المخيمات الصيفية بين المساواة والعدالة

جميل بلا شك ولا أدنى ريب أن القطاع الوصي على الطفولة عامة، والمخيمات خاصة حين اختار الإطعام الفردي بدل الطريقة الكلاسيكية كان يسعى لتحقيق الشفافية والمساواة والتحكم في حكامة الصفقات المرتبطة بالتغذية والإطعام، نحن صفقنا لهذا الخيار الحداثي الذي تبين لنا أنه يضمن الكرامة والشفافية، نعم صفقنا و اعتبرناه انجازا كبيرا وتحولا تربويا يبشر بتحولات متوقعة…
لكن… الرؤية شيء وواقع التدبير أمر إخر… وله إكراهات تفرزها التجربة والتنزيل…
نعم… المساواة في التغذية قد تبدو من الوهلة الأولى هي أن يتقاسم أطفال المخيم الحصة نفسها… هذا ما تعنيه المساواة الناقصة أو الذي لا تحتكم للفوارق الفيزولوجية والعمرية بين الأطفال…
المساواة… لا تعني حصة غذائية موحدة لا تأخذ بعين الاعتبار حاجيات كل طفل وطباعه الغذائية ورغباته حسب سنه ووزنه….
إنها مساواة تجهض العدالة…
فالمساواة التي تحقق العدالة… هي التي تستحضر الفوارق بين الأطفال سنا وجسديا ووجدانيا…
ما العمل هل نعود للإطعام التقليدي…؟
الحقيقة أن الإطعام التقليدي شبه الجماعي كان يمكن مدرب الفريق الذي يعرف أطفاله حق المعرفة من التوزيع العادل، لا التوزيع بمنطق المساواة الناقص، وكانت العلاقة بين المدرب وفريقه تتأسس على الثقة والأمان، ويالتالي كان الطفل يطلب حسب حاجاته دون خجل ولا حرج…
الإن نحن أمام سؤال جديد… فرزته التجربة… هل يمكن الإيمان بالمساواة في الإطعام وتوحيد الحصص والدعم عن طريق الوجبة الفردية في وجود فوارق عمرية وفيزيولوجية ومزاجية، بحجة الشفافية والحداثة أم علينا اختيار طريق ثالث يضمن العدالة لا المساواة التي قد تجوع البعض وتعطي البعض أكثر من حاجاتهم..؟ سؤال يفتح باب الاجتهاد… فالتجربة الغربية عملت ب « البيفي» والخدمة الذاتية فحققت العدالة من منطلق الفوراق والرغبات والحاجيات الحقيقية…
لنفكر معا….


الكاتب : محمد قمار