وسط تجاهل حكومي، ارتفاع ثمن المحروقات يلهب جيوب المغاربة ويهدد السلم الاجتماعي

ارتفعت أثمان المحروقات بالمغرب بشكل صاروخي في الأسابيع الماضية، حيث تجاوز ثمن المازوط أكثر من 11 درهما.
وشهدت محطات الوقود ارتفاع أسعار الغازوال بتجاوز 11.5 درهما للتر الواحد، محطمة بذلك كل الأرقام القياسية التي سجلتها في نهاية العام الماضي، بينما فاق سعر البنزين 12 درهما بل تخطى عتبة 12.50 درهما للتر الواحد في بعض المدن والجهات.
وعلى الرغم من كون هذه الارتفاعات المتواترة في ثمن الوقود أثرت بشكل مباشر على أسعار مواد التموين الأساسية التي تشهد هي الأخرى زيادات صاروخية، فإن الحكومة الموكول إليها دستوريا الحفاظ على استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمغاربة، لم تحرك ساكنا حتى الآن، ولا تبدو منشغلة بهذا الموضوع حتى اللحظة، تاركة المواطن فريسة لغلاء المعيشة، تحت ذريعة قانون المنافسة وحرية الأسعار، وتقلب سعر برميل النفط في السوق الدولي الذي يتجه بخطى حثيثة نحو اختراق حاجز 100 دولار، وهو ما ينذر وطنيا بمزيد من الزيادات في أسعار المحروقات التي تهدد بشل حركة النقل إذا ما استمرت منحنيات الأسعار في هذه الوتيرة وإذا ما أصرت الحكومة على عدم تسقيف أسعار المحروقات وترك المواطنين يواجهون بمفردهم تبعات ارتفاع سعر برميل النفط في الأسواق العالمية…
وفي ظل هذه الوضعية، أصبح المغاربة يجدون أنفسهم وجها لوجه أمام هذه الفواتير الثقيلة التي يؤدونها من جيوبهم، بينما تكتفي الدولة بتضريبهم بالرسم الداخلي على استهلاك الطاقة (ربحت منه 16.7 مليار درهم برسم 2021 (فيما يجني الموزعون أضعاف هذا الرقم على شكل هوامش ربح خيالية (تقرير مجلس المنافسة فضح 17 مليار درهم).. الآن فقط سيعرف المغاربة قيمة سامير وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.
لقد كان لإغلاق محطة سامير وتوقف صناعة التكرير الوطنية آثار كارثية على سوق المحروقات في المغرب، وأصبح المواطنون يؤدون تكلفة مضاعفة لاستيراد المنتوجات النفطية مع الإبقاء على نصيب الدولة من الرسوم والضرائب المرتفعة المفروضة على هذه المواد، بالإضافة إلى هوامش الربح الخيالية التي تجنيها شركات التوزيع من هذا القطاع.
وبسبب غياب مصفاة وطنية للتكرير، يضطر المغرب عن طريق الموزعين إلى استيراد المواد النفطية المكررة والجاهزة للاستهلاك بأسعار باهظة، وهو ما جعل الفاتورة الطاقية للمغرب، خلال العام الماضي، ترتفع بحوالي 25.8 مليار درهم بعدما فاقت في نهاية دجنبر الأخير 75.6 مليار درهم عوض 49.8 مليار درهم في نفس التاريخ من العام السابق، مسجلة بذلك زيادة معدلها 51.6 في المائة.
وتشير آخر بيانات مكتب الصرف أن مشتريات المغرب من الغازوال والفيول قفزت ب54.3 في المائة حيث انتقلت من 23.3 مليار درهم في دجنبر 2020 إلى نحو 36 مليار درهم في دجنبر2021 كما ارتفعت قيمة واردات المغرب من غاز البترول وباقي أنواع الوقود بنحو 45.9 في المائة لتصل إلى 17.4 مليار درهم عوض 11.9 مليار درهم بين الفترتين. وفي ذات الاتجاه كلفت الزيوت والمحروقات المشابهة أكثر من 10.6 مليار درهم بدل 7.1 مليار درهم قبل عام.
ومازالت الغالبية العظمى من الأسر المغربية تئن تحت وطأة الظروف العصيبة التي خلفتها الجائحة الوبائية «كوفيد 19»، ليس فقط بسبب انكماش الدخل الأسري الناجم عن تراجع العديد من الأنشطة الاقتصادية للبلاد، والكساد غير المسبوق الذي ضرب قطاعات حيوية تعيش منها عشرات الآلاف من الأسر، كالسياحة والتجارة والخدمات.. بل كذلك بسبب ارتفاع كلفة المعيشة وموجة الغلاء التي ارتفعت درجتها مع مطلع العام الجاري.
ونظمت وقفات احتجاجية في العديد من المدن المغربية، أمس الأحد، احتجاجا على غلاء الأسعار وارتفاع أثمان المحروقات وضرب الحريات النقابية وغياب الحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف، وهو ما يضرب القدرة الشرائية لعموم المواطنين والمواطنات .


الكاتب : مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 14/02/2022