قراءة غير مناسباتية في خطاب العرش..1/ ماذا ستفعل الحكومة؟

عبد الحميد جماهري

وضع الخطاب الملكي أمام الحكومة ثلاثة عناصر من الأجندة القادمة، في الأفق المنظور: قساوة المرحلة القادمة، شبح الموجة الثانية، والتغطية الاجتماعية..وأموال الصندوق الاستراتيجي للاستثمار لإنعاش الاقتصاد، فماذا سيفعل العثماني وفريقه؟
تحدث ملك البلاد، بكل صدق، وقال إن عواقب الأزمة الصحية ستكون قاسية.. وبذلك، توجه إلى الحقيقة بأصبع لا يرتعش، وبيد لا تتردد في الإشارة إلى اتجاه الغد.
وحررنا ملك البلاد من التقديرات، التي تتفاءل، لا لرغبة في ترصيد ما فعلناه، بل فقط لنقص في المعطيات عن حجم الجائحة.
نحن أمام وضع انتظرنا فيه خطاب ملك البلاد، لكي تكون أمامنا لوحة السياقة بألوانها الحقيقية، لا بتردد العابرين، بل بثوابت الذي يحمل ثقل الماضي والحاضر والمستقبل على كتفيه.
القسوة التي نحن أمامها تحررنا من التردد، ومن التقريبية ومن ضبابية الأفق الذي تحشرنا فيه قرارات لا عمق مستقبلي لها.. ورغبة ملحة في تبسيط الجنون القاتل للوباء، تحدوها إرادة بالكاد مستترة في الظهور، ظهور المنتصرين في حرب مجهولة الملامح ..
يحررنا أيضا من نشوة الصمود الذي أبدعناه، كلنا، بقوة العزيمة والتضامن الوطني، ويعطي لما تحقق، حجمه الحقيقي في الواقع، كما يعطيه وظيفة أخرى، أوسع في الزمن والمكان، ألا وهي وظيفة الكشف عن حجم الخصاص الذي يبتلع ساكنة البلاد.
ومن هنا، بعد القسوة، نواجه : سؤال المابعد؟
ويقدم ملك البلاد الأجوبة التي تستوجبها سياسة الحقيقة، سياسة القسوة، تلك التي لا تعدم أملا وثقة في النفس وصلابة، لكنها مع ذلك قسوة تمليها معطيات المغرب الآن وتوقعات التحول غدا..
سؤال القسوة، كان جوابه الحقيقة، التي تقال للبلاد، والتخوف من المحتمل، من القادم الذي يعرفنا جيدا ولا نعرفه بعد، وهو ما عبر عنه ملك البلاد بالقول «»وضع مخطط لنكون مجندين ومستعدين لمواجهة أي موجة ثانية من هذا الوباء».
وفي بلاغة التلخيص، نكون أمام معادلة جارحة في بساطتها.
»المرحلة القادمة قاسية، والموجة الثانية تستوجب التخطيط والتجنيد والاستعداد.«.
لم يعد ممكنا التعايش مع الأجوبة التقريبية، التي نعالجها في الغالب بالتفكه، أوبالأسى حينا آخر.
مطلوب سؤال كبير في العقل والقلب: ماذا ستفعل الحكومة؟
هذا هو السؤال، وهو مشروع بفعل ما تم وضعه كخطوات متتابعة تضمنتها أجندة الخطاب الملكي:
خطوات اقتصادية
خطوات اجتماعية
خطوة وطنية..تؤطر الكل.
ماذا ستفعل الحكومة في باب الخطوة الاقتصادية ومعني بها» ضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، أي ما يعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام« من أجل إحداث صندوق للاستثمار الاستراتيجي مهمته دعم الأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى بين القطاعين العام والخاص، في مختلف المجالات«؟
ماذا ستفعل الحكومة؟
هل ستكتفي بالتكرار المألوف، حد الضجر لنفس المقومات التي سبق لنا أن استمعنا لها، في انتظار افتتاح الماراطون الانتخابي، بدون أفق سوى الدوران في المغلق والممل، أم ستسعى إلى ما هو أوسع وتضع نفسها في قلب مغامرة مالية وسياسية بنيوية تغير من براديغم الدخول في المرحلة القادمة؟
فهذا أكبر إنفاق عمومي في مغرب العشريتين الأخيرتين.. وهو يتطلب إعادة النظر في فلسفة وأولويات النظام الجبائي، وفي ترتيبات توزيع الثروة المحصلة الآن، وفي تضامن فعال يتجاوز سقف المعتاد منه، في الأوضاع المعروفة، بل حتى في الأزمات المعروفة والمحدودة الأضرار……
يتبع

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 03/08/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *