كفى .. ظاهرة غياب البرلمانيين

ظاهرة غياب البرلمانيين عن الجلسات العامة واجتماعات اللجان، ليست بالظاهرة الجديدة، إنها قديمة جديدة، أصبحت تطرح أسئلة مشروعة وضاغطة من أجل تفعيل وتطبيق النظام الأساسي في حق البرلمانيين المتغيبين والمتقاعسين عن أداء مهامهم النيابية والتمثيلية بسبب هذا الغياب.
هذه الظاهرة تكرس الصورة السيئة الراسخة في ذهن المواطن ولدى الرأي العام والمجتمع عن وظيفة النائب البرلماني، والتي بإمكانها أن تخدش الصورة العامة للمؤسسة التشريعية ووظائفها الدستورية والرقابية والتشريعية.
ظاهرة الغياب مرتبطة بانتهاك مقتضيات الفصل 69 من دستور 2011، الذي يحيل على ضرورة التزام أعضاء البرلمان بواجباتهم، وأن النظام الداخلي سيتكفل بالضوابط المتعلقة بتنظيم كل ما يتعلق بواجبات أعضاء مجلسي البرلمان.
أما النظام الداخلي، فهو يميز بين شقين، الأول مرتبط بالغياب داخل اللجان الدائمة التي تمثل قلب العمل التشريعي والرقابي، والشق الثاني مرتبط بالغياب المتعلق بالجلسة العامة.
والأصل هو حضور النائب البرلماني ومواظبته ومشاركته وعدم تغيبه، ومن ثمة فالنظام الداخلي أجاز العذر على سبيل الاستثناء، وتتلخص الأعذار المقبولة للغياب في خمسة استثناءات هي: إذا قدم النائب عذرا لكونه يشارك في مهمة رسمية في الدائرة الانتخابية، أو داخل أرض الوطن أو خارجه، أو شهادة مرضية أو رخصة المشاركة في الدورات المتعلقة بالجماعات الترابية أو الغرف المهنية.
وبالنظر لاستفحال الظاهرة، وتعالي الأصوات المحددة بها والمطالبة بوضع حد لها، بات من الضروري أن يتم تفعيل النظام الداخلي وتطبيق آلية الجزاء، التي تضم ثلاثة مستويات: الأول، من خلال تلاوة أسماء المتغيبين خلال بداية كل اجتماع لجنة، والثاني، من خلال الاقتطاع من التعويض بالنظر إلى عدد الأيام التي تغيب خلالها النائب البرلماني المعني، وأيضا من خلال إعلان رئيس المجلس عن اسم المتغيب في الجلسة العامة، بالإضافة إلى نشر أسماء المتغيبين بالنشرة الداخلية والجريدة الرسمية والموقع الإلكتروني للمجلس.
أما بالنسبة للجانب الثاني المتعلق بالغياب في الجلسة العامة، فإن رئيس المجلس ينبه النائب البرلماني الذي لا عذر له، كتابيا خلال المرة الأولى، وينبهه خلال المرة الثانية كتابيا مع تلاوة اسمه في افتتاح الجلسة العامة، ثم يقتطع من تعويضاته بحسب الأيام التي تغيب فيها، مع نشر هذا الإجراء في الجريدة الرسمية للبرلمان والنشرة الداخلية والموقع الإلكتروني الرسمي للمجلس.
ويمكن القول إن هذه الإجراءات، تبقى محدودة ولا يمكنها أن تخفف أو تطوق ظاهرة غياب البرلمانيين،
لذلك من الضروري إعادة النظر في الجزاءات المتعلقة بالنظام الداخلي لمجلسي البرلمان.


الكاتب : عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 28/06/2023