كيف استفادت الحكومة من التضخم وكيف أدت ضريبته الأسر والمقاولات

بينما يشتد حبل الأزمة التضخمية حول رقاب المستهلكين المغاربة، ويكاد يخنق غالبية الأسر، بعدما انهارت قدرتها الشرائية وتدهورت أحوالها المعيشية، بسبب فورة الأسعار، انتعشت في المقابل مداخيل الحكومة من أمول الضرائب والرسوم المفروضة على السلع والأجور، وتضاعف حجمها خلال الأشهر الأخيرة محققا عائدات قياسية لم تكن متاحة لولا هذه الظرفية الاقتصادية الاستثنائية التي تمر منها البلاد. حيث يتضح من خلال البيانات الرسمية أن وقع أزمة التضخم لم يكن أشد على الحكومة بقدر ما كان كارثيا على الأسر والمقاولات.
وقد كشفت مديرية الخزينة العامة، في بيانات أصدرتها أول أمس الاثنين، أن مداخيلها العادية تحسنت خلال أكتوبر الماضي بنسبة 15.1 في المئة، حيث ناهزت 243 مليار درهم، عوض 211 مليار درهم المسجلة في نفس التاريخ من العام الماضي، بفارق 32 مليار درهم.
وأوضحت مديرية الخزينة العامة، أن المداخيل الضريبية عرفت تحسنا بمعدل 19.5 في المائة بعدما استقرت في حدود 217 مليار درهم بدل 181 مليار درهم المسجلة خلال نفس الفترة من العام الماضي، في المقابل عرفت المداخيل غير الضريبية عند متم اكتوبر الأخير تراجعا بمعدل ناقص 12 في المائة إذ لم تتعد 26 مليار درهم مقابل 29 مليار درهم قبل عام، أي ناقص 7 مليار درهم وذلك على الرغم من التحسن الملحوظ في المداخيل التي حصلتها الخزينة العامة للمملكة برسم جني أرباح المساهمات ومداخيل الاحتكار (11.7 مليار درهم بدل 9.2 مليار درهم قبل عام) ..
في المقابل سجلت مداخيل الضرائب المباشرة، ارتفاعا ملحوظا بمعدل 25.2 في المائة، بينما تحسنت مداخيل الضرائب غير المباشرة بمعدل 14.6 في المائة، وبفضل انتعاش المبادلات الخارجية، تحسنت المداخيل الجمركية بدورها لتسجل نموا بمعدل 22 في المائة.
وتحسنت مداخيل الضريبة على الدخل خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري بمعدل 6.7 في المائة لتستقر في حدود 40.2 مليار درهم عوض 37.6 مليار درهم خلال نفس التاريخ من العام الماضي.
أما مداخيل الضريبة على الشركات، فسجلت إلى حدود نهاية اكتوبر 2022 قفزة كبرى ب 43.7 في المئة، حيث استقرت عند 50.6 مليار درهم، بدل 35.2 مليار درهم المسجلة خلال الفترة ذاتها من السنة المنصرمة..
وبينما أنهكت الزيادات المتوالية لأسعار المحروقات القدرة الشرائية للمغاربة، تواصل الحكومة جني مبالغ ضخمة تدخل الخزينة على شكل ضرائب ورسوم تكاد تشكل نصف ثمن الغازوال والبنزين اللذين حطمت أسعارهما كل التوقعات.
وفي هذا الصدد، تؤكد بيانات الخزينة العامة، أن المبالغ التي حصلتها مديرية الضرائب كرسم داخلي مفروض على استهلاك المواد الطاقية (تشكل المحروقات عمودها الفقري) بلغت إلى حدود 30 أكتوبر 2022 نحو 13.3 مليار. من جهة أخرى ساهمت فورة الأسعار التي شهدتها المواد البترولية في رفع مداخيل الخزينة من الضريبة على القيمة المضافة المفروضة على واردات المواد الطاقية بمعدل 91.3 % أي بزيادة إضافية تفوق 5 ملايير درهم، وهو ما يعني أن المبالغ الصافية التي حصلتها الخزينة من ضرائب ورسوم على المحروقات (TVA الاستيراد زائد الحقوق الجمركية زائد الرسم على الاستهلاك) بلغت بالضبط 69.96 مليار درهم مقابل 57 مليار درهم في أكتوبر 2021، أي بفارق يناهز 12.9 مليار درهم بين الفترتين وبمعدل نمو يفوق 22.6 في المائة.
ويظهر من خلال البيانات التي كشفت عنها مديرية الخزينة العامة، أن الحكومة لن تفي بالتزاماتها في ما يتعلق بميزانية الاستثمار التي طالما روجت لها عند تقديم قانون المالية لسنة 2022، والذي ينص على تخصيص 95 مليار درهم كاعتمادات مرصودة حصريا للاستثمار، في حين أن المبلغ الذي تم إنفاقه ، ونحن على مقربة من نهاية السنة المالية، لم يتعد 59 مليار درهم (أي 62 في المائة كنسبة إنجاز) وهو ما يدفع إلى التساؤل حول مصير 36 مليار درهم المتبقية من مخصصات الاستثمار ومدى قدرة الحكومة على تدبرها وإنفاقها في آخر شهرين من العام الجاري.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 16/11/2022