على هامش إدانة الصحافي سليمان الريسوني بـ 5 سنوات سجنا

الوكيل العام للملك يوضح أن جميع شروط المحاكمة العادلة توفرت

والخارجية الأمريكية تؤكد أنها تتابع القضية مع الحكومة المغربية

 

أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أول أمس الاثنين، أن جميع شروط المحاكمة العادلة توفرت في محاكمة الصحافي سليمان الريسوني، الذي حُكم عليه بالسجن 5 أعوام بسبب «اعتداء جنسي»، في حين جدد الريسوني المضرب عن الطعام منذ 96 يوما التأكيد على «براءته وصموده».
وقال الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في بيان له، ردا على لجنة التضامن مع الريسوني التي اعتبرت الحكم عليه «تصفية حسابات سياسية»، إن «المعني بالأمر متابع من أجل جرائم تتعلق بالحق العام، ولا علاقة لها إطلاقا بعمله الصحفي، وأشعر بها وأجاب عنها بحضور دفاعه منذ مثوله الأول أمام قاضي التحقيق بتاريخ 25 ماي2020».
وأضاف «أن قرار اعتقال المعني بالأمر احتياطيا من طرف قاضي التحقيق، اتخذ على النحو المتطلب قانونا، وقد سبق لدفاعه خلال مرحلة التحقيق الإعدادي أن مارس حقه في استئنافه أمام الغرفة الجنحية ثلاث مرات، حيث قضت هذه الأخيرة بتأييده بعد تأكدها من مشروعيته طبقا للقانون».
كما أن دفاع المعني بالأمر، يؤكد البلاغ، حصل على نسخة من جميع وثائق القضية، منذ مثوله الأول أمام قاضي التحقيق بتاريخ 25 ماي 2020، ولم يسبق له أو لدفاعه طيلة مرحلة التحقيق أن أثار مسألة عدم اطلاعه على وثائق القضية، كما أنه وتعزيزا لحقوق دفاعه وكفالة قرينة البراءة استجابت المحكمة خلال مرحلة المحاكمة لطلبه بالحصول على نسخة إضافية من وثائق القضية داخل السجن، وأن قبول الطلبات والدفوع أو رفضها يدخل في صميم السلطة التقديرية للمحكمة واقتناعها أثناء مناقشتها للقضية.
وأشار الوكيل العام للملك إلى أن الريسوني «حضر مؤازرا بدفاعه طيلة تسع جلسات، وكانت تؤجل قضيته بطلب منه أو بطلب من دفاعه لمدة ناهزت الأربعة أشهر منذ أول جلسة بتاريخ 09 فبراير 2021 وإلى غاية جلسة 10 يونيو 2021، غير أنه بجلسة 15 يونيو2021 رفض الحضور حسبما هو مثبت بموجب تقرير إدارة السجن وأمهل لجلسة 22 يونيو2021، فرفض الحضور من جديد، مما اضطرت معه المحكمة إلى إعمال المقتضيات القانونية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، لا سيما المادة 423 بإنذاره بالحضور عن طريق أحد أعوان القوة العمومية وفق ما تفرضه مقتضيات هذه المادة، مضيفا أنه مع ذلك أصر المعني بالأمر على موقفه برفض الحضور، فتقرر مواصلة مناقشة القضية في غيبته مع تكليف كاتب ضبط المحكمة بالانتقال إلى السجن عقب كل جلسة لتبليغه بما راج بها، وهو ما تم فعليا».
وسجل البيان « أنه وبجلسة 06 يوليوز2021 حضر دفاعه وأعلن للمحكمة انسحابه من مؤازرته مغادرا قاعة الجلسة، مما اضطرت معه المحكمة إلى تطبيق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل في مثل هذه الحالات، وهي المنصوص عليها في المادة 317 من قانون المسطرة الجنائية، حيث أمرت بتعيين محامين عنه في إطار المساعدة القضائية، من خلال مراسلة نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء الذي عين ثلاثة محامين، حضروا بجلسة 08 يوليوز2021، وتعذر عليهم القيام بمهامهم بعدما حضر كذلك أعضاء دفاع المعني بالأمر المعينين من قبله وتشبثهم بالنيابة عنه، ومجددين في نفس الوقت تمسكهم بمواقفهم السابقة مما شكل استمرارا في تعطيل محاكمته».
وأبرز الوكيل العام للملك «أن المحكمة بتطبيقها لمقتضيات المادتين 317 و423 من قانون المسطرة الجنائية، الجاري بهما العمل في جميع القضايا المماثلة دونما تمييز، في ما يخص كيفية التعامل مع «رفض المتهم الحضور» و»رفض دفاعه القيام بمهامه»، تكون قد التزمت بالتطبيق السليم للقانون، مضيفا أنه يمكن للمتتبع القانوني والحقوقي الرجوع إلى المقتضيات القانونية أعلاه، للتأكد من مدى انسجامها مع ظروف النازلة، علما أن الامتناع عن تقديم المساعدة من طرف المحامي للمحكمة سواء بالنسبة للجلسات أو الإجراءات يشكل مخالفة مهنية، بصريح نص المادة 39 من القانون المنظم لمهنة المحاماة.
وشدد البيان « على أن النيابة العامة قد عاينت للأسف أنه بدل الامتثال للقرارات الصادرة عن القضاء بعد بته في الدفوع المثارة من قبل دفاع المعني بالأمر، تم اللجوء إلى تعطيل سير المحاكمة عن طريق فرض سياسة الأمر الواقع على سير إجراءاتها وتنفيذ إرادة بعض أطراف الدعوى بالقوة رغم رفضها من قبل المحكمة، موضحا أن عدم الامتثال لقرارات المحكمة وممارسة الطعون القضائية المقررة قانونا بشأنها والسعي إلى تعطيل سير المحاكمة عن طريق فرض الأمر الواقع، يعتبر استخفافا بأحكام القضاء ومساسا باستقلاله».
من جهته نقل المحامي محمد مسعودي عن الريسوني قوله بعد زيارته الاثنين «أشكر كل المتضامنات والمتضامنين معي وأؤكد لهن/م صمودي وبراءتي.. الحرية ولاشيء غير الحرية، من أجل مغرب الحقوق والعدالة». كما أكد الريسوني على لسان دفاعه أنه أعلن عن «تشبثه بالحضور شريطة نقله في سيارة إسعاف وتمكينه من كرسي متحرك»، لكن المحكمة رفضت هذا الطلب، كما رفضت نقله إلى المستشفى.
وفي واشنطن أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن «خيبة أملها» من الحكم الذي صدر بحق الريسوني.
وقال المتحدث باسم الوزارة نيد برايس «نعتقد أن المسار القانوني الذي أدى إلى صدور هذا الحكم يتعارض مع الوعود الأساسية للنظام المغربي بشأن حصول المتهمين بارتكاب جرائم على محاكمات عادلة، ومع وعد دستور 2011، ومع روزنامة الإصلاحات التي وضعها جلالة الملك محمد السادس».
وأضاف أن «حرية الصحافة هي إحدى ركائز المجتمعات الآمنة والمزدهرة، وينبغي على الحكومة أن تضمن أن يتمكن الصحافيون من أداء دورهم الأساسي من دون أن يخافوا من التعرض لملاحقة غير مبررة أو لعنف أو لتهديدات».
ولفت برايس إلى أن الولايات المتحدة أثارت قضايا صحافيين مغاربة آخرين موقوفين، على غرار عمر الراضي الذي يحاكم بتهمتي «الاغتصاب» و»المس بسلامة الدولة الداخلية».
ولم يخف البيان الدبلوماسي «انعكاسات هذا الحكم القضائي على حرية التعبير وحرية تأسيس الجمعيات وحرية الصحافة المغربية لبلوغ مجتمعات مزدهرة وآمنة».
وحمل بيان الخارجية تنبيها للسلطات المغربية في فقرته الختامية الأخيرة «نحن نتابع هذه القضية عن كثب وقضايا الصحفيين المحتجزين الآخرين في المغرب بمن في ذلك عمر الراضي، وقد أثرنا هذه المخاوف مع الحكومة المغربية وسنواصل القيام بذلك».
وكانت لجنة حماية الصحافيين ومقرها في نيويورك دعت، يوم الاثنين الماضي، السلطات المغربية إلى الإفراج عن الريسوني و»الكف عن توجيه اتهامات ملفقة بالاعتداء الجنسي ضد الصحافيين».
من جانب آخر ناشدت 350 شخصية سياسية ومثقفون وصحافيون مغاربة وأجانب، الاثنين، الريسوني وقف إضرابه عن الطعام، في حين اعتبرت إدارة السجون هذا الإضراب «المزعوم (…) مناورة تكتيكية يروم من ورائها دفع القضاء إلى إطلاق سراحه».
من جهته، قال الشاب صاحب الشكوى السبت إن «المحكمة انتصرت للعدالة (…) وكل المناورات الخبيثة لتسييس الملف لن تجدي نفعا».


بتاريخ : 14/07/2021