استعرضتها عروض يوم دراسي بخنيفرة ..سبل وضع حد لمعضلتي الهدر المدرسي وزواج القاصرات بتداعياتهما الثقيلة

تفعيلا لاتفاقية الشراكة والتعاون بين رئاسة النيابة العامة، ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بشأن «إلزامية التعليم الأساسي من أجل الحد من الهدر المدرسي» الموقعة في الفاتح من مارس 2021، احتضنت قاعة الأنشطة بالثانوية التأهيلية أبو القاسم الزياني، بخنيفرة، يوم 15 نونبر 2022، يوما دراسيا لفائدة عدد كبير من تلميذات وتلاميذ المؤسسة، بحضور ثلة من الشخصيات المنتمية للمصالح القضائية والأمنية والتربوية، إلى جانب فعاليات من المجتمع المدني.
اليوم الدراسي المنظم تحت شعار: «محاربة الهدر المدرسي رهين بالتنمية البشرية»، يأتي أيضا في إطار الالتزامات المشتركة في إعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء، وذلك بتأطير ومشاركة رئيسة خلية العنف ضد النساء والأطفال بالمحكمة الابتدائية بخنيفرة، ذة. ابتسام رقاس، وممثل المديرية الإقليمية للتربية الوطنية، رئيس مصلحة الشؤون التربوية، ذ.سيدي محمد النوري، والمنتدب القضائي بالمحكمة الابتدائية ، ذ. عبدالإله ارزوق، إلى جانب الخبيرة في «السوفرولوجيا»، ذة. مارتين لومان.
وتمحورت مداخلة ذة. ابتسام رقاس حول «دور النيابة العامة في حماية التلاميذ ضحايا الهدر المدرسي»، أشارت من خلالها إلى «اهتمام النيابة العامة بالإشكاليات والظواهر الاجتماعية، ومنها أساسا ما يتعلق بمعضلتي الهدر المدرسي وزواج القاصر»، منطلقة من مدونة الأسرة و»الحاجة إلى كسب التنزيل السليم لفصولها»، لافتة إلى «ضرورة اعتماد التعبئة الشاملة للفاعلين الأساسيين وترسيخ قنوات التواصل الدائم معهم، مع تضافر جهود الجميع، والعمل وفق المقاربات التشاركية، من أجل القضاء على العنف»، مذكرة بمجموعة من الاتفاقيات مع الجهات المعنية» لأجل الحد من معضلة الهدر المدرسي الذي يعد سببا من أسباب الزواج المبكر بالنسبة للطفلات»، و«بدراسة تشخيصية تم إنجازها في موضوع الهدر المدرسي وزواج القاصرات»، وقاربت في مضمونها المعطيات القضائية، والأسباب المختلفة المتعلقة بهذه الظاهرة المقلقة، والجوانب الميدانية المرتبطة بواقعها»، مؤكدة «أن خلاصات الدراسة وضعت خطة طريق شاملة لتطويق الظاهرة»، موضحة «تدخلات النيابة العامة في الأمر، وكيف أصبحت هذه المؤسسة القضائية مواطِنة وضامِنة لحقوق الطفل بدل اقتصارها فقط على أساليب الزجر، فضلا عن قيامها بالتدخلات القبلية لاحتواء الإشكالات»، مشددة على «ضرورة الرفع من وتيرة الحملات التحسيسية بالمدارس والفضاءات العامة لضمان استمرارية التمدرس».
ذ. سيدي محمد النوري تطرق إلى «مجهودات مديرية التعليم في محاربة الهدر المدرسي»، موضحا «تأثير المعضلة على المجتمع كآفة تؤدي للعنف والجريمة»، معبرا عن «قلقه حيال ما سجلته اليونسكو بخصوص نسبة الهدر المدرسي ببلادنا، خصوصا بالإعدادي والتأهيلي»، مذكرا بالقانون الإطار الذي صادقت عليه الحكومة بغاية «تكثيف الجهود للحد من نزيف هذه الظاهرة التي باتت تدعو لمقاربات اجتماعية وتربوية»، وبـ «جهود الدولة من خلال ما تقدمه من منح ونقل مدرسي ولوازم مدرسية ودعم مالي واجتماعي لأجل مواجهة الظاهرة وتشجيع الأسر على الحاق أطفالها بمقاعد الدراسة».
المتحدث نفسه سجل تحقيق «تقدم إقليم خنيفرة في مجال التعليم الأولي بنسبة تجاوزت 80 بالمائة»، مشيرا لـ «ذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال الشوارع والمتخلى عنهم وحاجتهم لمبادرات التمدرس، وكذا لمشروع فرصة التعلم الاستدراكي التي تم منحها للفئات المهددة بالتشرد والانحراف،» مؤكدا أن «الواقع» مازال يؤشر على «كون نظامنا التعليمي يشكو مجموعة من الاختلالات»، مستشهدا في ذلك بما أكده وزير التربية الوطنية، في ندوة «خارطة طريق 2022-2026»، «بأن 77 في المائة من التلاميذ لا يستطيعون قراءة نص باللغة العربية، و70 في المائة لا يستطيعون قراءة نص باللغة الفرنسية»، مشددا على ضرورة «استحضار وتشخيص المشاكل قصد إيجاد حلول لها»، و»العمل على الإنصات للتلاميذ في سبيل تمكينهم من مسايرة تعلمهم بشكل أفضل». وبهذا الخصوص أكد أن «نجاح المنظومة التربوية هو نجاح الدولة والمجتمع والمستقبل»، داعيا للاعتماد أكثر على مشاريع المؤسسة و«معالجة المؤسسات في إطار هذه المشاريع المندمجة»، متوقفا عند «تجربة إقليم خنيفرة في نسبة المدارس الجماعاتية (22 مؤسسة) من خلال مبادرات تقليص الفوارق، «لافتا إلى «صعوبة بلوغ أي تنمية منشودة دون احتواء الأرقام المخيفة المرتبطة بإحصائيات الهدر المدرسي».
ذ.عبدالإله ارزوق اختار موضوع: «من التنمية البشرية إلى التنمية الذاتية»، من خلال التمهيد ل «المقاربة السوفرولوجية»، مؤكدا على «ضرورة توفير ما ينبغي من الأدوات لملامسة رغبات التلميذ، والبحث أكثر عن مقاربات ميدانية وعملية، وبلورة المعايير الممكنة على ضوء المؤشرات الملموسة»، مفككا «مفاهيم التنمية ذات المنحى الاخلاقي والتنمية من الوجهة الاقتصادية، وكذا الانتظارات القاعدية والمركبة، والقدرات على التحكم والتعبير الحر، وكذا المهارات الادراكية»، ليختم مداخلته ب»استحالة أية تنمية بشرية إلا بالانطلاق من التنمية الذاتية وفق المقاربة السوفرولوجية».
عرض الخبيرة مارتين لومان، تمحور حول «أهمية السوفرولوجيا في التنمية الذاتية للتلميذ»، مستعرضة «مفهوم ومنافع هذا العلم الذي يمكن لأي شخص ممارسته في أي مكان وزمان، ومدى مساعدته على تعزيز تناغم الفكر والجسد، والتحكم بالأفكار والانفعالات، وعلى الاسترخاء والتحمّل، واستعادة التركيز والحفاظ على الهدوء الذاتي»، وفي الوقت ذاته دعت ذة. لومان الحاضرين للقيام ببعض التمارين الحركية، ومساءلتهم عما شعروا به بعد قيامهم بهذه التمارين، ومدى خلقها الانسجام بين العقل والجسد وتعزيز الطمأنينة والارتياح.
وعن هذا «العلم الجديد «بالنسبة لغالبية الحاضرين والمستفيدين من اليوم الدراسي، تم استعراض «أصوله ومنافعه في تدبير الانفعالات السلبية، وفي مواجهة القلق والاكتئاب والأرق والتوتر النفسي وغيرها من الاضطرابات التي يعاني منها الكثيرون»، علما بأن هذا العلم بات من المواد التي يتم تدريسها في عدد من المدارس والجامعات الأوروبية والأمريكية، وهو علم وضع أسُسَه، عام 1960، الطبيب النفسي والمختص في الأمراض العصبية، الكولومبي ألفونسو كايسيدو.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 21/11/2022