في عيدها الـ48: الأرض..تتكدس في غزة!

عبد الحميد جماهري

في يوم الأرض، تتكدس الأرض في غزة
ينزوي الكوكب كله في رفح
أو في أنقاض مستشفى» الشفاء.
في شهر مارس منذ 48 سنة، أصبحت القبور عادة دولية في وصف المرحلة
بعد 48 سنة: مر العالم على كل الكواكب في فلسطين ولم يترك منها سوى شمسه السوداء،
يضيء بين الفينة والأخرى نشيدا أو شهيدا!
في يوم الأرض لا تعود أرض لله واسعة
وتضيق تضيق تضيق
حتى أن فصلا واحدا يكفيها: فصل الدم
حتى أن الجحيم صار مشهدا في تركيب الحاضر
صار الجحيم في خيمة
صار الجحيم في غوث اللاجئين..
حين الأرض مقبرة للفلسطيني الذي يدرب الخريطة على اسم سيدته فلسطين..
يقصفون المقابر
في ذكرى يوم الأرض يعود الزمن بي إلى 30 مارس 1979
كنا أقل من الحدث.. وكنا نجهله تماما:
كنا كمن يسمع نداء من السماء ويهرع إلى حضن الجدة ..
خرجنا مع ذلك، جيلا بكامله سيكون له شهيده محمد كرينة وتكون له ذكرياته. مع رحيله في أبريل الموالي نام الولد المر على أعتاب الزعفران، وسافر منه إلى صليبه المغربي.
هو ولدُ الكلمات البسيطهْ
وشهيدُ الخريطهْ..
ومع ذلك لم تكن الأمور. بمثل هذه الخطورة..
فهم الآن ما زالوا يقتلون..
إنهم يقتلون الموتى تصور، يا محمد:
مقابر غزة عرضة للحريق
والقنابل الجديدة
والردم السحيق / يطاردون الفلسطيني حيا
وحين يموت يسددون إلى قبره السلاح الجديد!
كانت الفاجعة أقل بكثير من اليوم
عندما نهضت حشود فلسطينية في «أراضي الـ48» غاضبة في وجه الاستيطان والتهويد،
اليوم صار المشهد أقسى
والأرض .. تضيق تضيق تضيق حتى أن مقبرة تفيض من أطرافها!
تدور تدور بنا الأرض
ونعود إلى المنبع: في ربيع تلك السنة، خرجنا جماعات جماعات إلى الشوارع وأشعلنا الثانويات والإعدادات والجامعات وكل شبر في الحرم التربوي وصحنا كما لو أن ألف ربيع في الحنجرة
كما لو أن القبائل كلها تحيا في صوتنا..
هل كنا نعرف بالضبط ماذا يحدث لنا؟
لا أعرف أنني أعرف حقا، كل ما فيه أننا تلاميذ العصر الطباشيري الأخير رسمنا شارات النصر وبعدها وجدنا أنفسنا في المخافر الرطبة والأسئلة وطرقات آلات الرقن البوليسية تتوالى وسط العتمة والضوء الأصفر المنخفض..
هل كان صوتنا يصل إلى البنفسج البعيد
هل كنا قادرين على أن نرقص النايات على عصافير فوق حبل الحنجرة:
لا أعرف بأنني أعرف: كانت الأرض تخرج من عروقنا إلى الشارع وكنا نلتفت مبتسمين إلى حشود المتظاهرين:
في شهر مارس، كانت الخوذات أعشاش لطيور الدوري في دمنا!
في شهر مارس دخلت أول سجن، كما تنبأت لي قصيدة محمود درويش
ولم أدخل حبا كما يليق ببطل من نشيد.

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 30/03/2024

التعليقات مغلقة.