تعيش وضعا متردّيا وإهمالا كبيرا..ساكنة فاس تطالب بإعادة الروح إلى غابة عين الشقف

على بعد حوالي خمس كيلومترات من فاس، تطالعك غابة عين الشقف، التي تعتبر الخزان الرئيسي للأوكسجين لساكنة المدينة، والتي تبلغ مساحتها46 هكتارا، وتضم مجموعة هامة من أشجار الصنوبر الحلبي والأوكاليبتوس والأكاسيا والسدر وغيرها، بالإضافة إلى بعض النباتات العطرية، والتي تعدّ من المناطق الرطبة على المستوي الوطني، مما يجعلها مكانا مفضلا لعدد من الطيور الموسمية .
غابة، ونظرا لجماليتها وطقسها البارد صيفا، فإن عددا كبيرا من سكان فاس وقاطنيها يقصدونها كل عطلة أسبوعية للتمتع بطبيعتها الخلابة وخرير مياه نهرها الذي ينساب رقراقا وسطها، كما أنها تعد محجا لهواة الرياضة الذين يقصدونها كل صباح باكر لممارسة رياضة المشي، حيث سبق لمندوبية المياه والغابات بفاس أن خصصت ميزانية هامة قصد تهيئة هذه الغابة الحضرية، وذلك بتخطيط ممرات لهواة الرياضة مع تشوير المسافات التي يمكن أن يجتازها كل رياضي حسب طاقته البدنية، كما أقيمت في وسطها طاولات خشبية خاصة بالمتنزهين لتناول الأطعمة، بالإضافة إلى بعض الآليات الرياضية ومراحيض ومحطة لوقوف السيارات. خطوات ينضاف إليها كذلك العمل الذي تقوم به مصلحة المياه والغابات التي تسهر على نشر الأمن داخلها بواسطة فرق من الخيالة لحراستها ليلا ونهارا، ولعل هذه التجهيزات والحراسة الدائمة هو ما يشجع سكان فاس والجمعيات الثقافية المهتمة بالطفولة للتوجه نحوها إذا بلغ عدد زوارها في السنوات الفارطة حوالي 80 ألف زائر.
معلمة بيئية، تعيش اليوم وبكل أسف وضعية متردية، بفعل الإهمال الذي طال تجهيزاتها، إذ كسرت جل الطاولات وتلاشت الأعمدة الخاصة بعلامات التشوير وأغلقت مراحيضها، وأخذ الغبار يتصاعد من أرضها كل ما هبت رياح مهما كانت ضعيفة، وتراجع منسوب مياه نهرها، كما تم إغلاق مخيمها الذي كان ملاذا للسياح الأجانب والمغاربة الذين يفضلون الهدوء والابتعاد عن ضوضاء المدينة. تقهقر جعل حتى الطيور الغناء تهجرها، وازداد الوضع ألما بعد أن زحف الاسمنت نحوها من كل أرجائها، حيث أقيمت بمحيطها عدد من التجزئات السكنية وأصبح من الصعب الوصول إليها وخاصة من الراغبين في زيارتها من مختلف المدن المغربية.
غابة بتاريخ عريق، أضحى حاضرها يبعث على الألم، ويكفي في هذا الإطار استحضار ما صرّح به إعلاميا في وقت سابق مسؤول القطاع الغابوي بالمديرية الجهوية للمياه والغابات بفاس، حين أوضح أن أشجار غابة عين الشقف غرست بين سنوات 1930 و 1951 ، والذي شدد على أن تطبيق النموذج التقليدي لغرس الغابات من خلال قطع الأشجار الهرمة واستبدالها بشتائل أخرى هو غير مناسب لكون غابة عين الشقف تتميز بالطابع الترفيهي، الشيء الذي يتطلب صيانتها باستمرار وتطويرها وتأهيلها لاستقبال مستدام للجمهور من أجل الترفيه والمشي والتثقيف البيئي. وللإشارة فقد سبق للمديرية الإقليمية للمياه والغابات أن أبرمت اتفاقية شراكة سنة 2019 مع عمالة إقليم مولاي يعقوب ومجلسها الإقليمي بقيمة 399 ألف درهم لضمان استدامة الغابة وتعزيز طاقتها الاستيعابية عن طريق تطوير مرافقها وتعزيز الجانب الأمني والوقاية من الحرائق واليقظة الصحية والنباتية وتعزيز التوعية البيئية وإنشاء مركز لذلك للوعي بأهمية الغابات في حياة المواطنين .
وأمام هذا التدهور الذي عرفته هذه الغابة الرائعة، فإن سكان فاس عامة وروادها خاصة، يطالبون بتحيين الاتفاقية السابقة مع عمالة مولاي يعقوب ومجلسها الإقليمي لإعادة هيكلة المرافق الرياضية والمراحيض والتشوير والآلات الرياضية وتنظيف نهرها وكل ما تتطلبه الغابات الحضرية من صيانة، بالإضافة إلى العمل على محاصرة الزحف الإسمنتي الذي طالها.


الكاتب : محمد بوهلال

  

بتاريخ : 05/10/2023