السنغال «رئيس فْ ميكتو» والمغرب تابع بـ «صمت ديموقراطي»

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

لم يسبق له أن أدى أية مهمة انتخابية
لم يتجاوز عمره 44 سنة
كان منذ أيام عشر فقط في السجن
ومن الزنزانة يذهب توا إلى كرسي الرئاسة..
حصل على 60% من الأصوات، بحيث ضمن الفوز من الدور الأول ولم يكن في حاجة إلى دور ثان..
رفع شعارا قويا من قلب الفكرة اليسارية: معارضة النظام وتغييره جذريا…
اعترف له خصمه «امادو با» بالفوز، وتمنى له النجاح في مهمته الرئاسية العالية الضغط..
وهنأه الرئيس السابق ماكي سال
ليس في حاجة إلى انتظار الإعلان الرسمي عن النتائج المفروض إعطاؤها في فاتح أبريل القادم من طرف المجلس الدستوري..
خرج من رحم أزمة رمت بظلال كبيرة على قوة الديموقراطية السنغالية..
لم يكن معروفا بل إن حاضنه وعرابه هو الذي كان يحتل مكانة خاصا في المخيال والعاطفة الشعبيين عثمان صونكو، عرابه حرم من الانتخابات وشاركه السجن ..
المنهزمون أمامه رفعوا رأسهم عاليا وهم »يحيون انتصار الديموقراطية« في بلاد على حدود الدول التي لا تملك أجندتها كاملة!
قال كتاب سيرته، من غير النرسيسيين، إنه نظيف
جاء من قلب المالية واحتفظ بنظافته بالرغم من أنه كان مفتشا فيها ( أينكم يا بتوع فلوس)
حسابه البنكي لا يتعدى خمسة ملايين .. بلا يورو ولا دولار.
النظام المفرط في طابعه الرئاسي، على الطريقة الديغولية في الجمهورية الخامسة، مدعو إلى إصلاح نفسه، ولعل هذا الشاب القادم إلى الرئاسة سيعمل على قص أجنحتها : أمامه قص جناح النزعة الرئاسوية المتضخمة في النظام ثم الدفاع عن استقلال القضاء في إطار إصلاح مؤسساتي..
هل سيكون ثوريا كما هو شعاره وثقافة عرابه؟
هل سيكون إصلاحيا كما تقتضي الدولة التي تريد الاستمرار. في نموذجها الإفريقي؟
هو ذا السؤال الذي يرافقه كظله مع نجاح كاد يشبه استفتاء عليه وعلى التغيير.
الرئيس الجديد ليس زعيم حزبه، بل عرابه هو الذي تولى زمام الأمور، وسيكون عليه أن يعينه في منصب الوزير الأول وبالتالي أن يتولى السلطة الحقيقية حسب المحللين…
ولكن يجب الانتظار، كما على إفريقيا الانتظار، كيفية تدبيره للجوار الانقلابي المحيط به: من مالي إلى بوركينا فاسو والنيجر التي قطعت العلاقة مع فرنسا ومع أمريكا ..
كيف سيدبر هذا الحوار الصعب ؟
وهو الذي قال عرابه إن السياسة الخارجية تتشبث بأربعة شركاء: الأمريكان والفرنسيون والسعوديون والمغاربة!
وقد احترم المغرب الاستحقاقات، وتابع بـ»صمت ديموقراطي« مجريات الأحداث، وقد كان لافتا بالفعل أن الرباط، التي من المتوقع أن تستقبل في القادم من الأيام الرئيس المنتهية ولايته ماكي سال من أجل فتح مؤسسة للبحث والدراسة.
وهو ذكر بثوابت بلاده، حيث قال إن العلاقة مع المغرب لا تتأثر بالمنتخب في قصر الرئاسة، وأنها تتجاوز الانتصارات الانتخابية إلى كونها علاقة دول محكومة بالثوابت العليا.
هناك مبدأ عام وهو أن الديموقراطيات تلتقي، وسرعان ما تجد إيقاعها مهما كان التغيير. وكون المغرب يحترم سيادة الشعب من خلال التصويت، فهو يعرف بأن التراكم المؤسساتي الذي تراكم لدى السنغال يحتفظ بقواعد تتجاوز الانتخابات الحزبية.
ولعل ذلك ما يستشف من تصريحه الأول بعد ظهور النتيجة حيث طمأن باسيرو ديوماي فاي شركاء بلاده «المحترمين بأنها ستظل الحليف الآمن والموثوق به«.. مضيفا في خطاب متلفز: »أود أن أقول للمجتمع الدولي ولشركائنا الثنائيين والمتعددي الأطراف إن السنغال ستحتفظ بمكانتها دائما، وستظل البلد الصديق والحليف الآمن والموثوق به لأي شريك سينخرط معنا في تعاون شريف ومحترم ومثمر للطرفين«.
ولا ننسى أن هذا الرئيس الذي يدعو إلى تغيير جذري، يعانق المغرب في جوهر المبادرة الملكية، لأن التوجه الإفريقي المعلن للرئيس الجديد.. يلتقي مع التوجه المغربي في هذا المجال، بل يمكن أن نقول إن »النزعة الإفريقية اليسارية« للرئيس تجد في تاريخ المغرب التقدمي ( مجموعة الدار البيضاء في الستينيات ) ثم الإحياء العملي لهذا التوجه التقدمي القاري.. مناسبة وشراكة فعلية.
داخليا، هناك حاجة إلى إصلاح عميق، ينطلق أولا من ضرورة توحيد الشارع السنغالي الذي يعيش منذ أحداث 2021 انقساما قويا بين مكوناته على قاعدة انتماءات سياسية تواجهت في محطات كثيرة، واستطاعت بصعوبة أن تتجاوزها لكي تسير الديموقراطية كما أريد لها.
الفساد ملف آخر ينتظر هذا البلد النموذجي في الثقافة التعددية، والذي تحيط به الكثير من شهيات ..التوتر!

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 27/03/2024

التعليقات مغلقة.