مشروع قانون مالية 2024 يواصل سياسة التقشف لسد الخصاص في قطاع الصحة

المشروع جاء مخيبا للآمال والانتظارات بتخصيصه لرقم 5500 منصب مالي فقط

يقدّر الخصاص بـ 100 ألف مهني يتوزعون ما بين 65 ألف ممرض وتقني
و 35 ألف طبيب

الاجتهاد الوحيد في الرفع من عدد الشغيلة الصحية، تم تسجيله خلال السنة الموالية لجائحة كوفيد

الاختلال في الموارد البشرية يشكّل عائقا أمام التنزيل السليم لورش الحماية الاجتماعية

 

لم يأت مشروع قانون مالية سنة 2024 بإضافة جديدة بخصوص توظيف الموارد البشرية في الصحة، بل أكد استمرار اعتماد الحكومة سياسة التقشف في هذا الإطار، بالرغم من أن الأمر يتعلق بقطاع يعرف مخاضا كبيرا وعلى أكثر من مستوى، وينتظر الجميع كيف يمكن للورش المفتوح به، تشريعيا وإداريا وتنظيميا، ارتباطا بخطوة تعميم التغطية الصحية، أن يجيب عن الاحتياجات الصحية لكافة المواطنين، وأن يخفف عنهم ثقل كلفة العلاج، ويحقق عدالة صحية مجالية؟
وجاء مشروع قانون مالية 2024 بنفس العدد من المناصب المالية التي تم الإتيان بها خلال السنوات الأخيرة، منذ 2021 إلى اليوم، والمتمثل في 5500 منصب مالي، ليتبين على أن الاجتهاد الوحيد في الرفع من عدد الشغيلة الصحية، تم تسجيله خلال السنة التي تلت حلول الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19 في المغرب، إذ جاء مشروع قانون مالية 2021 آنذاك بإضافة 1500 منصب مالي مقارنة بسابقه الذي يخص سنة 2020، ليبقى الوضع على هذا المنوال خلال السنوات المتعاقبة، علما بأن قطاع الصحة يعاني من أزمة موارد بشرية، ويسجل سنويا خصاصا كبيرا في هذا الصدد، سواء بسبب التقاعد أو هجرة الأطباء ومهنيي الصحة عموما للمستشفيات العمومية، أو الوفيات، أو الاستقالات، التي وأمام رفض الوزارة لعدد منها اختار أصحابها مقاطعة أماكن العمل بشكل كلي، وتحولوا إلى «موظفين أشباح»، مما زاد من حجم الأعباء على زملائهم، ورفع من الانتظارات الصحية للمرضى!
وتؤكد التصريحات الرسمية لوزير الصحة والحماية الاجتماعية أن القطاع في بلادنا يعرف خصاصا يقدّر بحوالي 100 ألف مهنيي للصحة، يتوزعون ما بين 65 ألف ممرض وتقني و 35 ألف طبيب، وفي الوقت الذي ينتظر فيه الجميع خطوات عملية، تتجاوز تقليص عدد سنوات التكوين، للرفع من القدرات البشرية للمنظومة الصحية العمومية، جاء مشروع قانون مالية 2024 مخيبا للآمال في هذا الإطار، بتخصيصه لرقم 5500 منصب مالي، علما بأن الحديث عن المناصب المالية لا يعني بالضرورة أنه يتعلق بتوفير مناصب شغل جديدة كاملة، لأن الأمر يشمل الترقيات والتسويات الإدارية كذلك. وجدير بالذكر أن الأرقام الرسمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية تؤكد أن عدد الموظفين في حالة القيام بالوظيفة اليوم يقدّر بـ 53 ألفا و 771 موظفا، يتوزعون ما بين 9091 إطارا طبيا من أطباء وصيادلة وجراحي الأسنان، إلى جانب 32 ألفا و 546 ممرضا وتقنيا للصحة، من الجنسين، و 12 ألفا و 134 إطارا إداريا وتقنيا، وتشكل الإناث نسبة 63 في المائة مقابل 37 في المائة من الذكور من مجموع الموظفين في مختلف الفئات.
وضعية تطرح أكثر من علامة استفهام، خاصة وأن خالد آيت الطالب، كان قد أكد بنفسه، في عرضه الذي قدمه في الفاتح من نونبر أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب والمتعلق بتقديم مشروع الميزانية الفرعية، على أن إصلاح المنظومة الصحية يقوم على أربع دعامات أساسية، من بينها تثمين الموارد البشرية، وهو ما لا يترجمه مشروع قانون مالية سنة 2024، خاصة إذا ما تم استحضار عدد المراكز الاستشفائية الجامعية والجهوية والإقليمية ومستشفيات القرب التي تم تشغيلها خلال الفترة ما بين 2022 و 2023، وتلك التي توجد في طور الإنجاز أو مبرمجة من أجل أن ترى النور هي الأخرى، فإحداث أسرّة جديدة وتعزيز الطاقة السريرية القائمة يجب أن يرافقهما بالضرورة الرفع من عدد المهنيين في مختلف المستويات، الأمر الذي يكشف عن عطب كبير، قد يشكّل عائقا أمام التنزيل السليم لورش الحماية الاجتماعية، الذي سيعرف الرفع من أعداد المؤمّنين المستفيدين من التغطية الصحية، بالرغم من أن الغلاف المالي الإجمالي المخصص للصحة برسم سنة 2024 يصل إلى قرابة 31 مليار درهم، أي بزيادة تقدر بحوالي 2.559 مليار درهم، وهو ما يمثل نسبة 9.1 في المائة مقارنة بميزانية 2023.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 24/11/2023