في افتتاح المؤتمر الوطني لقطاع التعليم العالي الاتحادي ..  الكاتب الأول ادريس لشكر: «نحن الحزب الوحيد الذي وضع شعارا للدولة التي نريد: دولة قوية ومجتمع حداثي متضامن»

 

الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي: « لابد من بذل مجهود مضاعف من أجل إصلاح منظومة التعليم العالي»

 

عقد قطاع التعليم العالي الاتحادي، صبيحة يوم السبت 7 أكتوبر الجاري، مؤتمره الوطني بمقر الحزب المركزي العرعار بالرباط تحت شعار «دفاعا عن التعليم العالي العمومي دعامة للتحديث والتنوير».
هذا وقد افتتح الأخ الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر، أشغال المؤتمر الوطني لقطاع التعليم العالي الاتحادي، بالمقر المركزي للحزب وبحضور عدد كبير من السادة الأساتذة الباحثين يتقدمهم بعض رؤساء الجامعات والعمداء والمدراء، الذين جاؤوا من مختلف الجامعات المغربية للمشاركة في هذا الملتقى الذي يهدف إلى الارتقاء بمنظومة التعليم العالي لما تلعبه من دور مركزي لبناء مجتمع حداثي متضامن.
وحرص الأخ الكاتب الأول إدريس لشكر، خلال كلمته الافتتاحية، على الإشادة بعمل اللجنة التنظيمية وتهنئة النقابة على مجهودها للوصول إلى نظام أساسي لرجال التعليم، والذي أجاب عن تساؤلات وحوارات طويلة وممتدة لسنين، إجابة ارتبطت كذلك بالإصلاح الجامعي، الذي يعتبر ورشا كبيرا خاصة وأن كل المبادرات الإصلاحية عبر التاريخ وجدت العديد من الصعوبات والمقاومات وإن لم يصل الإصلاح مرحلة الكمال.
وأشار الكاتب الأول في سياق كلمته الافتتاحية إلى أنه في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تحولت بعض القضايا إلى قضايا ذاتية كالتربية والتعليم والجامعة، التي ينبع التعامل المسؤول معها سواء من داخل المعارضة أو الأغلبية من كَون الأساتذة يُشكلون هرم المنظومة التعليمية.
وفي إطار الظرفية التي يمر منها المغرب، أوضح الأخ الكاتب الأول على أنه كي نبلغ التحليل العلمي الملموس للواقع الملموس يجب أن يتأسس ذلك على معطيات واقعية لا على أفكار لغوية، وأن موقع الأساتذة الباحثين كونهم هرم المنظومة التعليمية التي تمد أبناء وبنات الوطن بالمعارف والتكوين والتأطير، يجعلهم على دراية كبيرة بما يجري في المملكة، مذكَّرا بصعوبة السنين الأخيرة خاصة مع جائحة كورونا التي لاتزال تُلاحَظ آثارها إلى اليوم على السياسات العمومية الدولية وليس الوطنية فقط.
وعن جائحة كورونا استرسل الكاتب الأول لحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قائلا:» يصح بالنسبة لبلادنا أن نقول كم من نِقمة في طيَّاتها نِعمة ولولا كورونا ما وصلت بلادنا إلى هذا المجهود في ما يتعلق بالوضعية الصحية وأوضاع الصحة العمومية، وأنا كفاعل سياسي في الوقت الذي أعلن جلالة الملك بالإجراءات الكبرى في ما يتعلق الحماية الاجتماعية، قمت بقراءة مقارنة لما جاء من نتائج ولما كان في مطالبنا من أحزاب سياسية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين لم تكن إمكانيات البلاد تسمح أن نتحدث في أفق 2025 عن هذه النتائج المتعلقة بالحماية الاجتماعية والوضعية الصحية اليوم لنا أن نفخر أن المواطن البسيط سيدخل في هذه الحماية الصحية، هذا كان تحديا كبيرا تم النجاح فيه بالإرادة الملكية».
هذا وقد أوضح الأخ الكاتب الأول أن تحديات كورونا والتغيرات المناخية فرضت على المغرب تحديات أخرى كان أصعبها في وقت ما هو الطاقة والماء، وأن الرهان الاستراتيجي كان هو الطاقات المتجددة الذي تأكد بفضل الإجراءات التي أطلقها جلالة الملك، مذكرا بالزمن القياسي الذي وقع فيه التقاء الأحواض المائية، ليطرح بدوره سؤالا من قبيل كيف يمكن لأي شخص أن يُعارض هذه الأوراش الإصلاحية ؟ رغم ما يوجد من ملاحظات على الحكومة في ما يتعلق بالتفعيل والتنفيذ لهذه التوجيهات والأوراش الملكية.
وأضاف الأخ الكاتب الأول أنه من الصعب التحول إلى تلك المعارضة العدمية فقط من أجل القيام بدورنا الدستوري وحرصنا من خلال الفريقين البرلمانيين أن نكون معارضة مسؤولة ومن خلال امتداداتنا داخل المجتمع أن تكون خطابتنا وشعاراتنا مسؤولة ولم نسقط في المزايدات، وهذا دأبنا سواء بقينا في المعارضة أو شاركنا الآخرين في المسؤولية لأن ما ستعرفه بلادنا في أفق 2030 هي أوراش إصلاحية كبرى تحتاج المساهمة من موقع المعارضة والأغلبية، وأننا حريصون جدا على أن تكون مساهمتنا مساهمة مسؤولة، ولهذا، وفي إطار هذه الاستراتيجية الملكية انحصر دورنا كمعارضة اتحادية في المراقبة والتفعيل والتوجيه وتقديم الاقتراحات والتعامل بكل مسؤولية مع الواقع».
من جهة أخرى تطرق الأخ الكاتب الأول لفاجعة زلزال الحوز،  هاته الكارثة الطبيعية، والتي بالرغم مما خلفته من آثار كبيرة بسبب فقدان مئات الأرواح البريئة إلا أن ما وقع منذ اللحظة الأولى للزلزال وتحرك المغرب ملكا وشعبا من أجل مواجهة هذه الأزمة، عزز الافتخار بهذا الوطن، بحيث أنه وخلال 24 ساعة الأولى كان الاجتماع الذي حدد الاستراتيجية لمواجهة هذه الكارثة وتحركت مؤسسات الدولة وعلى رأسها القوات المسلحة الملكية بمختلف أشكالها والسلطات العمومية ومؤسسات المجتمع وعلى رأسها الأحزاب السياسية التي بعثت برسالة قوية مفادها «أننا جبهة واحدة»، حيث استحضر الأخ الكاتب الأول في هذا السياق، التوجيهات التي أصدرتها حتى بعض التيارات السياسية التي لا تتوفر على غطاء حزبي سياسي لأعضائها بضرورة تحملها المسؤولية وعدم التوجه في إطار المزايدات وانخراط الجميع وحتى التيارات التي يصفها البعض بالعدمية كانت لها مواقف مسؤولة، وهو ما زاد في تمنيع هذا الوطن وتقويته، حسب الأخ الكاتب الأول .
واعتبر المتحدث كذلك، بأننا الحزب الوحيد الذي وضع شعارا للدولة التي نريد وننشد عندما قلنا «من أجل دولة قوية عادلة ومجتمع حداثي متضامن».. وأننا اليوم نشعر بأن هذا الشعار يمَارَسُ يوميا، فالدولة القوية تجلت قوتها في قوة المؤسسات من أعلاها، من الملك إلى مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع، هذه الأخيرة التي أبهرنا بها العالم وصفَّق لها ووقف لها خصومنا منبهرين عبر الدينامية التضامنية التي عرفها المغرب خلال الزلزال وأشاد بها قادة العالم.. لنا أن نجدد الاعتزاز بالتمغرابيت التي انغرست في نفوس كل مواطن ومواطنة».
وأشار الأخ الكاتب الأول في كلمته كذلك، إلى» أننا حينما نقترح التعديل الوزاري نطرحه بهدف تطوير الأداء، نحس أنه في بعض الإطارات نفتقد إلى التفاعل مع السياسة الرسمية والاستراتيجية التي عبر عنها جلالة الملك وانخرط فيها الجميع وليس كما يدعي البعض من أجل المناصب التي طُرِحت علينا في محطات متعددة».
«اليوم (يضيف الأخ الكاتب الأول إدريس لشكر) مع هذه الأوراش يجب أن نقول إن الزلزال كما كورونا كانت له بعض الأفضال على هذا الشعب، ومن بينها أن ندرس أبناءنا الدولة الأمة بتجسيدها الحقيقي.. نحن دولة عبر التاريخ ورغم النواقص التي عرفتها في ما يتعلق بالتخلف عن ركب التقدم مقارنة ببعض الدول،  إلا أننا اليوم نشعر بالفخر أنه قبل سنوات كان الاتحاد الأوروبي يتفاوض معنا بنظرة فوقية واليوم بكل ندية في قضايا أساسية ومركزية نتحاور مع دول الاتحاد الأوروبي.. هذه الدولة الأمة أوصلتنا للاطمئنان على الشعار الذي رفعناه، نحن كاتحاد بدأنا نلمس تلك الدولة القوية المتضامنة العادلة طبقا للتوجيهات الملكية».
كما استحضر الأخ الكاتب الأول الرسالة الملكية المتعلقة بإطلاق ورش إصلاح مدونة الأسرة خلال 6 الأشهر قائلا :»وفي ظل ديننا الإسلامي والتوجيهات الملكية السامية، لن نقبل تحت أي غطاء أن تخرج لنا مدونة ذكورية إذ لابد من إنصاف المرأة ولابد من مواكبة هذا الإنصاف والإصلاح وبمنطق مسؤول فكل إنصاف للمرأة هو إنصاف للطفل والأسرة».
كما عبر الأخ الكاتب الأول عن فرحته العارمة باحتضان المغرب لكأس العالم 2030،  وهو الخبر الذي زفه جلالة الملك للمغاربة، ومخاطبا في الآن نفسه أساتذة التعليم العالي :» أنتم هرم المنظومة التعليمية من كل مراكز المعرفة من الحقوقي إلى العلوم والهندسة وغيرها لاشك أن كل واحد في تخصصه سيلاحظ حجم الآثار الإيجابية التي ستكون لكأس العالم 2030 على بلادنا، فعلى سبيل المثال البنيات التحتية وغيرها من المشاريع الكبرى، ما ستعرفه المدن والقرى بالسنوات المقبلة يستوجب علينا جميعا الانخراط في هذه المحطة الأساسية «، مطالبا كل مكونات الحكومة اليوم بتغيير وتيرة السلحفاة مقارنة بهذه الأوراش الكبرى التي تجاوزت حتى قدراتنا في الحلم إذ كنا نستبعد أن نحتضن المونديال خاصة وأنها سنة مرتبطة بذكراها ال100 «.
ولم يفت الأخ الكاتب الأول الحديث عن القضية الوطنية والجوار الذي ابتلينا به ونحن على بعد أيام قليلة من انتظار قرار مجلس الأمن، «لنا أن نعتز ونحن حزب عانى الكثير في قضيتنا الوطنية في الإطارات الدولية التي تجمعنا سواء في الأممية الاشتراكية أو المنتديات والملتقيات التي كنا نواجه فيها أوضاع صعبة.. اليوم بكل مسؤولية ونحن نشتغل بالعلاقات الدولية لنا أن نعتز أن المكانة والاعتبار الذي أصبح لبلادنا أسهم في أن نقوم بدورنا كما يجب ونجحنا في الأممية الاشتراكية في تغيير الأوضاع».
واستشرافا لما يمكن أن يحدث أكد الأخ الكاتب الأول لشكر أن مجلس الأمن يقع على عاتقه مسؤولية الإنصاف قائلا :» أنا أتوقع أن يكون مجلس الأمن منصفا اليوم وحتى يكون منصفا فالزيارات التي قام بها ممثل الأمين العام للمنطقة أعطته بكل وضوح كل المعطيات سواء على مستوى التنمية المحلية إذ تفاجأ بما وجد بمدينة العيون، ولا على مستوى الحريات وحقوق الإنسان، وقد استمع إلى مختلف الآراء وكذا النظام الديموقراطي الموجود في مقابل نجد أن ما يسمى بالجمهورية الوهمية تتوفر على حزب وحيد مما جعلهم في عزلة، ونتمنى أن يكون مجلس الأمن أكثر إنصافا في قراره، ونعول على هذا الإنصاف لترجع فرنسا عن غيِّها مما سيكون لفرنسا من المبررات ما يسعفها في تجاوز هذه العقدة ونأمل، في الأيام القادمة، أن تكون القضية الوطنية قد طُويَت داخل المجتمع الدولي.
بدوره صرح الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي الأخ «جمال الصباني»، أن مؤتمر قطاع التعليم العالي الذي يندرج في إطار الدينامية التي يعرفها حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يشكل مناسبة لمناقشة وضعية هذا القطاع بالمغرب والسبيل لإصلاح المنظومة التعليمية.
وأوضح ذات المتدخل بأن بلادنا قد نجحت بفضل مجهوداتها عبر الانتقال من 350 طالبا منذ الاستقلال إلى مليون و800 ألف طالب،  إلا أنه الآن يجب إصلاح منظومة التعليم لتواكب تقدم المغرب لأن التعليم العالي يُنتج المعرفة ويكوِّن الأطر التي تحتاجها البلاد مما يجعل دور منظومة التعليم العالي دورا أساسيا بالتطور، مؤكدا أن جميع الدول المتقدمة والتي يوجد بها ديموقراطيات ومجتمعا حداثيا تسود فيه العدالة الاجتماعية، تتوفر على تعليم عال متقدم والعكس صحيح.
هذا وقد أكد رئيس النقابة الوطنية للتعليم العالي على ضرورة بذل مجهود مضاعف من أجل إصلاح منظومة التعليم العالي كي تُمكن بلادنا من التقدم ودمقرطة جميع مؤسساتنا ومن بناء مجتمع حداثي متضامن تسود فيه العدالة الاجتماعية، وهذا لن يتأنى دون أن نوفر لجميع أبناء وبنات هذا الوطن كيفما كانت وضعيتهم مكانا ومقعدا داخل منظومة التعليم العالي.
من جانبه اعتبر عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي الأخ فيصل المريني، بأن البعد السياسي كان حاضرا بقوة خلال هذا الملتقى، فرغم كونه محطة تنظيمية إلا أن زبدة الأفكار تنبع من هذا القطاع، مضيفا بالقول :»نحن أمام نقطة تنظيمية للقطاع من أجل تعميق النقاش في مجموعة من المواضيع تزامنا مع صدور النظام الأساسي لأساتذة التعليم العالي، والذي بذل فيه قطاعنا في إطار نقابة التعليم العالي مجهودا كبيرا ومضنيا لمدة تفوق ثلاث سنوات من الحوار والنقاش والنضال في الكثير من المحطات، حيث أفضى لما أفضى إليه بصدور مرسوم 2 غشت 2023، والذي يعد في تقدير ذات المتدخل، محطة ونقطة تحول في مسار منظومتنا بصفة عامة في الشق المتعلق بالمسار الأكاديمي للأساتذة الباحثين.
مضيفا في ذات السياق بأننا لدينا تحديات كبرى بقطاع التعليم العالي العمومي، والذي تنتظرنا فيه أوراش كبرى مفتوحة فيما يتعلق بالإصلاح البيداغوجي والإصلاح التنظيمي للحكامة على مستوى الجامعة، وهنالك أيضا رهانات في أفق توحيد وجودة التعليم، والتي تعد هذه أبرز النقط المطروحة.. وأننا كقطاع التعليم العالي الاتحادي يجب أن يكون لدينا تصور كما كان في تاريخ الجامعة المغربية عندما كان الأساتذة الاتحاديون دائما هم السباقون إلى أخذ المبادرة، وكذلك بما يشكلونه من قيمة مضافة لحقل التعليم العالي.
بدوره أكد عضو اللجنة التحضيرية لقطاع التعليم العالي الاتحادي والكاتب العام للشبيبة الاتحادية، فادي وكيلي عسراوي، أن العدد الكبير لأساتذة قطاع التعليم العالي الاتحادي، الذين حضروا المؤتمر يبين أن الإتحاد متغلغل داخل الجامعة عبر أساتذته، قائلا :» لقد شارك بهذا المؤتمر أساتذة من مختلف الأجيال من أجيال قديمة داخل التعليم العالي وكذلك شباب.. هي رسالة جيل لجيل داخل هذا القطاع.. اليوم شاهدنا تفاعل جميع الأساتذة مع الأوراق التنظيمية والسياسية وكذلك ورقة الإعلام التي تم التصويت عليها بالإجماع، هذه الأوراق التي ستكون خارطة طريق للعمل لقطاع التعليم العالي وستكون خطة ممكن أن نستمر بها إلى الأمام ونطرح من خلالها مجموعة من المقترحات والبدائل في ما يتعلق بالسياسيات العمومية الموجهة للتعليم العالي.


الكاتب : ايمان الرازي

  

بتاريخ : 09/10/2023