قمة المناخ COP27 : «حلم» إستثمار 1 تريليون دولار «سنويا» في مناخ إفريقيا.. أهو ممكن في أفق 2030؟

قمة المناخ في شرم الشيخ- من المتوقع أن تتجاوز الإستثمارات السنوية في الأسواق الناشئة والدول النامية بخلاف الصين، لخفض الانبعاثات وتعزيز القدرة على الصمود والتعامل مع الخسائر والأضرار الناجمة عن آثار تغير المناخ، وأيضا الحفاظ على الطبيعة والأراضي الخضراء، حوالي 2 تريليون دولار بحلول عام 2030، وفقا لتقرير جديد نشر اليوم (الثلاثاء 8 نوفمبر 2022) بتكليف مشترك من حكومتي «مصر» و«المملكة المتحدة».
ينبغي للبلدان الناشئة والبلدان النامية (على حد سواء) أن تعمل مع جهات دولية عدة من قبيل : المستثمرين، البلدان المتقدمة و المؤسسات متعددة الأطراف لتوفير «1 تريليون دولار/سنويا» من التمويلات الخارجية، من مصادر خاصة و عامة بحلول عام 2030، على أن يأتي بقية التمويل من مصادرها المحلية الخاصة والعامة، حيث يقدر إجمالي الإحتياجات الإستثمارية السنوية لبلدان الأسواق الناشئة والنامية (بخلاف الصين) بنحو «1 تريليون دولار» في عام 2025 و«2.4 تريليون دولار» بحلول عام 2030.
ويدعو التقرير أيضا، إلى مضاعفة «المنح والقروض منخفضة الفائدة» من حكومات الدول المتقدمة، ونقلها من 30 مليار دولار سنويا اليوم إلى 60 مليار دولار بحلول عام 2025. تعد مصادر التمويل هذه «حاسمة» بالنسبة للبلدان الناشئة والنامية لدعم الإجراءات المتعلقة بإسترجاع الأراضي الخضراء وحماية الطبيعة والتصدي للخسائر والأضرار الناجمة عن آثار تغير المناخ والإستجابة لها، إذ يسلط مؤلفوا التقرير الضوء على: «أن هذه الإستثمارات لن تساعد فقط في ضمان تجنب جميع الدول المستويات الخطيرة لتغير المناخ، و لكنها ستدفع إلى الأمام بالتنمية الإقتصادية المستدامة – المرنة – الشاملة و بمعدل النمو في جميع أنحاء العالم».
تم إعداد التقرير حول «التمويل من أجل العمل المناخي: زيادة الاستثمار من أجل المناخ والتنمية» من قبل فريق (مستقل) من الخبراء رفيعي المستوى والمعني ب»تمويل المشاريع حول المناخ»، برئاسة مشتركة من الدكتورة «فيرا سونجوي» والبروفيسور اللورد «نيكولاس ستيرن»، بناءا على طلب «الرئاسة المصرية» ل»مؤتمر الأطراف 27» و«رئاسة المملكة المتحدة» ل»مؤتمر الأطراف 26»، والذي نشر قبل «يوم التمويل» في 9 نونبر في «قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ» الحالية في شرم الشيخ، مصر.
وجاء في التقرير: «يحتاج العالم إلى ‘خارطة طريق جديدة’ بشأن تمويل المناخ، يمكنها تعبئة 1 تريليون دولار من التمويل الخارجي ستكون بحاجة إليه بحلول عام 2030 موجه لصالح الأسواق الناشئة والبلدان النامية»، ويضيف (التقرير): «هناك دور كبير للسياسة العامة والعمل الحكومي لتعزيز الإستثمار، وأدوار تكميلية للقطاع الخاص و بنوك التنمية متعددة الأطراف، وأيضا للمؤسسات المالية الدولية عبر التمويل الميسر بمختلف أشكاله، في مسارات تمويلية يمكن أن تكون نقاط القوة التكميلية المنشودة لجميع مصادر التمويل».
يحدد التقرير أيضا، العديد من «المتطلبات» الرئيسية لبدء العمل بالمستوى اللازم من الإستثمار، من بينها: 1 – تسريع الإستثمار والتسليم السريع للمشاريع الإستثمارية على نطاق واسع، 2 – تعبئة التمويل الخاص على نطاق واسع بما يحقق للقطاع الخاص أكبر زيادة ممكنة في التمويل الأجنبي والمحلي على حد سواء، 3 – تجديد دور بنوك التنمية المتعددة الأطراف و زيادة المشاركة و التدفقات السنوية من بنوك التنموية متعددة الأطراف و غيرها من مؤسسات تمويل التنمية، بمعدل ثلاث مرات في السنوات ال5 المقبلة، 4 – تحقيق وتوسيع نطاق التمويل الميسر و مضاعفة التمويل الميسر من البلدان المتقدمة بحلول عام 2025 (مقارنة بمستويات عام 2019)، 5 – التوسع القوي في غلاف التمويل منخفض التكلفة من خلال طرق مبتكرة (بما في ذلك حقوق السحب الخاصة، أسواق الكربون الطوعية، العمل الخيري وضمانات مماثلة لتلك الخاصة بمرفق التمويل الدولي للتعليم)، 6 – معالجة المديونية وحل قضايا الديون و السيولة التي تواجه العديد من البلدان (خاصة الإفريقية).
ويضيف القائمون على التقرير: «سيتطلب تطوير حجم الإستثمارات اللازمة في بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية على مدى السنوات ال5 المقبلة وما بعدها، عبر إستراتيجية لتدوير الديون، والحث على التمويل لمعالجة مشاكل الديون المتفاقمة (الخاصة بالبلدان الفقيرة والضعيفة)، وأيضا «علينا ان نعلم أن الأسواق الناشئة والبلدان النامية (بخلاف الصين) ستحتاج إلى إنفاق حوالي 1 تريليون دولار/سنويا بحلول عام 2025 (4.1 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 2.2 ٪ في عام 2019) و حوالي 2.4 تريليون دولار/سنويا إنطلاقا من 2030 (6.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي)»، مقارنة بإجمالي الإستثمارات الحالية في بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية الذي لا يتجاوز عتبة 500 مليار دولار.
من جهته، ذكر الدكتور «سونغوي»: «إن إطلاق تمويل كبير للمناخ هو «المفتاح» لـ «حل تحديات التنمية» اليوم، ما يعني أنه يجب أن تتاح للبلدان إمكانية الحصول على ‘تمويل منخفض التكلفة و مستدام و ميسور التكلفة’ من لدن بنوك التنمية متعددة الأطراف للمساعدة في حشد الإستثمارات من القطاع الخاص علاوة على العمل الخيري لدعم تحول الطاقة و بناء القدرة على الصمود و حماية ‘رأس المال الطبيعي’، وأن «التمويل وحده لا يكفي ويجب أن يقترن بالأدوات الصحيحة والسياسات الجيدة لتسريع الأثر وتوسيع نطاقه». ويعقب (التقرير): «نتوقع أن حوالي نصف التمويل المطلوب سيأتي بحجم معقول من مصادر محلية، من تعزيز التمويل العام المحلي وأسواق رأس المال المحلية، بما في ذلك الإستفادة من مجموعات كبيرة من التمويلات المحلية التي تستطيع بنوك التنمية المحلية (الوطنية) تعبئتها، من قبيل تحصيل الضرائب وخفض الإعانات المرتبطة بالوقود الأحفوري، وبشكل جزئي بالنسبة للحيز المالي الذي تم تحريره، بغية تحسين جوانب الإستثمار الخاص التي سيتم إنشاؤها عندما يتم تطبيق أدوات إقتصادية مثل «ضريبة الكربون»».
يقول البروفيسور «اللورد ستيرن»: «يجب على الدول الغنية، أن تدرك أنه من مصلحتها الحيوية فضلا عن كونها مسألة ‘عدالة’ بالنظر إلى الآثار الشديدة الناجمة عن المستويات العالية من الإنبعاثات الحالية والسابقة، الإستثمار في العمل المناخي في الأسواق الناشئة والبلدان النامية». سيكون معظم قدرة النمو في البنية التحتية للطاقة وإستهلاكها، المتوقع حدوثه خلال العقد المقبل في الأسواق الناشئة والبلدان النامية معتمدا على الوقود الأحفوري والإنبعاثات الصادرة منه، وهذا السبب الرئيسي في عدم قدرة العالم على تجنب تغيرات المناخ الخطيرة، مما سيضر ويدمر العيش الحالي والمستقبلي لمليارات البشر وسبل العيش في البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء».
بالنسبة للأمين التنفيذي للفريق المستقل المعني بالمناخ، السيد «عمار بهاتاشاريا» من معهد «بروكينغز» ومعهد «غرانثام للبحوث المتعلقة بتغير المناخ والبيئة» في كلية «لندن للإقتصاد و العلوم السياسية»: «يجب أن تركز النقاشات حول تمويل المناخ على الغرض من التمويل الضخم، وعلى الإستثمارات اللازمة لتنفيذ إتفاق باريس للمناخ التاريخي.. يعمل هذا التقرير على تحديد مختلف مصادر التمويل الخارجي لمختلف الإستثمارات المطلوبة في الأسواق الناشئة والبلدان النامية، إذ و من الأهمية بمكان أن يكون هناك زيادة في التمويل من جميع هذه المصادر (التمويلية) سواء الخاصة والعامة». غير ان التقرير، يحذر من أنه: «لا ينبغي مقارنة رقم ‘التريليون دولار’ للتمويل الخارجي الذي تعهدت الدول الغنية بتعبئته من مصادر عامة و خاصة برقم 100 مليون دولار من سنة 2020»، فبحسب اللورد ستيرن: «بالنظر إلى الضغط على الميزانيات العامة في جميع البلدان، فإن دور بنوك التنمية متعددة الأطراف (بما في ذلك البنك الدولي) سيكون حاسما في زيادة حجم التمويل الخارجي لبلدان الأسواق الناشئة والبلدان النامية وخفض تكلفة رأس المال للمستثمرين، كما ينبغي أن يتضاعف تدفق التمويل من هذه المؤسسات إلى ثلاث مرات، لكي ينتقل من حوالي 60 مليار دولار/سنويا (اليوم) إلى حوالي 180 مليار دولار/سنويا في غضون السنوات ال5 المقبلة، و ذلك يتطلب ‘حسا قويا’ بالتوجيه و الدعم من المساهمين في الدولة، و إلى ‘قيادة حقيقية’ من أعلى المناصب في هذه المؤسسات».


الكاتب : ترجمة : المهدي المقدمي / عن : allAfrica

  

بتاريخ : 11/11/2022