7 % فقط من مبالغ دعم المشاريع الثقافية غير المستعملة، عادت إلى خزينة الدولة

لفت الى أن الاستراتيجية الثقافية لم تحقق أهدافها

 

في تشخيصه لواقع الممارسة الثقافية ببلادنا والعوائق الذي تحول دون إيلاء الثقافة مكانتها كرافعة أساسية للتنمية، لفت تقرير المجلس الأعلى للحسابات الى أن المغرب لا يعدم مؤهلات قادرة على جعل العمل الثقافي رافعة أساسية من رافعات التنمية الشاملة، مشيرا الى أن المخطط التنفيذي للبرنامج الحكومي في قطاع الثقافة للفترة
2021-2017، ارتكز حول عدة محاور من أهمها: إعداد استراتيجية ثقافية وطنية، والحفاظ على التراث الثقافي وتثمينه، وإعمال سياسة القرب الثقافي، وإرساء أسس الصناعة الثقافية ، خصص لها اعتمادات من الميزانية العامة تقدر ب 4,75 مليار درهم،كما بلغت مبالغ الدعم المخصص للمشاريع الفنية والثقافية ما مجموعه 245,80 مليون درهم.
كل هذه الأهداف المرسومة، والتي حدد لها كسقف أقصى سنتان، خلص المجلس بعد مهمة رقابية همت الجوانب المتعلقة بالتراث الثقافي اللامادي وتدبير البنيات الأساسية الثقافية ودعم المشاريع الفنية والثقافية وتسيير المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما والمعهد العالي للفن المسرحي، الى أنه لم يتم تحقيقها بعد، حيث اقتصر برنامج العمل الخماسي للوزارة على مجموعة من المشاريع المنتقاة من برامج التنمية الجهوية والاتفاقيات متعددة الأطراف في غياب آليات للتنسيق والتشاور بين مختلف الفاعلين.
وفي هذا الإطار ، أوصى المجلس الأعلى للحسابات بإعداد استراتيجية ثقافية مندمجة تحدد الرؤية والأهداف والتوجهات الكبرى للعمل الثقافي على المستوى الوطني، وكذا المجالات الاستراتيجية ذات الأولوية.
كما أوصى المجلس بالسهر على وضع آليات محكمة، لضمان التقائية وتنسيق مختلف تدخلات الفاعلين الرئيسيين في العمل الثقافي.
وفي ما يتعلق بالتراث الثقافي اللامادي، لاحظ التقرير عدم بلورة إطار قانوني يحدد التراث الثقافي اللامادي وطرق حمايته، وعدم تفعيل الآليات القانونية والمؤسساتية والمالية المتعلقة بإعداد نظام للكنوز البشرية الحية، فضلا عن غياب برنامج عمل متعدد السنوات لجرد وصون هذا الموروث ، كما لم يتم تحيين المنصة الرقمية المتعلقة بجرد وتوثيق التراث الثقافي المحدثة منذ 2010.
وفي هذا الصدد، أوصى المجلس بالعمل على استكمال الإطار القانوني المتعلق بتحديد وحماية وتثمين التراث الثقافي، وكذا إعداد نظام الكنوز البشرية الحية.
أما على مستوى إنجاز البنيات التحتية الثقافية للقرب، فقد وقف التقرير على محدودية الإنجازات مقارنة بالالتزامات التعاقدية. وفي هذا الصدد، بلغ عدد مشاريع البنى الثقافية التي لم يتم تنفيذها 35 مشروعًا بسبب التأخر في تعبئة الموارد المالية اللازمة لإنجاز المشاريع، والصعوبات المتعلقة بتعبئة الوعاء العقاري، مشيرا في المقابل الى عدم استغلال بعض المراكز الثقافية بعد الانتهاء من إنجازها، بسبب نقص الموارد البشرية، ما يتطلب الإسراع باتخاذ التدابير اللازمة، بتنسيق مع الجهات المعنية.
بخصوص دعم المشاريع الفنية والثقافية، لاحظ التقرير أنه رغم تخصيص غلاف مالي للمهرجانات والتظاهرات الفنية والثقافية يزيد عن 245 مليون درهم كإعانات استفاد منها أكثر من 6.400 مشروع، فإن استراتيجية الوزارة المتعلقة بدعم المشاريع الفنية والثقافية ترتكز في الغالب على الوسائل بدلا من النتائج، وعلى هاجس استهلاك الإعانات الممنوحة وتحقيق أهداف كمية دون التركيز على الأهداف المتعلقة بإرساء أسس الصناعة الثقافية والإبداعية، مشيرا الى أن الوزارة لا تتوفر على بيانات إحصائية موضوعية لإجراء عمليات التقييم، مع ما يكتنف تتبع استعمال الدعم العمومي في المجال الثقافي والفني من نقائص، لاسيما على مستوى استرجاع المبالغ غير المستعملة أو غير المستحقة.
وفي هذا السياق وقف على أن مجموع مبالغ الدعم التي تم استرجاعها بلغت، إلى غاية متم سنة 2021، ما مجموعه 236 ألف درهم، أي ما يعادل 7% فقط من مجموع المبالغ غير المستحقة الواجب إرجاعها إلى خزينة الدولة، علما بأن 90 % من المبالغ المسترجعة، تم استخلاصها خلال سنة2021.
ولهذه الغاية، أوصى المجلس بالسهر على وضع استراتيجية للدعم وعلى تقييم أثر دعم المشاريع الفنية والثقافية على تطور الصناعة الإبداعية والثقافية، وبتفعيل مسطرة استرجاع مبالغ الدعم التي لم يحترم المستفيدون منها التزاماتهم التعاقدية.
التقرير توقف أيضا عند مهام المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما والمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، مشيرا الى أن المعهدين لا يتوفران على نظام للتتبع والتقييم. كما أن المهام المنفذة فعليا من قبلهما تبقى جزئية. ففي هذا الصدد، فإن المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما لا يضطلع بالمهام المتعلقة بالتكوين المستمر وتحضير وتسليم دبلوم مهندس الدولة والإجازة المهنية والدكتوراه والقيام ببرامج البحوث، بل يقتصر التكوين على سلك واحد للإجازة المهنية، علما أنه لم يتم اعتماده بعد.في حين أن باقي الأسلاك، لا تزال في مرحلة الدراسة، في انتظار المصادقة على دفاتر الضوابط البيداغوجية .
علاوة على ما سبق، فإن كلا من المعهدين لا يتوفران على برامج عمل لمواكبة وتتبع إدماج الخريجين في الحياة المهنية، بما يضمن التوفر على المعطيات الإحصائية اللازمة لإنشاء قاعدة معلومات حول الخريجين، التي من شأنها أن تساعد في العمل على ملائمة التكوينات المتاحة مع متطلبات سوق الشغل.
وفي هذا السياق أوصى المجلس باعتماد مخطط استراتيجي خاص بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، والمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما، كل على حدة، يتضمن كيفية برمجة وتنزيل المهام المنوطة بهما.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 09/03/2023