لمواجهة الموجة الرابعة من كوفيد: فرنسا تفرض «الشهادة الصحية» وإجبارية اللقاح للعاملين في القطاع الصحي

الموجة الرابعة من وباء كورونا تفاجئ الفرنسيين بوصولها المبكر، بعد أن توقع المتخصصون في الأوبئة وصولها في شهر شتنبر أو أكتوبر، وهو ما جعل السلطات الصحية والسياسية تأخذ سلسلة من الإجراءات من أجل التحكم في هذه الوضعية الجديدة.
لمواجهة الموجة الرابعة من كوفيد تريد باريس فرض «الشهادة الصحية»، وفي خطابه للفرنسيين أعلن إيمانييل ماكرون إجبارية التلقيح للعاملين في القطاع الصحي، وإجبارية الشهادة الصحية لعدد من الأنشطة الترفيهية والسفر، وهو ما يضيق الخناق على الفئات التي تتراخى وترفض التلقيح حتى الآن.
وقال إيمانويل ماكرون، الاثنين الماضي، إن بلاده ستفرض «الشهادة الصحية» في المطاعم والمقاهي وبعض وسائل النقل اعتبارا من غشت، سعيا لحض الفرنسيين على تلقي اللقاح ضد وباء كورونا.
وقال ماكرون إن «الشهادة الصحية ستطبق في المقاهي والمطاعم والمراكز التجارية، كما في المستشفيات ودور المسنين والمؤسسات الطبية الاجتماعية، وكذلك في الطائرات والقطارات وحافلات الرحلات الطويلة، هنا أيضا وحدهم الذين تلقوا اللقاح أو خضعوا لاختبار سلبي النتيجة سيكون بوسعهم الوصول إلى هذه المواقع»، مشيرا إلى أنه سيتم كذلك فرض الشهادة الصحية بعد حوالي عشرة أيام في المواقع الترفيهية والثقافية.
وتتميز هذه الموجة الرابعة، التي تضرب فرنسا، بالانتشار السريع للمتحورة الجديدة للوباء «دلتا» التي تسمى «المتحورة الهندية» الشديدة العدوى، وبدأ القلق يساور بلدان القارة العجوز، للخروج من هذا النفق الطويل الذي فرضته إجراءات مواجهة هذا الوباء، وهو ما جعل باريس تطالب سكانها بالحفاظ على التباعد الاجتماعي وتجنب السفر إلى بعض البلدان الأوروبية، وضرورة الحصول على التلقيح بل إنها تتجه نحو فرض اللقاح على بعض العاملين ببعض القطاعات مثل قطاع الصحة.
أمام هذا الوضع أصبح السؤال المطروح، هل فرنسا قادرة على الاستمرار في تمويل اقتصادها في مواجهة هذا الوباء وهو ماكلف حتى الأن 450 مليار يورو، وكذلك القدرة على تحمل التبعات النفسية والاجتماعية لهذا الحجر المتكرر منذ 18 شهرا على بداية هذا الوباء؟ سؤال أصبح يطرح بإلحاح خصوصا في بلد يتوفر على اللقاح بوفرة وبدون مقابل أمام استمرار البعض في تجاهل هذا الوباء الذي خلف حتى الآن أكثر من 111 ألف ضحية بين الفرنسيين.
وفي مواجهة تفشي هذا المتحور، الأكثر ضراوة والأكثر قابلية للانتقال، كررت السلطة التنفيذية الفرنسية دعواتها إلى «التلقيح الشامل»، وأكد العديد من الخبراء والمتخصصين في الأمراض المعدية أن هذه الموجة الجديدة التي يخشاها الكثيرون، ستصل في متم يوليوز وبداية غشت ومن شأنها أن تتسارع مع حلول فصل الخريف، في الوقت الذي رفعت فيه فرنسا آخر القيود الصحية المفروضة لمكافحة الفيروس.
وتعيش فرنسا أجواء العطلة الصيفية، التي ترافق الخروج من إجراءات الحجر الصحي الذي دام عدة شهور وإقبال الناس على السفر والتنقل، لكن الموجة الرابعة والمبكرة من وباء كورونا تهدد هذه الأجواء، حسب عماد كانسو، بروفسور متخصص في الأمراض المعدية في مستشفى أنطوان بيكلير دي كلامار الذي يرى أن « الموجة الرابعة من الوباء كانت مبكرة هذه المرة بفرنسا، و»المتحورة» دلتا التي تسمى «الهندية» من وباء كوفيد، هي متحورة جد معدية، ثلاث مرات أكثر من المتحورات السابقة مثل المتحورة البريطانية التي تسمى ألفا. وفي الأسابيع الثلاثة الماضية تضاعفت هذه المتحورة مرتين بفرنسا.»
المغرب مثل جيرانه الأوروبيين مهدد بهذه الموجة إذا غاب الاقبال على التلقيح، حسب عماد كانسو.
«الوضعية بالمغرب سوف تكون مشابهة لما يحدث بالبلدان المجاورة، ذلك أن المتحورة دلتا سوف تأخذ مكان المتحورات السابقة بسرعة. وذلك بشكل مهم نظرا لأن نسبة التلقيح مازالت غير مهمة، مما يسهل العدوى».
«في المغرب، ما ننتظره هو وضعية وبائية مهمة وارتفاع كبير للإصابات أكثر مما كان متوقعا ومنتظرا.» يقول عماد كانسو الطبيب المتخصص في الأوبئة.
منذ بدء حملة التطعيم في فرنسا، تلقى أكثر من 34,5 مليون شخص جرعة واحدة على الأقل (أي 51,2% من إجمالي السكان) وأكثر من 24,4 مليون شخص أنهوا عملية التطعيم بالكامل (36,2% من السكان) حسب الأرقام الرسمية.
وأمام هذا الانتشار السريع لمتحور دلتا بأوروبا، أوصت فرنسا مواطنيها بعدم السفر من أجل العطلة إلى بعض البلدان الأوروبية والجارة مثل إسبانيا والبرتغال، كما أعلنت أنها ستشدد الإجراءات في الحدود.
والمغرب هو الآخر، وبعد الارتفاع الكبير للمتحورة «دلتا»، لم يتردد في وضع فرنسا في اللائحة باء «وهو ما يقتضي وضع القادمين من غير الملقحين في الحجر الصحي لمدة عشرة أيام. وهو الإجراء الذي يشمل كذلك القادمين من إسبانيا والبرتغال.


الكاتب : باريس: يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 14/07/2021