من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية، وتبني خيار تعزيز وتعميم لا مادية الإجراءات والمساطر القانونية والقضائية، والتقاضي عن بعد، باعتبارها وسائل فعّالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة …مع الحرص على تقعيدها قانونيا، وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي».
وأضاف رئيس النيابة العامة، أنه غير بعيد عمّا تعيشه محاكمنا اليوم جرّاء تفشي وباء كوفيد 19، والذي استلزم إقرار تدابير وإجراءات ذات طبيعة احترازية ووقائية، بلغت حد إصدار قرار بمنع إخراج المعتقلين، يطفو إلى السطح نجاح تجربة «المحاكمة عبر تقنية التناظر المرئي» من خلال ما حققته من نتائج إيجابية هامّة تتعلق بحسن تدبير وتصريف قضايا المعتقلين، فبفضلها استمرت المحاكم في عقد جلساتها للبت في قضايا المعتقلين بما يضمن التوازن بين المحافظة على الحق في الصحة العامة خلال هذه الظرفية الصعبة، والحق في استفادة المتهم المعتقل من محاكمة تواجهية علنية، طبقاً للمعايير الكونية المعتمدة كضمانات للمحاكمة العادلة.
ومن مزايا هذه التجربة كذلك، يقول الحسن الداكي، ترشيد نفقات نقل المعتقلين إلى المحاكم، وحسن تدبير الموارد البشرية المتدخلة في عمليات النقل، بعدما كان العمل المعتاد يستلزم تعبئة عدد كبير من موظفي المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج وعناصر القوة العمومية المكلفين بالخفر. وهي مؤشرات دالّة على النجاح المهم الذي تحققه الاستعانة بتقنيات الاتصال الحديثة في تدبير المساطر والإجراءات القضائية.
وشدد على أن عملية الرقمنة مدخل أساسي للرفع من نجاعة تصريف العدالة بالمحاكم والرفع من نجاعتها، وأنها أصبحت مطلبا ملحا ومستعجلا، لكن الحاجة أصبحت أيضا ملحة لإعادة النظر في الجانب التشريعي من خلال إيجاد إطار قانوني يسمح باعتماد الإدارة الإلكترونية في الإجراءات القضائية أمام المحاكم وبما يضفي على الوثائق الإلكترونية الحجية القانونية، مؤكدا أن طبيعة المهام التي تضطلع بها المحاكم، وارتباطها الوثيق بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، تقتضي إيجاد إطار قانوني قادر على استيعاب مختلف الإجراءات والمساطر بما يؤدي إلى تعزيز التدبير اللامادي للإجراءات القضائية في مختلف محاكم المملكة، وتقوية آليات العدالة من خلال رقمنة المساطر وتبسيط إجراءاتها بما يؤدي إلى تيسير الولوج للعدالة والاستفادة من خدماتها بأيسر الطرق داخل آجال جد معقولة ووفق مساطر وإجراءات موحدة.


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 19/01/2022