الدولة الوطنية والبعد الامبراطوري في ملكية محمد السادس -18- الحسن الأول وجد المختار السوسي: نهاية خادم من خدام السلطان

كتاب «حياكة (خياطة) الزمن السياسي في المغرب: خيال الدولة في العصر النيوليبرالي..» للباحث والجامعي محمد الطوزي كتاب رفيع وتوثيقي وجد جريء في تقديم أطروحته العميقة حول الدولة المغربية. وهو عمل طويل النفس تطلب من الباحث والمفكر محمد الطوزي ورفيقته في العلم والتنقيب التاريخي بياتريس هيبو، ثلاثين سنة من العمل تخلله البحث الميداني والحوارات والقراءات في الوثائق والاحداث إلخ… ونزعم أن في الكتاب أطروحة متكاملة وبنيوية لتاريخ الدولة فيها عناصر لم يسبقه إليها أحد، حسب ما اطلعنا عليه من مقاربات بشكل متواضع طبعا وطبعا.

في العاشر من يونيو 1886 توصل الطالب برسالة من أحد أعوان المخزن يخبره فيها بأنه استشار السلطان بخصوص عقد عدلي يتعلق بتحكيم قام به الطالب لعرضه على السلطان كي يضع عليه خاتمه بالترخيص إضافة إلى طلب ظهير بالتوقير والاحترام لفائدة اثنين من أصدقائه. وقد كان رد السلطان عن طريق خادمه جافا، وهو أن أعراف القصر لا تنص على التوقيع على عقود العدول الخاصة، أما في ما يخص طلب الظهير فإن الرسالة تقول إن الأول يرد في ظهير مسلم إلى شقيقه ورفض الثاني، وينهي العون الملكي رسالته بالقول بأنه يعيد الوثيقتين المرسلتين إلى السلطان من طرف الطالب، ونرى أن الأسلوب تغير في هذه المجموعة الأخيرة من الرسائل، وحتى وإن كان الطالب يوصف دوما بصديقنا المبارك ويحتفظ بمكانة متميزة باعتباره وسيطا له مصداقية من شأنه الحصول على امتيازات لفائدة أصحابه، فالردود مقتضبة وأحيانا رافضة له. والرسالة الأخيرة التي علمنا بها مؤرخة بـ23 نونبر 1898 تحت حكم السلطان عبد العزيز، ونرى أن الكثير من الأشياء تغيرت، والدولة فرضت سطوتها على المناطق البعيدة، وهذه المرة لا يملك الطالب الوصول المباشر إلى السلطان، حيث أن خادما بسيطا من خدام المخزن هو الذي يستلم المراسلة التي تطلع السلطان على أن المستخلصات(لعشور) التي كانت تسلم له عادة من طرف ساكنة المعادير لم تعد تسلم له، لأن المخزن قد عين أحد خدامه لاستخلاصها لفائدة الخزينة، ويرد الخادم بأن السلطان أخبر بالأمر وأنه يطلب منه مجموع المبلغ الذي يطلبه، ويبدو من خلال التبادل بأن صاحبنا الطالب لم يعد ذا نفع كبير، ولكن السلطة تحتفظ به في وصفه الاعتباري بدون منحه مع ذلك رخصة جمع الضريبة. وكما هو أمر حسين في زمانه، لا يريد السلطان إهانة خادمه ولا أن يصنفه نهائيا في خانة خصوم المخزن المنسيين، بدون أن ينكر إرساله لخدمه من أجل تحصيل (لعشور)، والتي صارت تسمى من بعد «ترتيب» بعد الإصلاح الجبائي، فإن السلطان يبدي بعضا من العناية بطلب المبلغ الذي ضاع فيه، ولا ندري ما إذا كان قد عوضه أم لا، ولكن المؤكد هو أن المختار السوسي ينهي بيوغرافيا جده من والدته بالقول إنه لم يمت غنيا جدا..


الكاتب : عرض وترجمة عبد الحميد جماهري

  

بتاريخ : 12/04/2023