كيف تفاعل الكتاب المغاربة مع ما يجري في فلسطين؟

السردية الفلسطينية.. كتابنا الجماعي

 

ظل المثقفون والأدباء المغاربة في طليعة الأصوات المؤمنة بعدالة القضية الفلسطينية، رغم ما صاحب مسار هذه القضية من تطورات ومآلات رجحت كفة الحسابات والمصالح الجيواستراتيجية، وأرجأت قضية شعب وأرض تغتصب بالقوة إلى قرارات ومنظمات وهيئات لا يتعدى صداها جدران مقارها. ففلسطين شكلت ولا تزال برمزيتها، بوصلة المِجسّ القيمي للكتاب والشعراء لأنها تختزل كل القضايا الإنسانية بما تبنيه من موقف مبدئي من كل أعداء الحياة.
وليس أدل على هذا الارتباط الوجداني والمبدئي للأدباء المغاربة مع السردية الفلسطينية وتحولاتها ومخاضاتها، من نكبات ونكسات وهزيمة، من الوقوف على هذه الحقيقة ، وهي أن المغرب البلد العربي الوحيد الذي صدرت فيه بعد النكبة جريدة اسمها “فلسطين ” لا تنشر إلا ما له صلة بقضية فلسطين. ولعل الموقف المشرف للكتاب المغاربة بالانسحاب من جائزة الشيخ زايد ل2020 من بعض المؤسسات الثقافية الإماراتية، بعد تطبيع هذه الأخيرة مع إسرائيل، موقف يسجل للتاريخ ولصوت المثقف المغربي الذي ظل مناصرا لكل القضايا العادلة في العالم.
وتعليقا على ما يجري اليوم على أرضنا فلسطين، نرصد جزءا مما كتبه بعض الأدباء المغاربة مدينين ما يحدث من جرائم وإبادة وتقتيل واقتلاع، تروم بالأساس، اتقلاع الفلسطيني من جذوره الجغرافية والهوياتية.

أنيس الرافعي: إسرائيل هي وحش ” المينوتور ” المعاصر

” ذات يوم سيعيد التاريخ نفسه، فمثلما شهد القرن الماضي محاكمات “نورنبيرغ “، التي اقتصت من مجرمي الحرب العالمية الثانية النازيين، سيأتي زمن سنتابع فيه محاكمات جميع السفاحين الصهاينة من مستبيحي الدم الفلسطيني الشريف. فميراث العنف الإسرائيلي المأساوي، الذي راكمته دولة المذنبين هاته، أنتن روحها بالكامل،و شوه كيانها دون رجعة، إلى درجة أنها توحدت إلى الأبد مع صورة الجلاد، وتقمصت إلى ما لانهاية أساليبه الشنيعة. إن إسرائيل هي وحش ” المينوتور ” المعاصر ، الذي ولد نتيجة اتصال جنسي ” مكعب” و خبيث بين الأمبريالية العالمية و الخسة السياسية والجبن العربي. الاتصال ذاته، الذي شيد متاهة كل هاته البشاعة المحيطة بنا. لابد ، إذن، من ” ثيسيوس ” مهما امتد ليل الفظاعة و لامناص بأي ثمن من قتل ” المينتور”، وهدم أركان المتاهة”. مضيفا “واهم كل الوهم من يحسب أن الخير أو الربح أو النماء أو الحماية يمكن أن تأتي من وراء العدو الإسرائيلي المحتل . فالتطبيع سقوط أخلاقي وسياسي مريع للضمير الإنساني،و مشاركة مع سبق الإصرار والتعمد للمجرم في التمثيل بجسد الضحية . إن الشعوب المأسورة لا تتحرر إلا بالمقاومة المسلحة. لا تنعتق سوى باستئصال هذه الجلطة الخبيثة المستقرة في دماغ الجغرافيا العربية. عاشت فلسطين راية نصر خفاقة في أرض الكرامة و الشموخ”.

منير الادريسي: نحن مع شعورنا المُعذِّب

” لم تكن يوما المسألة الفلسطينية مسألة فلسطينية أو عربية فحسب، بل هي في العمق مسألة أخلاقية.. أولا وأخيرا.
قضية فلسطين تنتمي إلى اللغة الأولى لما قبل الكلام.. ما قبل الثقافة وتقسيمات الحدود. تنتمي للشعور المؤلم الذي يولِّدُه بين أضلعنا الظلم.
ليس بالضرورة أن نكون مع حماس ولا أي أحد يلوِّن بإيديولوجيته وعقيدته الخريطة!. نحن -إن كنا أحرارا فعلا- مع شعورنا المُعذِّب. وهو شعور كل شخص على أي بقعة من هذه الأرض وفي كل زمان. شعور تذكي شعلته هذه المَلَكة النقية التي نخاف أن نفقدها في زمن انهيار القيم والتي نسميها: الضمير.
نحن مع الفلسطينيين، وهذه ال “مع” نريدها أن تعني أكبر من الانتماء الضيق. نريدها أن تكون أوسع باتساع محبتنا للعدالة والحرية. نريدها أن تترسّخ أكثر في وجه القوة،  وبأشكال متعددة من المقاومة المستنيرة بالوعي. تلك المقاومة التي تعي جيدا أن المعركة الفلسطينية هي إحدى معارك القيم ضدّ عبث عصر التفاهة والانحطاط الحضاري وخطر إجهاض الديمقراطيات.. عبث وليد نيوليبرالية متوحشة أفرغت الإنسان من مضمون إنسانيته وحولته إلى مجرد رقم، عبد في متاهة لا نهائية. قلبت الحقائق، لصالح الأكاذيب. طمست الصدق. ولعبت بخفة الساحر بأذهان الجميع..
إن وقوفنا اليوم إلى جانب فلسطين، لابدّ أن يكون أكبر وأوضح وأشمل وأنبل، لأنه أخلاقيٌّ ومسؤول إلى هذه الدرجة”.

دامي عمر: ما يحدث في القدس شاهد على أن السلام خديعة

“لاسلام ! التطبيع خطوة السياسي.أنت أيها الإنسان لا تطبع مع الوحشية والهمجية وإلا سقطت الإنسانية في السديم . قل : لا ومارسها في سلوكك اليومي .وإلا ما قيمتها وأنت بلا أخلاق ولا مسؤولية ؟ما يحدث في القدس شاهد على أن السلام خديعة ..

محمد بودويك: ستظل فلسطينُ فلسطينيةً كنعانيةً

منذ أكثر من سبعين سنة، منذ الاستيطان والاقتلاع، والشعب الفلسطيني يقاوم أعزلَ إلا من إيمانه ” الأسطوري “العظيم، بعدالة قضيته، وبأرضه التاريخية.
يريد الصهاينة قتله وإبادته، وشعب الجبارين، كما وصفهم المرحوم ياسر عرفات، لا يُبادُ، رغم تواطؤ ” الإخوان ” العرب الذين ظنوا أن التطبيع سيفرمل ويكبح العدوان، ويعيد التاريخ إلى مجراه، والجغرافية إلى أهلها، والحق الوجودي إلى أصحابه الشرعيين.
ستظل فلسطينُ فلسطينيةً كنعانيةً وإنْ جاوز الظالمون المَدى، وإن شوَّهوا وطمسوا المعالم والآثار، وجرفوا المدن والقرى، والمزارع والبيارات”.

صالح لبريني: الشعوب التي تناضل من أجل حقها لن تشيخ

فلسطين،في ظل العدوان، ستظل الرحم الولود للشهداء وللمقاومة الباسلة، ولن تكون عاقرا أبدا، ولعل ثلاث وسبعين سنة من الاحتلال والجور والتهجير والتقتيل والتشريد والأسر وكل أشكال التخريب والتهويد مازالت فلسطين قائمة الوجود، حاضرة في التاريخ وفي ذاكرة الأمم والشعوب،بالرغم من محاولات الطمس والمحو، ومن الخذلان العربي والخيانات العظمى للإخوة الأعداء . وهذا دليل على أن الشعوب التي تناضل من أجل حقها وأراضيها المغتصبة، والتي تستشهد للحفاظ على كيانها الوجودي والحضاري لن تشيخ فهي دائمة التجدد، في حين أن الغريب مهما تطاول وتطاوس وتجبر واستبد فمصيره الزوال، وما يجري اليوم على أرض الرسل والأنبياء من معارك بين أهل الحق وأهل الباطل تعري حقيقة الباطل وتبرز أن الحق المنتصر”.


الكاتب : إعداد: حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 20/05/2021