قباض الأوقاف.. في انتظار أن تشملهم الحماية الاجتماعية و تداعيات كورونا زادت من تأزيم أوضاعهم

 

يعيش المغرب حالة طوارئ صحية غير مسبوقة في تاريخه المعاصر، جراء تفشي فيروس كورونا، وقد أحدثت هذه الأزمة تحولات في بنية المجتمع، مع ما ترتب عن هذه التحولات على المستوى الاقتصادي ، والاجتماعي، وما نشأ عن الجائحة من تداعيات على مستوى القيم ، و التوجهات الاجتماعية ؛ فضلا عن تأثيرها السلبي المباشر على فئات عديدة من المجتمع؛ منها القطاع غير المهيكل، دون إغفال فئات أخرى متضررة ضمنها فئة قباض نظارات الأوقاف؛ الذين ظلت وضعيتهم الإدارية على حالها، حيث تحدد أجورهم بنسبة مئوية من الأكرية التي يستخلصونها من مكتري الأملاك الحبسية . ولاينتهي عملهم عند هذا فقط ؛ بل يلتزمون بكتابة تقارير شهرية وسنوية عن المداخيل، وعن الديون وتتبع حركية المكترين ، ومعاينة وكتابة الإخبارات عن أي مشكل، أو تغيير في معالم محلات الكراء ، وإعداد لوائح المتماطلين في الأداء وإحالتها على قسم المنازعات …كل هذه المجهودات تقوم بها فئة القباض ؛ المفتقرين للحماية الاجتماعية ، وغير المسجلين في الضمان الاجتماعي، حيث لاتغطية صحية ، لاتعويضات عائلية ، لامعاش … وقد استبشر القباض خيرا بعد صدور مدونة الأوقاف التي مرت عليها عشر سنوات، ومازالوا ينتظرون مقرر السيد الوزير؟. وزاد في تأزيم وضعيتهم التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا بعد إعفاء مكتري الأملاك الحبسية من أداء واجبات الكراء طيلة مدة حالة الطوارئ الصحية ( المذكرة الوزارية بتاريخ 8/4/2020)..وعلاقة بالموضوع وقع 300 قابض على ملتمس رفعوه للوزارة للنظر في وضعيتهم.
هذا و يعتبر «الوقف» أحد الموارد التمويلية لحاجيات المجتمع، حتى أضحى شريكا أساسيا في جميع مجالات التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والروحية؛ حيث يشغل نظام عقارات الأحباس حيزا هاما ضمن دائرة الأملاك العقارية بالمغرب؛ فتمتد أراضي الأحباس لوحدها إلى أكثر من 200 ألف قطعة وقفية، مساحتها أكثر من 80 ألف هكتار، فضلا عن أكثر من 50 ألف منزل ومحل تجاري. ومواكبة للتحولات الشمولية التي تعرفها بلادنا تبذل وزارة الأوقاف مجهودات متواصلة لتطوير الأوقاف، والرفع من مستوى هذا القطاع، وتحسين أدائه، منها مساهمتها في إنشاء المرافق العمومية، بناء السدود، تزويد الدواوير بالماء الشروب، تسوية وضعية القيمين الدينيين. لكن بعض الملاحظين اعتبروا أن أهم إنجاز لوزارة الأوقاف هو المدونة ؛ حيث شكل الظهير الشريف رقم 236.09.1 الصادر في 23 فبراير 2010 المتعلق بمدونة الأوقاف تجربة تشريعية رائدة في تقنين الأحكام ، والقواعد التي تحكم الوقف بالمغرب.ودخلت المدونة فعليا حيز التنفيذ ابتداء من 24 أكتوبر 2013 ،بعد صدور جميع النصوص التطبيقية باستثناء مقرر الوزير .حيث جاء في المادة (43)…..(يتم تعيين القباض ،وتحديد مهامهم ،ومجالات تدخلهم مع الإشارة إلى طبيعة المداخيل التي يتم الترخيص بتحصيلها من طرفهم وفق مقرر للوزير المكلف بالأوقاف).
وتتضح من خلال الورش الكبير لـ «الحماية الإجنماعية»، معالم السياسة الاجتماعية من أجل بناء مغرب الغد ،مغرب يكون فيه الإنسان المحور الأساس للسياسات العمومية ، ومنطلقها، ومنتهاها، والمغاربة يفتخرون بهذا الإنجاز، وبهذه الثورة الاجتماعية، التي تشكل دعامة أساسية في سبيل ضمان كرامتهم، ومن ثم تتطلع فئة القباض ليشملهم هذا المشروع، علما بأن ورش الحماية الاجتماعية يهدف في مرحلته الاولى «إلى توفير التغطية الصحية لـ 23 مليون مواطن مما سيمكن من تعميمها سنة 2022، كما سيمكن هذا الورش من تعميم التعويضات العائلية، ثم تعميم التقاعد على خمسة ملايين شخص غير مشمولين اليوم بنظام التقاعد، تحقيقا للعدالة الاجتماعية».
وإذا كان الوقف، ولايزال، مركزا للتعبير عن ثقافة التضامن وأداة لقياس قيم التعاون، والتضامن في العلاقات الاجتماعية، فهذا الورش الوطني فرصة للإفراج عن مقرر السيد الوزير الذي سيحمي حقوق فئة القباض، وفرصة لوزارة الشغل للعمل على ضمان تسجيل هذه الفئة في الضمان الاجتماعي ، تفعيلا للحماية الاجتماعية التي تشمل جميع المغاربة.


الكاتب : أمينة مجدوب

  

بتاريخ : 06/05/2021